يواصل المجلس الأعلى للغة العربية مسيرته التّقانيّة في مجال الرّقمنة ويتّخذ الذّكاء الصّناعي عُمدة في البحوث الحديثة؛ باعتبار علم اللسانيات أمّ العلوم في الوقت الحاضر، ومجالها يترى ويتمدّد، وسوف يقع التّركيز في مداخلتنا على اللسانيات الحاسوبيّة لما لها من آفاق التّطوير والإبداع في مجال المعاجم الإلكترونيّة التي يقع فيها التّنافس بين اللغات. وهل العربيّة تكون طرفاً في هذا التّنافس؟ وما هي العدّة العلميّة التي تعتمدها؟ وما هي النّظريّة اللسانيّة التي تتمنهج داخلها؟ ... إنّ هدف اللسانيات الحاسوبيّة السّعي إلى استغلال التّقنيات التي يُقدّمها الحاسب لمعالجة اللغة الطّبيعيّة؛ استجابة لتطوّرات العصر السّاعيّة لوضع نُظُم، وبرمجتِها في هندسة لغويّة تعتمد البيانات والمبادئ خوارزميّة صوريّة الصّوريّة المتحكّمة في نظام تشغيل اللغة في دماغ الإنسان، وجعْل الآلةَ تبحث في مجال البحث اللغويّ مثل تفكير دماغ البشر، من بحث في اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها، وإلى بحث في كيفية إنتاجها ومعالجتها. ومن هنا؛ فإنّ «العلاقة بين الحاسوب واللغة إذًا علاقة تبادليّة وذلك أنّ دراسة اللغْة من منظور قياسيّ هندسيّ تكشف القناع عن أسس علوم اللغة والقدرات اللغويّة، وكيفية قيام الذّهن البشري بعمليات تحليل اللغة واكتساب الخبرات واسترجاع المعلومات، وفي الوقت نفسه، تُسهم اللغةُ في تطوير أنظمة الذّكاء الاصطناعي الذي يسعى إلى محاكاة وظائف الذّهن اللغويّة والقدرات البشريّة». إنّ اللسانيات الحاسوبيّة فرعٌ تطبيقيٌّ حديثٌ، يستغّل ما تُوفّره التّكنولوجيا المُتطورة من أجل بلورة برامج وأنظمة لمعالجة اللغات الطّبيعية معالجة آلية. وتسعى إلى الدّراسة العلميّة للّغات الطّبيعية باعتماد أنظمة وبرامج متقدّمة ومتطوّرة، واللغة العربيّة من بين تلك اللغات، وبهذا الاعتبار فإنّها تعمل على تحويل كلّ ما يتّصل باللغة من صرف ونحو وأساليب وغيرهما إلى صورة رقميّة فرضتها الثّقافة الصّورية الحديثة وجعْلها مفهومةً من قبل العامل في هذا المجال العلميّ الصّوريّ الحديث الذي يعمل على صياغة نماذج صوريّة تُحاكي اشتغال المَلَكة اللغويّة لدى الفرد. وبعبارة قريبة؛ فإنّ اللسانيات الحاسوبيّة تُستخدم فيها الحواسيبُ في تحويل النّصوص والمعلومات إلى لغات الحاسب الرّقميّة؛ لتحليلها وترجمتها وتطوير نماذجها، وتقديم نظريات في بناء اللغة تُمكّن وضع برامج حاسوبية؛ تُساعد على فهم اللغة الطّبيعية. وهذا ما يقوم به اللسانيّون في تحرير البيانات والنّصوص، وتأسيس المعاجم اللغوية الرّقميّة، وفهرسة النّصوص المختلفة سعياً إلى أتمتة/ Automatisationالتّعرّف على المحارف بذكاء OCR؛ أي التّعرّف الصّوتي، وتحويل الأصوات إلى نصوص، وتحويل النّصوص إلى أصوات ونطقها. وقد دعّمت هذه الإمكانيات العلوم اللغوية بتحليل كميّات هائلة من نماذج الوحدات اللغويّة في اللغات المختلفة لاكتشاف بنية اللغة وأوجه تشابه الأنماط اللغويّة واحتمالات وجود رابطة بين لغة وأخرى إضافة لإمكانياتها التّطبيقيّة كما في علاج مشاكل التّخاطب والسّمع. ويعني هذا جعْل الجهاز الحاسب يتعرّف على أشكال الوحدات اللغويّة الأساسيّة والوحدات اللغويّة المركّبة، وتحويلها إلى لغة رقميّة يُمكن تحريرُها وتعديلُها. وبعبارة أقرب يعني كلّ ذلك التّعامل مع الحاسوب كعقل بشريّ مُشابه لعمل عقل الإنسان القادر على تأدية المهام التي يؤدّيه البشر بشكل سريع ودون أخطاء.
