لم يعد حي الرملي الذي لطالما اتصف بأكبر إمبراطورية للقصدير وبمشاهد تشمئز لها العين قبل الأنف، ذاك الموقع الذي ينتج مختلف الآفات الاجتماعية والفضلات والأوساخ، فالزائر للموقع يلمح أن آلة التهديم قد مرّت به لتأخذ معها سكنات بُنيّت بطرق أقل ما يقال عنها إنها مخصصة للحيوانات بدل الإنسان. أكوام مجمعة هنا وهناك وشاحنات مركونة في كل اتجاهات الحي، ينتظر أصحابها موعدا لحمل"الخردة" التي أصبحت في الفترة الأخيرة مصدر رزق العديد من الشباب، خاصة منهم البطالين الذين يصطفون يوميا بالحي لانتقاء ما يمكن أن يتحوّل إلى مادة صالحة للبيع، وهو المشهد الذي تكرر بحي ديار الشمس. "الشروق" تنقلت إلى عين المكان لرصد بعض الآراء حول ظاهرة بيع"الخردة" وفضلات الزنك والنحاس وحتى البلاستيك، بعد كل عملية ترحيل تمس أي حي فوضوي كان، فكان جواب بعض الشباب الذين وجدوا بعين المكان، أنهم يترصدون لأي عملية ترحيل تعلن عليها الولاية، ليتنقلوا إلى الموقع المعني بغية البحث عن كل ما يمكن أن يتحوّل إلى مادة تباع بأسواق"الخردة" وتعود بأموال طائلة لبائعيها. ... أطنان من"الخردة" وبقايا الردوم بالأحياء الهشة تجلب الأنظار لم نكن نعلم بأن الأحياء الفوضوية وبحجم النقمة التي لطالما اتصفت بها، تتحول وبمجرد الانطلاق في هدمها إلى نعم كثيرة، فحي الرملي الذي ظل النقطة السوداء ببلدية جسر قسنطينة، تحوّل وفي ظرف وجيز إلى موقع لمشاريع عمومية ظلت رهينة لسنوات، كما تحوّل الموقع إلى مصدر رزق العشرات من الشبان البطالين الذين اصطفوا منذ هدمه لجمع البقايا والفضلات..رحلة بحث تبدأ منذ الصباح الباكر ولا تنتهي إلا مع الغروب للبحث عن ما يمكن بيعه في المزاد العلني للخردوات بسوق الحراش ووادي السمار..أطنان من الحديد والنحاس، الزنك والبلاستيك يبحث عنها داخل الأكوام المتراكمة في كل الأنحاء بعد هدم البنايات الفوضوية وحملها على متن شاحنات تركن على قارعة الطريق الرئيسي في انتظار ما ستجنيه أيادي من اختاروا مهنة جمع الخردوات التي ازدهرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لما يجنيه ممتهنوها من أموال طائلة مثل ما أكده بعض من التقت بهم "الشروق" الذين أشاروا أن كل قطعة حديد أو بلاستيك تصطاد بداخل الأكوام، مداخيلها تكون طائلة كل ما ارتفع حجم وميزانها وهي المشاهد التي تكررت بحي ديار الشمس في المدنية نهاية الأسبوع بمجرد ترحيل سكان العمارات المتبقيين، بدأ بعض الشباب في جمع أنابيب تصريف المياه المعلقة بالعمارات والأسطح وحتى الشرفات قبل أن ينطلق التهديم الكلي للعمارات. .. "الرسكلة" تمنح البطالين مهنة و"الرحلة" ترزقهم من حيث لا يحتسبون شاحنات من كل الأنواع والأصناف تصطف يوميا بحي الرملي منذ أن باشرت السلطات عملية الترحيل التي أعقبها التهديم.. شباب من مختلف الأعمار يتوّزعون يوميا على الأحياء الفوضوية التي شهدت عملية ترحيل مؤخرا، أكثرهم اختاروا حي الرملي لكبر مساحته مقابل العدد الكبير من السكنات التي يضمها، حيث تؤكد شهادات من التقت بهم "الشروق"، أنهم يترصدون في كل مرة لعملية ترحيل تقوم بها السلطات لحي فوضوي كان والرملي بالتحديد الذي وصفوه بالغنيمة التي تساعدهم على جني أموالا طائلة الناتجة عن بيع الخردوات التي تركها المرحلون شأن أسقف الزنك، الحنفيات، مختلف الحديد والبلاستيك كلها مواد أضحت في السنوات الأخيرة تسيل لعاب الشركات، لا سيما منها التابعة للوكالة الوطنية لدعم وترقية تشغيل الشباب "أونساج" الخاصة بالرسكلة والذين يشغلون أعدادا كبيرة من البطالين للبحث عن كل ما يتم رسكلته، في حين يفضل البعض الآخر من هؤلاء جمع تلك الخردوات من المواد لبيعها في أسواق الخردة للحراش ووادي السمار مما يعود عليهم بأموال طائلة.