أكد الاقتصادي بوزيان مهماه ان صادرات الجزائر إلى المغرب أعلى بثلاثة أضعاف مشيرا إلى أن المخزن أضر بالشعب المغربي ويزداد عزلة، فيما يتطلب بناء مغرب عربي جديد مراجعة بنية التجارة الخارجية البينية. عن سؤال ل «الشعب» حول التداعيات الاقتصادية لقطع العلاقات بين الجزائر والمغرب، ماذا نخسر وماذا تخسر المنطقة، أكد بوزيان مهماه ان المغرب أمام ارتدادات سلبية سيكون لها أثرا كبيرا على اقتصادها، فبلغة الأرقام تمثل صادرات الجزائر نحو المغرب أعلى من نظيرتها المغربية نحوها ب 3,24 أضعاف، بينما سيجفف توقف تدفق الغاز الجزائري عبر أنبوب الغاز المغاربي–الأوروبي الإتاوات المحصل عليها في المغرب خاصة وأنها لا تقل عن مليار درهم مغربي. استحضر الباحث والمستشار في شؤون الطاقة بوزيان مهماه في قراءته للتأثير الاقتصادي لقطع الجزائر علاقاتها مع المغرب، تقرير أعده فريق من خبراء صندوق النقد الدولي نشر سنة 2018، معنون ب «الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي، مصدر للنمو لم يستغل بعد»، حيث سجل هذا التقرير تراجعا في درجة الانفتاح التجاري عبر جميع بلدان المغرب العربي، في السنوات الأخيرة، كما سجل تفاوتا كبيرا بين بلدان منطقة المغرب العربي في درجة التركّز السوقي، بخلاف كلّ من المغرب و تونس، أين تصدر بقية البلدان المغاربية مجموعة قليلة من المنتجات نحو بعضها. تساقط تسلسلي للاقتصاد المغربي وقال مهماه ان التقرير يعطينا صورة واضحة عن طبيعة الارتدادات السلبية التي ستهز الاقتصاد المغربي كنتيجة طبيعية لقطع الجزائر علاقاتها معه، فالمغرب سيفقد أسواقا ما يضعه أمام حالة توسع لفقد أسواقٍ أكبر لصادراته في المنطقة المغاربية، كأشبه ما يكون بحالة تساقط تسلسلي، في حالة توجه الجزائر إلى هندسة مغرب عربي جديد لا يكون عضوا فيه، ما سيعيد تخطيط بنية التجارة الخارجية البينية داخل المنطقة المغاربية. كما ينبغي أن ندرك بأن مساهمة المغرب في التجارة البينية داخل منطقة المغرب العربي، هي في الأصل تعدّ الأضعف ضمن بنية مجموع الصادرات الخارجية له خارج المنطقة، هكذا وصف المختص الطاقوي حجم التبادلات التجارية للمغرب مع الدول المغاربية، فحجم الصادرات المغربية مع تونس تمثل الربع في «ميزان التبادل التجاري البيني» مقارنة مع نظيرتها التونسية معه، وتمثل أقل من النصف في «ميزان التبادل التجاري البيني» مع الجزائر مقارنة مع (تونس، ليبيا، موريتانيا، والمغرب)، كما أن التجارة البينية للمغرب في المنطقة هي أدنى من متوسط قيمة التجارة البينية لكامل منطقة المغرب العربي، بل هي تمثل نصف هذا المتوسط. وفي ذات السياق يعتقد مهماه بأن نظام المخزن المغربي مقبل على عزلة اقتصادية في المنطقة يزداد حجمها أكثر بعد الآن، فالمراجعة الجذرية للعلاقات الدبلوماسية سيعيد المغرب الى الوضع الذي يستحقه، لأنه لا يستحق كل تلك المعاملات التفضيلية الاقتصادية التي حظي بها، ولا كل الفضائل الاقتصادية التي يتمتع بها. ويرى الخبير ان نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للاستثمارات، حيث نجد حاليا تدفقات الاستثمار المباشر لمجموع دول المغرب العربي الذي جرى توطينه في المغرب تمثل 0,01% من مجموع التدفقات الاستثمارية المباشرة المتأتية إلى داخل المملكة المغربية، وهذا ضعيف جدا، لذلك السؤال الجوهري، هو ماذا ستفقد المنطقة من استثمارات في وضع بائس كهذا 0,01 % هو رقم مهمل أصلا، لذلك فحسابه في الفقد كذلك سيكون مهملا أيضا. وفي المقابل – حسب المتحدث -نجد تدفقات الاستثمار المباشر المتوجهة من المغرب نحو مجموع دول المغرب العربي هي في مستوى 2,1%، أي أن المغرب يستأثر بمفرده بالاستثمار الخارجي في منطقة المغرب العربي ب 210 ضعف مقارنة مع إجمالي الاستثمارات المتدفقة نحوه والمتأتية من مجموع الدول المشاركة له في فضاء المغرب العربي. أيضا حين نستحضر طبيعة «الصادرات البينية» في المنطقة لكل من الجزائر وليبيا وموريتانيا، سنجد بأن الجزائر وليبيا، تمثل المحروقات 90 % و98 % من مجموع «الصادرات البينية» على التوالي، أما صادرات موريتانيا فتتكوّن في الجزء الأكبر منها من السلع الأولية، مثل المعادن والفلزات والأسماك، بينما تتوزع الصادرات المغربية على الصناعة التحويلية والماكينات وقطع غيار المعدات والمنتجات الزراعية والخدمات السياحية والخدمات المالية والطبية. مداخيل الإتاوات لا تقل عن مليار درهم مغربي يؤكد مهماه ان قطع العلاقات