1 الآلة لغة الإنسان في المستقبل: وهكذا نرى اللسانيات الحاسوبيّة تعمل لتحلّ الآلة محلّ الإنسان في التّعامل مع اللغة، وجعل الآلة تفكّر حتى في مواضع اللبس والإبهام، وتقدّم المطلوب وفق تفكير الإنسان. وهذا يقتضي تزويد هذا الجهاز بمحلّلات صرفيّة ونحويّة ومصطلحات وترجمات وحسابات ومختلف اشتقاقات الكلمات التي تحويها المدوّنات المطلوبة. علماً أنّ الحاسوب آلة ذكيّة تُضاهي في قدرتها وظائفَ الإنسان وقدراتِه الذّهنيةَ في نمط اشتغال العقل الإنساني، وتقييسه من خلال لغةٍ صوريّةٍ خوارزميّةٍ أشبه ما تكون باللغة الصّناعيّة، كما أصبح الحاسوبُ أيضًا مجالًا تطبيقيّاً لاختبار الفرضيات حول الطّريقة التي يشتغل بموجبها العقل الإنساني، إضافة إلى تفوّقه على ذكاء الإنسان في السّرعة. وفي هذا المجال، بدأ الاستثمار في الصّناعة اللغويّة في حاسوب يكتب دون كاتب، ويُرتّب ويُصحّح ويُدقّق ويُملي عليك وصفات الأكل والنّوم والرّياضة من خلال الرّصد الشّخصي الذي تُجريه قواعد البيانات على الحالات المطلوبة للشّخص العادي والتّعرّف عليه من خلال معرفة قضاياه الرّاهنة والقياس عليها في القضايا المستقبليّة، وتسعى مختلف الشّرائح أن تكون المُرافق والمُراقب والطّبيب والخزانة والبنك والمستخلص...بلهَ الحديث عن منجزات محقّقة يقلّ فيها الخطأ في مجال الطّيران والمحرّكات الكبرى وفي بناء DATA CENTRوما يتبع ذلك من مخرجات الجبر والرّياضيات والهندسة والمصطلحات. وهذا ما تُظهره الدّراسات التّنافسيّة في علم الرّوبوتيك في عصر الانفجار المعرفيّ والانشطار الثّقافيّ الخاطف؛ حتى أصبحنا لا نستغني عن المحمول لأنّه مكنز المعلومات، ولا نستغني عن الآلات الذّكيّة في البيت أو في العمل أو في التّنقلات، فهي الدّليل، ووجودها سَيْرٌ للأمام، وفُقدانها عودةٌ للعصر الحجري. وأمام كلّ هذا نرى التّنافس يشتدّ أمام الشّركات العملاقة في الاستثمار في مجال اللسانيات الحاسوبيّة، حتى أصبحت بعضها دولة داخل دولة، كارتل بالمعنى الحقيقي، وإنّ من يتابع تطوّر الشّركات العالميّة اليوم، يلحظ ارتفاع ميزانياتها إلى مستوى الدّول؛ وهي تستثمر في هذه المنتجات الصّغيرة لخدمة رفاهيّة الفرد على غرار Google/ گوگل وAppel/ آپل، وAlfa Bitألفا بيت وSamsung/ سامسونگ، ونجد هذه الشّركات العملاقة برأسمال مالٍ يتجاوز ميزانيات بعض البلاد. ومن صناعاتها النّانويّة نجد اليابان وسويسرا وسنغافورة والهند تدرّ عليها التّطبيقات مليارات الدّولارات، وهي بلاد لا تملك الموارد الطّبيعيّة، ومع ذلك فهي تعيش رفاهيّة كبيرة، وأنّ اقتصادها قويٌّ بما لها من أرصدة بشريّة في امتلاك العقول، وصناعة الأفكار والإبداع وديدنهم أنّهم استثمروا في الإنسان الذي يخلق الثّروة الاقتصاديّة المستديمة.
