تتواصل عملية التحالفات السياسية بجل المجالس البلدية والولائية، التي لم تحسم نتائجها بأغلبية مطلقة لصالح التشكيلات السياسية أو القوائم المستقلة، تبعا لنتائج انتخابات تجديد المجالس المنتخبة التي جرت في نوفمبر الماضي، في منافسة بين الفائزين، للظفر بمنصبي الرئيس ونائبه، وتبقى كل الاحتمالات مفتوحة أمام الجميع، على أن يسدل الستار عنها قبل يوم التنصيب. ستكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة للأحزاب التي تحصلت على أقل من 50 بالمائة زائد واحد، على خلفية أنّ قانون الانتخابات العضوي يقرّ بأنّ من تحصل على أكثر من 35 بالمائة ستُتاح له الفرصة من أجل ترشيح رئيس البلدية ونائبه، والدخول في تحالف يتيح له الأغلبية ليتم تزكية مرشحهم من قبل الأعضاء، ما يعني أنّ المسألة تبقى مفتوحة أمام التكتلات. وحسب النتائج المؤقتة للانتخابات المحلية، فإنّ أصحاب المراكز الأولى الذين فازوا بأغلبية مطلقة، سيفتكون منصبي الرئيس والنائب، بينما ستكون أكثر من ألف بلدية أمام رهان التحالفات من أجل تعيين "الأميار" ونوابهم، وتحسم في مدة ثمانية أيام بعد إعلان النتائج النهائية، حسب ما تفيد به التعديلات الواردة على قانون البلدية. وتقول المادة 64 من هذا الأخير، على أن الوالي "يستدعي المنتخبين قصد تنصيب المجلس الشعبي البلدي خلال الثمانية (8) أيام التي تلي إعلان النتائج النهائية للانتخابات"، وهو ما يتيح للمنتخبين الدخول في سباق محموم من أجل عقد تحالفات توصلهم الى مكتب "المير". وتكشف النتائج المؤقتة التي أعلن عنها رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، نهاية الأسبوع الماضي، أن حزب جبهة التحرير الوطني، حلّ في الصدارة متبوعا بالتجمع الوطني الديمقراطي ثم القوائم الحرة، حيث حصد "الأفلان" 5 آلاف و972 مقعد في 124 بلدية بأغلبية مطلقة عبر 42 ولاية، فيما بلغ عدد البلديات التي فاز فيها بأغلبية نسبية 572 بلدية عبر 55 ولاية. ويليه التجمع الوطني الديمقراطي، صاحب 4584 مقعد، فاز بالأغلبية المطلقة: 58 بلدية عبر 27 ولاية، وبأغلبية نسبية عددها 331 بلدية عبر 27 ولاية، أما عن الأحرار، فحصلوا على 4430 مقعد، وأغلبية مطلقة في 91 بلدية عبر 24 ولاية، وأخرى نسبية 344 بلدية عبر 48 ولاية. وفي المرتبة الثالثة، جاءت القوائم المستقلة ب 4430 مقعد، بأغلبية مطلقة في 91 بلدية ونسبية في 334 أخرى. وحلّت جبهة المستقبل في المركز الرابع ب 3262 مقعد، محققة أغلبية مطلقة في 34 بلدية ونسبية في 228 بلدية، تليها حركة البناء الوطني ب 1848 مقعد، محققة أغلبية مطلقة في 17 بلدية وأخرى نسبية في 125 بلدية. وجاءت حركة مجتمع السلم في المرتبة السادسة ب 1820 مقعد في المجالس الشعبية البلدية، مستحوذة على الأغلبية المطلقة في 10 بلديات، فيما تحصلت على أغلبية نسبية في 101 بلدية. وتخضع مسألة اختيار رؤساء المجالس الشعبية البلدية ونوابهم للنتائج المتحصل عليها في كل بلدية، ففي حال حصد أغلبية مطلقة للمقاعد، فإن الأمر يُحسم لأصحابها، أما إذا تحصل أي طرف على أغلبية تفوق 35 بالمائة، فإن حسم المسألة سيكون عبر التحالفات، ومن يفوز بالرئاسة سيفتك عهدة دائمة لخمس سنوات، خلافا لما كان سابقا، حيث منع قانون الانتخابات التجوال السياسي على مستوى كل المجالس المنتخبة، ما يعني نهاية عهد التحالفات بعد تنصيب المجلس. وتنص المادة 65 من قانون البلدية، بأنه يقدم المترشح للانتخاب لرئاسة المجلس الشعبي البلدي من القائمة الحائزة على الأغلبية المطلقة للمقاعد، وفي حالة عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة للمقاعد، يمكن للقائمتين الحائزتين على خمسة وثلاثين في المائة (35%) على الأقل من المقاعد تقديم مرشح. أما في حالة عدم حصول أي قائمة على خمسة وثلاثين في المائة (35%) على الأقل من المقاعد، وفق ما جاء في الامر ذاته، فيمكن لجميع القوائم تقديم مرشح عنها، في الوقت الذي أقر فيه التعديل السادس إعلان فوز المترشح الاكبر سنّا في حالة تساوي الأصوات المحصل عليها. وحسب تصريحات استقيناها من فائزين في المحليات، بعد إعلان النتائج المؤقتة من قبل سلطة محمد شرفي، فإنّ عملية التحالفات وإن كان الهدف منها هو الظفر برئيس المجلس الشعبي البلدي أو الولائي، فان انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة التي تجري نهاية الشهر الجاري، حيث من المنتظر أن يستدعي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أعضاء الهيئة الناخبة المشكلين لأعضاء المجالس البلدية والولائية، هي الهدف الأكبر بالنسبة للمنتخبين الذين يعولون على الترشح لعضوية "السينا" لمدة ست سنوات قادمة، خاصة وأن الكثير منهم دخلوا المعترك الإنتخابي من أجل هذا الأمر. وقال أحد الفائزين بإحدى المجالس الشعبية البلدية بالعاصمة محسوب على حزب جبهة التحرير الوطني، (تحفّظ عن ذكر اسمه)، ل "الشعب"، إن "الغاية من لعبة التحالفات الأكبر هي انتخابات مجلس الأمة، حيث تريد الأحزاب التقليدية على غرار "الأفلان" و«الأرندي" الحفاظ على مكانتها في الغرفة الأولى للبرلمان، بعدما ضمنت التشريعيات والمحليات، حيث لم تتغير الخارطة السياسية في البلاد كثيرا ببقاء تلك الأحزاب تهيمن على المشهد السياسي. فيما تحدّث فائز آخر عن استعمال كل طرق الإغواء في التحالفات منها المال السياسي، واستعمال نفوذ تلك الأحزاب التقليدية في أغلب مناطق الوطن، مثل إشهار أوراق العروشية والقبلية، وحتى تغلغلها في الإدارات، ولما لها من "سلطة خفية"، في قلب موازين المعادلة الانتخابية.