سيتسبب في تداعيات وخيمة على الاقتصاد المغربي، مرجعا السبب الى أن دائرة الصادرات المغربية المتنوعة ستبدأ أولاً في فقدِ سوقها الجزائرية كما أنه بإمكانها أن تفقد أهم شيء يأتيها من الجزائر وهو الغاز الطبيعي، حيث سيخسر إمداده بكمية مضمونة وموثوقة من الغاز تقدر على الأقل ب 600 مليون متر مكعب سنويا، كما سيفقد المغرب مداخيل مهمة من «الإتاوات» التي يأخذونها من الجانب الإسباني كحقوق عبور للغاز الجزائري عبر خط «أنبوب الغاز المغاربي–الأوروبي العابر للأراضي المغربية. فهذه الإتاوات المدفوعة للمغرب كانت قد ارتفعت مثلا في سنة 2018، كنتيجة لارتفاع صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا، والتي جرى ضخها عبر خط «أنبوب الغاز المغاربي–الأوروبي»، فقد زادت الإتاوات المدفوعة للمغرب مقارنة مع سنة 2017، حسب ما أعلنته الخزينة العامة للمملكة المغربية، حيث بلغت قيمة هذه الإتاوات 1,53 مليار درهم أي 0,170 مليار دولار في نهاية عام 2018، زيادة ملحوظة مقارنة بعام 2017، عندما جمعت المملكة المغربية 1,01مليار درهم أي 0,112 مليار دولار. هذه الزيادة جاءت كنتيجة آلية لزيادة كميات الغاز التي تمّ ضخها عبر هذا الأنبوب، لتتراجع الإتاوات التي حصل عليها المغرب في سنة 2019 على خط أنابيب الغاز بين المغرب العربي وأوروبا بنسبة 9,5% في نهاية الربع الأول من سنة 2019، مقارنة بنفس الفترة من عام 2018، لذلك الخلاصة الواضحة بمقارنة هذه الأرقام هي ان توقف تدفق الغاز الجزائري عبر هذا الأنبوب سيجفف الإتاوات المحصل عليها والتي لا تقل عن مليار درهم مغربي. وفي تحليله لأرقام حجم التبادل التجاري بين الجزائر المغرب، أوضح انها تشير إلى أن التبادل التجاري كان قد بلغ 567 مليون دولار في سنة 2020، نسبة صادرات الجزائر نحو المغرب أزيد من ثلاثة أضعاف نظيرتها المغربية نحو الجزائر تحديدا ب 3,23 ضعف، بينما كان حجم هذا التبادل التجاري 674 مليون دولار في سنة 2019 صادرات الجزائر نحو المغرب أي أعلى من نظيرتها المغربية نحوها ب 3,24 ضعف، متراجعا عن قيمة 916 مليون دولار في سنة 2018 حيث كانت صادرات الجزائر نحو المغرب أعلى من نظيرتها المغربية ب 4,26 ضعف. فيما يمثل مورد الغاز الطبيعي الجزائري الحصة الغالبة في حجم الصادرات الجزائرية نحو المغرب وقيمتها، فلو يتوقف ضخ الغاز الجزائري نحو المغرب ستتضاءل أرقام كامل حجم التبادل التجاري، ما يجعل الجانب المغربي سيفقد وستتضاءل صادراته أكثر نحو الجزائر. لم يصل رد الجزائر إلى «فرض عقوبات اقتصادية» وأبان الخبير الاقتصادي ان قرار الجزائر القاضي ب «قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب»، بداية من ال24 أوت 2021 الماضي، لا يعني البتة «أن يتضرر المواطنون بين البلدين» أو أن تتعطل مصالحهم، فالجزائر لم تصل في ردها على « الأعمال العدائية والدنيئة للمملكة المغربية ضد الجزائر» إلى درجة «فرض عقوبات اقتصادية على المغرب». «الموقف الجزائري الحازم هو موقف واضح ومسؤول وغير ملتوي أو مخادع»، هكذا وصف مهماه القرار، فقطع العلاقات الدبلوماسية وفقا للقرار الجزائري لا يعني بالضرورة قطع العلاقات القنصلية، التي تمثل أداة متابعة مصالح رعايا ومواطني «الدولة المقطوعة العلاقات معها»، حتى وإن كان وارد قطعها كذلك، في حالة تمادي «نظام المخزن في أعماله العدائية تجاه الجزائر». وفي الوقت نفسه، أوضح المتحدث ان الجزائر من الدول التي تولي للمقررات الأممية أهميتها اللازمة وتعنى باحترام القانون الدولي في مجال العلاقات الدولية وحقوق الإنسان ونفاذ الاتفاقيات الدولية، لذلك قد تبقى العلاقات القنصلية قائمة أحياناً رغم القطيعة الدبلوماسية. كما يمكن أن تسند «رعاية مصالح» تلك «الدولة المقطوعة العلاقات معها» إلى بلد آخر أو طرف ثالث، كما أن القطيعة الدبلوماسية لا تعني منع سفر مواطني الدولة المعنية في اتجاه الدولة الأخرى، حتى مع وجود قرار سيادي بغلق الحدود مع هذه «الدولة المقطوعة العلاقات معها»، هذا التأسيس مهم جدا لتوضيح الموقف الجزائري السيد والسيادي والمشروع والمؤسس والذي يحترم المواثيق الدولية أيضا. على هذا الأساس، صرّح مهماه بأن مصالح المواطنين من الجانبين محفوظة من جانب الجزائر، والجزائر ملتزمة بالحفاظ على هذه المصالح، سواء أكانت ذات بعد اجتماعي أو تجاري أو اقتصادي، على الرغم من أن المصالح الاقتصادية للشعب المغربي قد أضر بها نظام المخزن المغربي أساسا.