2 أهميّة المعجم اللغويّ: يعتبر المعجم من أهمّ روافد اللغة والمعرفة ويمثّل ذاكرة الأمّة، وقد اعتنى اللغويون العرب بالمعجم من حيث المحتوى والهيكل منذ القرن الثّاني الهجري، فازدهرت الصّناعة المعجميّة العربيّة وتعدّدت مدارسها، وبلغت رقياً مؤسّساً لا يقلّ عن البحث اللسانيّ/ المعاجميّ الذي قام به الصّينيّون. وفي هذا العصر حصلت طفرات نوعيّة على ساحة الحاسوبيات، فتطوّرت البحوث وأصبحت صناعة تنافسيّة تُنتج المعاجم الرّقميّة/ الافتراضيّة بدل الورقيّة. ومن خلال هذا لم يحصل مسايرة الحدث بما يتوافق ومعطيات العربيّة في ذاتها، وما يجمعها باللغات الطّبيعيّة في مناطيق تصلح لكلّ اللغات، وهذا ما قصّرت فيه البحوث المعاصرة؛ حيث نحاصر الآن تقنياً في زاوية ضيّقة،وذلك ما يدفعنا لمزيد الجهود في سبيل إعداد معاجم آلية، فقد دانت الأساليب والدّوافع للاستثمار في تقنيات الحاسوب في مجال اللغويات، ولا بديل لنا ولا خيار، كما لا بديل نوعي يحصل للعربيّة إلاّ بالتّعاون والتّنسيق بين المجامع والمجالس العليا وباقي مؤسّسات البحث إلاّ خوض هذا الميدان الذي يحتاج إلى التّجنيد العامّ.
3 صناعة المعجم الإلكتروني: ليس سهلاً أن نتحدّث عن معجم إلكتروني بديل عن المعجم الورقيّ، ولكن ليس صعباً أن يكون عندما نعلم أنّ البشر هو الذي يصنع المعجزات، وأنّ المعجم يحتاج إلى تغذية رجعيّة تجتمع فيها الوصفة الحاملة للمحلّل الصّرفي+ المحلّل النّحويّ+ المدقّق اللغويّ+ المحلّل التّشكيليّ+ الحاسبة+ المشفّرات الرّقميّة+ بنوك المصطلحات+ النّصوص الكبيرة+ مدوّنات كبرى+ معاجم قديمة وحديثة+ مسكوكات+ أمثال وحِكَم... مع دعم التّرجمة الآليّة، وضخّ أشكال المعاجم العامّة والمختصّة. كما ينبغي للمعجم الإلكترونيّ أن يُزوّد بمحرّك بحث سريع؛ لأنّ البرنامج اللساني المُعَدَّ للمعالجة الآليّة لا ينبغي أن يفشل في العثور على أيّة معلومة كيفما كان نوعها وكيفما اتّفق؛ لأنّ أيَّ خطأ في المعلومات المدخَلة من شأنه أن يتسرّب إلى باقي مفردات الجملة، أضف إلى ذلك وثوقَها المعلوماتِ ومواءمتَها للمداخل المعجميّة المراد معالجتها آليًّا. وكان علينا أن نواصل مسار البحث؛ لأنّ البحث جارٍ، وهناك قواعد موضوعة، فنحتاج إلى تركيم معرفيّ نزيد من لبنات البحوث أو تصويب بعضها. ولهذا يجب الاستثمار في البرمجيات الذّكيّة التي تعمل على إنتاج مثل هذه المعاجم، واستغلال تقنيات المعلوميات في الأعمال التّطبيقيّة لصناعة معاجم مصطلحيّة باعتماد برامج معيّنة توضع في أتمتة حاسوبيّة يستعيدها وقتُ الحاجة وعند الطّلب. وهنا لا بدّ من حلول نوعيّة في صناعة خوارزميّة صوريّة لرسم الحرف العربيّ بمراعاة الحجم والاتّجاه الذي يرغب فيه المستخدم. وتوحيد لوحة المفاتيح بين مختلف الدّول العربيّة؛ مِن أجل تيسير عمليّة نقل البيانات، ونشرها وتبادلها بين المستخدمين. والرّهان على برامج البحث العلميّ التي تهدف إلى استغلال ما يوفّره العتاد اللسانيّ بغية ميكنة اللغات الطّبيعيّة، ومن ضمنها اللغة العربيّة، وفي ذات الوقت تحتاج إلى مراعاة الخصوصيات الفقهيّة التي لا تتوفّر في اللغات الأخرى. ولا بدّ من دخول هذا الميدان في البداية من خلال أدلّة وظيفيّة بسيطة محدودة المبنى ووضع قاموس كلمات كلّ دليل في خوازميّة تستجيب لكلّ مركّبات الكلمات والجمل، وما يقابله من الحركات وتعدّد الضّمائر، وما له علاقة بالأمور الفقهيّة التي تعيد الكلمة إلى أصولها وجذورها ولغاتها وكيف تصّرف النّاطقون بها في مراحل التأسيس من: نغم/ إدغام/ أخذ/ تأثير/ ترقية/ تطوير...
