أجمع عدد الخبراء المختصين في الدراسات الاقتصادية والاستشرافية على «أهمية الاستثمار في مشاريع تحلية مياه البحر كخيار استراتيجي للجزائر لمواجهة ظاهرة الجفاف وشح الأمطار التي تعرفها منطقة حوض المتوسط، وبالتالي ضمان أمن المياه مستقبلا الذي تحول وفق تصورهم إلى إشكالية عالمية نوقشت في عدة ملتقيات دولية ووصلت حد النزاعات بين عدد من الدول الإفريقية، بالنظر إلى أهمية هذه الثروة في استمرار الحياة وعجلة التنمية الاقتصادية. ثمن الخبير الاقتصادي عرقوب والي قرار رئيس الجمهورية الذي دعا إلى ضرورة الإسراع في انجاز وتجسيد مشاريع محطات تحلية مياه البحر لمواجهة حجم الطلب المتزايد وتراجع مصادر التمويل المختلفة خاصة المياه السطحية بسبب تغير الظروف المناخية، حيث وصف القرار «بالحكيم والضروري من أجل الإسراع في إيجاد حلول بديلة ومستدامة لضمان تزويد المواطنين بمياه الشرب في المدن الكبرى كالعاصمة، وهران، قسنطينة التي تعرف أزمة توزيع حقيقية. أضاف الباحث «أن الخطة أو البرنامج المسطر من قبل الحكومة على الأمد القصير يهدف إلى رفع نسبة التزود من محطات تحلية مياه البحر من 17 إلى 60 بالمائة، مطلع سنة 2023 بالنسبة للعاصمة كمشروع أنموذجي، على أن ترتفع النسبة في مرحلة ثانية لتصل إلى 100 بالمائة سنة 2030، وكل هذا بهدف تحقيق الأمن المائي وإيجاد بدائل دائمة استجابة لحجم الطلب المتزايد الناجم عن ارتفاع عدد السكان بالمدن الكبرى». كما أكد الباحث «أن هذه الإستراتيجية المسطرة من قبل الحكومة لانجاز خمس محطات تحلية وبالرغم من تكاليفها الكبيرة والوقت الذي ستأخذه في عملية التجسيد، إلا أنها فعالة وضرورية بالنسبة للجزائر مستقبلا لمواجهة أزمة المياه، وعليه فهي من الحلول المستدامة التي يجب التفكير فيها بجدية وحكمة، لعدم تكرار أزمة السنة الماضية التي كانت بمثابة إنذار لقطاع الموارد المائية للتحرك والبحث عن حلول أخرى مستعجلة». وعن قرار التخلي عن عملية استغلال المياه الجوفية ووقف حفر الآبار الارتوازية لتدعيم شبكة التوزيع، أشار الخبير الاقتصادي يعقوب والي بالقول: «أن المياه الجوفية على أهميتها تبقى دائما خيارا مؤقتا وظرفيا قد تلجأ إليه الدولة في أي وقت في حالة العجز أو الخطر من حدوث أزمة كبيرة، لكنها ليست حلا استراتيجيا يمكن الاعتماد عليه في مواجهة مشكل المياه، إضافة إلى مخاطره المستقبلية على البيئة والغطاء الأخضر المهدد بالجفاف والتصحر بسبب ارتفاع درجة الحرارة. محطتان للتحلية بقورصو ورأس جنات استفادت ولاية بومرداس في إطار البرنامج الاستعجالي الذي اتخذته الحكومة لمواجهة أزمة مياه الشرب، خلال الصائفة الماضية، من عدة مشاريع هامة لدعم شبكة التوزيع المعتمدة على أنظمة المياه السطحية بالسدود الثلاثة الرئيسية، كان من أبرزها مشروع انجاز محطة تحلية مياه البحر ببلدية قورصو بسعة 80 ألف متر مكعب يوميا لتزويد الجهة الشرقية من العاصمة والبلديات الغربية للولاية، إضافة إلى مشروع توسعة محطة التحلية الحالية ببلدية رأس جنات المنتظر أن يتم الشروع فيها قريبا لرفع قدرة الإنتاج من 100 ألف إلى 400 ألف متر مكعب في اليوم. وبحسب آخر المعطيات التي بحوزة الشعب «أن مشروع محطة التحلية لبلدية قورصو التي تتربع على مساحة 6 هكتار تعرف تقدما في الأشغال بنسبة قاربت 10 بالمائة بعد التأخر الذي عرفته نتيجة بعض العقبات التقنية المتعلقة بتهيئة الأرضية وتنصيب مؤسسات الأشغال التي تكفلت بها كل من مجمع كوسيدار فرع البناء والأشغال العمومية، الشركة الجزائرية للطاقة والشركة الوطنية للبناء والهندسة، وهي المؤسسات العمومية التي وقع عليها الاختيار لانجاز مشاريع البرنامج الاستعجالي «مياه 2021» التي أعلنت عنه وزارة الموارد المائية. وبحسب الخبراء والمتابعين لملف المياه بالجزائر التي أخذت صفة الأولوية في برنامج الحكومة، فإن قرار رئيس الجمهورية المتعلق بضرورة تسريع وتيرة انجاز المشاريع الخمسة لمحطات التحلية، ستكون دافعا قويا ومحفزا للقائمين على محطة قورصو الجديدة لمضاعفة الأشغال لتدارك التأخر المسجل، خاصة وان المشروع كان مبرمجا أن ينطلق شهر أوت الماضي وتسليمه خلال سنة بحسب دفتر الشروط، أو على الأقل الشطر الأول منه الذي كان منتظرا تسليمه، شهر جانفي الحالي، وفق تصريحات والي الولاية في زيارة تفقدية للورشة. مشروع ثاني أكثر حجما وأهمية كان من نصيب ولاية بومرداس ويتعلق بعملية توسيع محطة تحلية مياه البحر الحالية ببلدية رأس جنات التي تزود مناصفة كل من العاصمة وبومرداس بكمية تصل إلى 100 ألف متر مكعب يوميا وساهمت بشكل كبير في دعم قناة الجر الرئيسية انطلاق من نظام سد تاقصبت بولاية تيزي وزو لتزويد سكان البلديات الشرقية للعاصمة للتقليل من تداعيات أزمة الجفاف وتذبذب شبكة توزيع مياه الشرب، بعد أن تراجع منسوب سد قدارة الى مستوى الصفر. وينتظر أن تنطلق عملية انجاز المشروع قريبا بحسب تصريحات مدير الموارد المائية لبومرداس بعد اختيار الأرضية الممتدة على مساحة 16 هكتارا وغلاف مالي وصل إلى 400 مليون.