في أقل من عام ونصف تحوّلت أسعار الغاز الطبيعي المسال من قيعان قياسية إلى قمم قياسية مع تأثر السوق في البداية بتداعيات الجائحة وعجزها الآن عن مواكبة الانتعاش العالمي في الطلب. قفز الطلب بفضل النمو الاقتصادي، إضافة إلى شتاء بارد في نصف الكرة الأرضية الشمالي تلاه صيف قائظ، في حين تعثرت الإمدادات بسبب مشكلات الإنتاج. ووفقا ل«رويترز"، أدت القيود والانقطاعات الأخيرة للكهرباء في شتى أنحاء الصين بسبب نقص الفحم إلى تفاقم المنافسة بين آسيا وأوروبا على تأمين مصادر الطاقة. ودفع ذلك أسعار الغاز الطبيعي المسال لتبلغ 34 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية هذا الأسبوع، مقارنة بأقل من دولارين للمليون وحدة في ماي 2020، بينما قفزت أسعار الغاز الأوروبية 300 في المائة منذ بداية هذا العام. لا تزال مخزونات الغاز شحيحة للغاية في أوروبا وآسيا واللتين تمثلان معا 94 في المائة من الواردات العالمية للغاز الطبيعي المسال وما يربو على ثلث الاستهلاك العالمي. ويعمل معظم منتجي الغاز الطبيعي المسال الرئيسين بكامل طاقتهم أو قريبا منها وخصّصوا أغلبية شحناتهم لعملاء محددين، ما يترك فرصة ضئيلة لإصلاح الوضع في الأجل القصير. ووفقا للاتحاد الدولي للغاز، من المتوقّع توافر 8.9 مليون طن سنويا فقط من إجمالي 139.1 مليون طن سنويا من طاقة التسييل الجديدة المزمعة في 2021. وتأخرت السعة الإضافية بسبب قيود التنقلات الرامية للحدّ من انتشار كوفيد - 19، التي أوقفت أو عطلت أعمال البناء والصيانة في عديد من المواقع الرئيسة بما في ذلك إندونيسيا وروسيا خلال العام الماضي. وأظهرت بيانات رفينيتيف أنه منذ بداية العام، تمّ تحميل 288.1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال للتصدير على مستوى العالم بزيادة 7 في المائة فقط عن الفترة نفسها من العام الماضي. ربما يجد المشترون صعوبات في شراء ما يكفي من الغاز من أجل إعادة تخزينه واستخدامه، وأدى ضعف الرياح في أوروبا أخيرا إلى زيادة استخدام محطات الكهرباء هناك للغاز، فيما يتمّ ترشيد استخدام الطاقة بالنسبة للصناعات وبعض المناطق السكنية في الصين، ما أدى إلى قفزة في واردات الغاز الطبيعي المسال. وتشير التوقّعات الحالية للمدى البعيد إلى شتاء معتدل في أغلب أنحاء آسيا هذا العام، لكن الأسواق تخشى أن تكرارا لموجة البرد، التي حدثت في 2020-2021 ربما يؤدي إلى فورة شراء مماثلة لتلك، التي حدثت في شهر جانفي وأدت إلى زيادة الأسعار. خفض منتجو الغاز الطبيعي المسال الإنتاج والشحنات خلال صيف 2020، وهو ما كان له تأثير مطول في مخزونات الغاز العالمية. وتسبب الشتاء قارس البرودة في 2020-2021 في نقص الإمدادات لدى كثير من مزودي الكهرباء، وأطلق زيادة في الطلب الفوري وقلص مخزونات الغاز بدرجة أكبر، بينما أبطأت القيود اللوجستية أوقات التسليم.