4 أهميّة المعجم الإلكتروني: لا يحتاج المعجم الإلكترونيّ الإشادة لما يقدّمه للّغة، بقدر ما نقول إنّه مقوّم اللغة، وقاعدة بيانات كبرى وسريعة فهو الذي يفهم المعلومات المشفّرة، ويعمل على استعادتها وإتاحتها كتابياً وورقياً؛ بتقطيع صوتي وتحليل الكلمات، وتدقيق إملائيّ وتلخيص وترجمة واسترجاع وبحث آلي سريع... وهنا يكمن جدوى التّركيز على أهميّة المعجم الإلكتروني لبلوغ واجبات تطوير قواعد البيانات، وتحويل المعلومات المشفّرة إلى نصوص، وإضافة تفسيرات ليتمكّن الإنسان من قراءتها وفهمها وكذلك تصميم برامج بينية متطوّرة للبحث عن المعلومات وعرضها على الشّاشة بطريقة مستساغة، واستعمال وسائط متعدّدة (نصّ، صورة، صوت ڤيديو، صوَر متحرّكة...). وهذا ما تفتقر إليه العربيّة في عصرنا الحاضر وما هو الحلّ؟ وكيف نصنع المعجم العربي الإلكتروني؟
5 صناعة المعجم الإلكترونيّ العربيّ: من الضّروريّ بمكان الإقرار بالتّقصير في إعداد المعاجم الحاسوبيّة التي تُلبّي حاجيات المستخدم العربي بالرّغم من إتاحتها المعاجم العربيّة على الأقراص المدمجة والشّابكة، ويمكن أن تكون قاعدة منطلق. ومن الجميل أن تكون الكثير من الأعمال التي قدّمت من قبل الباحثين والشّركات محلّ تقدير وتقويم وتحيين. ومن الحكمة الإقرار بمختلف الأنظمة الحاسوبيّة التي وضعت الخطوات الأولى في بداية صنع معجم عربيّ إلكترونيّ. ولكن لا بدّ أن نسأل هنا ما هي العدّة العلميّة لصناعة معجم عربيّ يستجيب لمواصفات التّقانة الحديثة، ويحقّق المزايا المطلوبة في ميدان الانتقال من المعجم الورقيّ إلى المعجم التّقانيّ. وإذا عرفنا المشكلة بطُل العجب، ونكون قد حقّقنا الخطوات الأولى في بناء معجم عربي إلكتروني: 5/1 ضرورة تنويع طرائق البحث عن المعلومة، واعتماد مناطيق مختلفة تستجيب لخصوصيات العربيّة عبر بناء الجذور، باستعمال الأنظمة التي توفّرها الحواسيب من مثل Hyper-text links. 5/2 البحث عن محرّك بحث جبّار وواسع وسريع، يتيح العمل الجامع بين القديم والمعاصر ومختلف الوسائط، ويستجيب لاستعادة مكانز العربيّة من العصر الجاهلي إلى وقتنا الحالي. 5/3 الرّهان على ذكاء صناعيّ OCR يفهم ويفرّق بين المعاني الأساس والمعاني الفرع، ويعمل على توليد القياسات التي تقبلها خصائص اللغة العربيّة. 5/4 ضرورة احتواء المعجم الإلكتروني على تطبيقات كثيرة وفي مختلف التّخصّصات، واعتماد لغة المحادثة اليوميّة من خلال الرّصد والوصف الجديد للّغة قديمة متجدّدة. 5/5 سهولة استعمال المعجم الإلكتروني، وكذلك وضع أيقونات تجعل المستعمل يقترح التّعديل، ويقبل الإضافة. 5/6 ضرورة احتواء المعجم الإلكترونيّ على كتابة دوليّة، ونطق وتحويل المكتوب إلى منطوق. 