مع تراجع الوباء واتضاح الرؤية المستقبلية بإرساء معالم قانون الاستثمار الجديد والتوجه إلى التدقيق في سياسة الدعم، إلى جانب رفع هيمنة البيروقراطية على المشاريع القائمة، دخلت البلاد مرحلة حاسمة في انجاز مسار الإنعاش الاقتصادي. إنها المعركة الحقيقية التي تحاط بالتوجه إلى تعزيز الجبهة الداخلية من وبوابة «لم الشمل» التي أطلقها الرئيس تبون وفقا لمعايير الجزائر الجديدة، تتبوأ فيها القيم والمثل العليا الصدارة وتتراجع، بل تختفي ممارسات الماضي التي أعاقت عجلة التقدم وبددت الموارد ورهنت مستقبل الأجيال. في عام الاقتصاد الذي يعول عليه لإنعاش وتيرة الاستثمار المنتج المحلي والأجنبي ضمن المقاربة الوطنية الشاملة القائمة على إنتاج القيمة المضافة وترشيد النفقات وحسن استعمال الموارد الطبيعية والبشرية، يمكن الرهان على الديناميكية القوية لإنجاز الأهداف المسطرة لتصبح الجزائر ضمن البلدان الصاعدة، لا تحدها عقبة أو تعيقها مؤامرة مهما كان مدبروها. الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية إلى تركيا، وقريبا إلى عواصم أخرى، تعكس مدى الثقل الذي تمثله الجزائر إقليميا ودوليا، بفضل انفتاحها على الشركاء الجادين الذين لديهم رؤية منسجمة مع الخيارات الوطنية، مع قناعة راسخة بالعمل على أساس تقاسم الأعباء والمنافع، في ظل مناخ جذاب وتنافسي سوف يتعزز باستمرار بكثير من التحفيز. عوامل عديدة جغرافية وطبيعية من حيث الثروات والموارد البشرية تجعل السوق الجزائرية أكثر جذبا وهو ما يجعل الشركاء يقرأون جيّدا المؤشرات ومن ثمة الرهان على حمل مشاريع، بدأ عدد منها في التحول إلى حقيقية، ما يثير انزعاج أكثر من جهة إقليميا ودوليا لا يروقها انخراط الجزائر في الحركية الاقتصادية العالمية كطرف فاعل وليس مجرد مستهلك. ومع اعتماد الآليات الحديثة لمرافقة الفعل الاستثماري، يعززها إعادة انتشار المنظومة البنكية محليا بترسيخ الشمول المالي والتحول الرقمي وقاريا بالتواجد في أسواق، على غرار مناطق ناشئة في إفريقيا، آخرها السينغال، يسجل فيها الطلب على مختلف المنتجات الجزائرية الصناعية والغذائية والدوائية، تفتح آفاقا رحبة أمام المؤسسة الجزائرية للتموقع الأمثل في الساحة عبر التصدير خارج المحروقات. إن الفرصة مواتية اليوم للمتعامل الجزائري وطنيا كان أو أجنبيا وبالذات المستثمر العربي، ليكون من ضمن الشركاء الذين يساهمون في كتابة فصل جديد في سجل الاقتصاد عبر اختيار وجهة الجزائر مضمونة الكسب في قطاعات كل أوراقها رابحة، على غرار السياحة والفلاحة الصناعية والمناجم والتكنولوجيات الجديدة.