من لم تصادفه بشكل يومي شاحنات صغيرة أو ما يعرف ب(الهاربين) وهي معبأة بالخردوات الحديدية أو البلاستيكية تحت مسمى (الاسترجاع). صحيح، كثير من الشباب وجدوا في هذه المهنة مصدر رزق يكفيهم ذلّ السؤال بعدما انتشلهم من براثن البطالة، بل كثير من الشباب الجاد الباحث عن اللقمة الحلال، تمكن من خلال هذه الحرفة تحسين وضعه المادي ومنهم من تمكن من ادخار مبالغ مالية لا بأس بها، مكنتهم من فتح أبواب رزق أخرى لهم ولعائلاتهم بمرور الأيام والسنوات. لكن بالمقابل هناك - للأسف- من اتخذ من هذه المهنة مطية لممارسة السرقة والاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة بذريعة الاسترجاع. ويتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو يظهر فيه شابان يسرقان بابا حديديا من شقة بأحد الأحياء، بعدما انتزعوه من مكانه وما هذا إلا غيض من فيض، فكثير منهم يقومون بسرقة أغطية البالوعات من الطرق والأرصفة وبيعها كخردة لمصانع وشركات الاسترجاع، مما تسبّب في حوادث مميتة للراجلين وللسيارات معا، ناهيك عمن يتخذون من هذه الحرفة غطاء لترويج المخدرات والمهلوسات وما خفي أعظم؟! أمام الفوضى العارمة التي تشهدها هذه الحرفة، فتحت ثغرات لمحترفي السرقة والاعتداءات بعدما أصبح كل من هبّ ودبّ يمارسها دون الحاجة إلى رخصة أو سجل تجاري... إلخ؟ بات ضروريا تنظيم هذه المهنة بتأسيس شركات متخصصة أو إحصاء ممارسيها وإخضاعها لرخصة من السلطات العمومية، مع تقديم ملف يضم صحيفة السوابق العدلية وكل المعلومات عن المعني وعن العربة التي يستعملها، مما يتيح مسالك للوصول إلى الجناة في حال حصول سرقات أو اعتداءات. ويكفي أنّه قبل أقل من أسبوع، ذهب طفل في 11 من العمر ضحية أحد هؤلاء، بعدما دهسه فارداه قتيلا أمام منزله العائلي، فماذا ننتظر لوقف هذه الجرائم في حق العباد والاقتصاد؟.