5/7 ضرورة اعتماد المعجم الإلكترونيّ على مختلف الوسائط التي تُتيح وجود الصّور والخرائط والأفلام، وعرض محتواه بطريقة إيجابيّة يكون لها التّأثير على المستعمل. ويبدو لي بأنّ التّماهي مع صناعة المعجم الإلكترونيّ أهمّ قوّة فاعلة في ربح هذه الصّناعة؛ باعتبارها ضرورة حضاريّة للعربيّة اللغة الأمميّة لها ما لها من تكامل مع اللغات العالمية الكبيرة، فكيف تثبت في غمار العولمة، وتُبرهن على العيش في واقع حديث. والعُهدة في كلّ هذا هو العمل على تطوير تطبيقات حاسوبيّة للغة العربيّة لتُلبي الحاجاتِ اللغونيّةَ للمستخدم العربيّ وتجعل اللغةَ العربيّةَ مواكبةً لتطوّر المجتمع الذي هو رهين وجود معاجم إلكترونيّة عربية مناسبة، والتي تخضع لمقاييس عالميّة على مستوى المحتوى والهيكلة. وهنا يأتي دور الباحثين وهم أنتم في أعمال مشتركة لتوفير العدّة الفقهيّة والتّقانيّة في صناعة المعجم الإلكترونيّ. أيّها الباحثون، علينا الانطلاق، ونُبادر دون انتظار، فالقطار ينتظر لحظة لكنّه لا يظلّ ثابتاً، علينا الرّكوب في قطار التّفعيل والتّحسين لصناعة معجميّة في ذات العربيّة بتحديد المطلوب من: هيكل المعجم+ المستفيد منه+ الفئة العمريّة+ طريقة استغلال المواقع والشّابكة+ وسائله التّقانيّة... بالإضافة إلى منهجية العمل في تحديد المصادر اللغويّة+ وتصميم قاعدة البيانات+ وكيفيات إدخال المعلومات... ولا بدّ أن يلتقي فقهاء اللغة مع المعاجميين والمعلوماتيين لوضع تصميم هذا المعجم في وضع هندسة لغويّة في صيغته المُرقمنة التي تعمل على الاختيار الأفضل لمعجم إلكتروني أحسن من معجم ورقيّ، وهو ضرورة معاصرة تُعدّ فيه كلّ أدوات النّجاح. وبهذا نكون قد خدمنا العربيّة في صناعة معجميّة معاصرة، وكما عَمِلْنا على الخروج من التّنظير إلى التّفعيل، ونقلناها إلى وسائل تخزين حديثة على شرائح الكترونيّة أو على وسائط ممغنطة ذات إمكانات تخزين ضخمة، وعلى خوادم جبّارة تخزّن تريليونات من المعلومات وتستعيدها وتُهندسها وفق نمطيّة ذكيّة تكون صالحة للاستعمال وما ينجرّ عن ذلك من تطوير التّرجمة الآليّة وتحسينها والمستقبل كفيل بما ليس في المتصوّر الذّهني، وهذا الذي نريد أن يكون في العربيّة التي نهيئها لمستقبل واعد. الخاتمة: أنادي زملائي للخروج من التّنظير إلى التّطبيق، ومن التّواكل إلى التّوكّل، وضرورة العمل والتّضحية وصولاً إلى الإبداع، وكلّ ذلك يأتي عن طريق التّطوّع اللغويّ. تعال نعطِ أقصى ما لدينا، نعطِ الأفكار لنموتَ فارغين قبل أن نرحل. تعال نتركِ البصْمات لتحقيق الأهداف، ويذكرنا اللاحقون بقولهم: رحل السّابقون وهذه آثارهم/ إنْ أحسن اللاحق فإنّ الفضل للسّابق. أيّها الباحثون، هناك مشاريعُ تنتظركُم في مجال الحوسبة، ونذكر منها: ملء الخانات الفارغة في Windows+ إضافة الكلمات والمصطلحات التي ليست في القواميس الموضوعة أوّل مرّة+ تخصيص معاجم إلكترونيّة في: لغة الحافلة/ لغة المطار/ لغة النّماذج الكتابيّة الرّاقية/ نماذج لرسائل التّهاني والتّبريكات+ تخصيص معاجم ترجميّة حسب المجالات+ تحويل الأرقام إلى حروفّ+ تشكيل مواضع اللبس+ جمع المتلازمات+ إضافة مدوّنات مصطلحات للمعاجم القديمة+ إضافة لغة الإعلام المعاصرة+ تطبيقات لغويّة في حسن الاستعمال اللغويّ الوظيفيّ+ تطبيقات في تدريس العربيّة بالڤيديوهات+ الرّصيد الوظيفيّ للّغة التّلميذ+ معاجم محمولة في: لغة الأبناك/ الإدارة/ السّوق/ الطّاكسي... وغيرها كثير، فهي في انتظاركم، فهلا تُبادرون وتستثمرون! عن مجلة «فواصل»- بتصرف