فصل المدارس عن البلديات واستحداث مادة الرياضة تشهد المنظومة التربوية، مؤخرا، إصلاحات هامة جعلت من المدرسة أولوية، تعتمد على التكوين وتغيير آلية التسيير لتحقيق جودة التعليم، وذلك بتجسيد مجموعة من المعايير والإجراءات البناءة، التي من شأنها تحسين البيئة التعليمية للجماعة التربوية والمتعلم، مع العمل على تحسين التعليم في جميع الأطوار، من أجل تحقيق الجودة المطلوبة. أكد الفاعلون في قطاع التربية، أن القرارات التي أخذتها الوزارة الوصية، مؤخرا، المتعلقة بإدراج اللغة الإنجليزية في الطور الابتدائي واستحداث منصب أستاذ رياضة، وكذا مشروع إعفاء البلديات من تسيير المدارس الابتدائية، باستحداث مكاتب على مستوى مديريات التربية لتسييرها، واستحداث منصب مشرف تربية، وكذا إلغاء امتحان شهادة الطور البتدائي، جدّ صائبة من أجل تطوير التعليم في بلادنا. إصلاحات بحاجة إلى تجسيد قال الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين «الستاف» بوعلام عمورة، في تصريح ل»الشعب»، إن القرارات جاءت استجابة لمطالب النقابات القطاعية وعلى رأسها «ستاف» التي عقدت عدة لقاءات لدراسة مشروع إصلاح المنظومة التربوية، وتمخض عنها القرارات التي وصفها بالضرورية لإصلاح الاختلالات. واستطرد قائلا: «يأمل أعضاء النقابة أن تتجسد القرارات على أرض الواقع في أقرب وقت للنهوض بقطاع التربية، خاصة ما تعلق بملف ثقل المحفظة المدرسية الذي يحتاج إلى دراسة عميقة، تنطلق أساسا من إعادة النظر في البرامج، المناهج والوتائر المدرسية»، التي تعد جد ضرورية لإعطاء نظرة تقيمية للتعليم والمتعلم. وأضاف المتحدث،» حاليا، تلميذ المدرسة الابتدائية يدرس 8 مواد وهو في الطور الابتدائي يجب فقط تعليمه الكتابة القراءة والحساب، أيّ العودة للقاعدة الأساسية في التعليم بعيدا عن الحشو، موضحا أن الخطوة التي اتخذتها الوزارة في مراجعة البرامج التعليمية أساسية لإصلاح التعليم، من جهة، وتخفيف ثقل المحفظة التي أثقلت كاهل التلميذ. وأشاد عمورة، في السياق ذاته، بمسعى الدولة في تعزيز اللغة الإنجليزية واعتمادها في الطور الابتدائي، مؤكدا أن التنوع اللغوي بات ضروريا، اليوم، خاصة وأنها لغة العلم والتواصل، مشدّدا على اعتماد دراسة عميقة لتطبيق القرار الذي يحتاج إلى 30 ألف أستاذ لتدريسها في الطور الأول، كونه يحوي 20100 مدرسة ابتدائية، في حين، سوف يتعزز الموسم المقبل ب 400 مؤسسة تربوية، ما يستدعي توفير العدد الكافي من أساتذة اللغة الانجليزية، بالإضافة إلى اعتماد دراسة دقيقة قبل الانطلاق في تدريسها. وأشار، في السياق ذاته، إلى قرار فصل تسيير المدارس عن البلديات، حيث قال، أنه صائب و»الستاف» دعت له منذ سنوات، وتنتظر تجسيده على أرض الواقع، كذلك تسيير المطاعم المدرسية، لأن 1300 بلدية في الجزائر من أصل 1541 تفتقر للإمكانيات التي تسمح بتوفير ظروف تمدرس جيدة، موضحا، أن المساعدات المقدمة للمدارس الابتدائية لاقتناء الوسائل البيداغوجية غير كافية، ولا تفي بالغرض المطلوب. ترحيب بتفعيل « التربية البدنية» من جهتها، اعتبرت النقابات أن قرار بعث مادة التربية البدنية في الطور الابتدائي جد مهم من أجل الترفيه عن التلميذ وإزالة الضغوطات اليومية، كما أنها فرصة لصقل مواهبه الرياضية، وهذا لا يكون إلا من خلال أستاذ متخصص في المادة، يقوم بالتوجيه حسب ميزاته الرياضية، وهو ما يسمح مستقبلا بتكوين أبطال يمثلون الجزائر في مختلف المحافل الدولية. بدورهم، استحسن الكثير من الأولياء الذين تحدثت معهم «الشعب « الخطوة التي وصفوها بالهامة لتلميذ الطور الابتدائي، على اعتبار أن الطفل في المرحلة الأولى من التعليم بحاجة إلى ممارسة مختلف الأنشطة الرياضية للترفيه عن نفسه وإزالة ضغوط الدراسة، إلا أنه حرم منها لأزيد من موسمين دراسيين «أي فترة الجائحة». وأضافت أخرى، «مادة الرياضة سابقا لم تمارس من طرف أستاذ متخصص ولم تعطى لها قيمتها الحقيقية، الأمر الذي جعل من المدرسة مجرد أداة بعيدة عن المرح والترفيه في وقت يحتاج طفل بين عمر 6 و10 إلى المرح واللعب «، إلا أنّ هذا يحتاج في المقابل -حسب الأولياء- تدعيم المدارس بمختلف الهياكل والمرافق الرياضية. قرارات تكمل مسيرة الإصلاح من جهتها، ثمّنت النقابة الجزائرية لعمال التربية «سات»، على لسان الأمين الوطني محمد بلعمري، القرار الذي تعتزم السلطات العليا إصداره بخصوص إعفاء البلديات من الإشراف على تسيير المدارس الابتدائية مستقبلا، موضحا أن قرار جاء ليكمل مسيرة الإصلاح التي تعهد بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. يعتبر فصل المدارس الابتدائية عن البلديات، من أهم المطالب التي رفعتها النقابة الجزائرية لعمال التربية سواء في جلسات عملها مع الوزارة، أو من خلال مقترحاتها المقدمة في هذا الصدد، لأن البلديات أثبتت فشلها في تسيير المدارس من كل النواحي سواء التجهيز، التأطير أو حتى الإطعام، نجد على سبيل المثال لا الحصر بلديات غنية تستطيع تغطية جميع احتياجات ومستلزمات المؤسسات التربوية التي تشرف على تسييرها، في حين، نجد بلديات فقيرة «هي من تحتاج إلى الإعانة من أجل تسيير أمورها، إذ تستطيع تلبية احتياجات المدارس التي تسيرها، ما جعلها تعاني نقصا دائما في الوسائل البيداغوجية. وقال المتحدث، إنّ هذا التباين في الميزانية وغياب تكافؤ الفرص بينها جعل من النقابة الجزائرية لعمال التربية تطالب بفصل المدارس عن البلديات في التسيير في عديد اللقاءات وكذا التأطير والإشراف للنهوض بالمدرسة التي تحتاج اليوم نفسا جديدا لتحقيق الجودة في التعليم، مشيرا أن القرار جاء ليعطي مسؤولية أكبر لوزارة التربية للإشراف على المدارس من حيث، تسييرها تجهيزها وكذا تأطيرها وتنظيم حياتها المدرسية وكل ما له علاقة بها. وأكد في ذات السياق، أن النقابة استحسنت القرار لما له من انعكاسات إيجابية على الحياة المدرسية، لأن صاحبة البيت هي وزارة التربية الوطنية، وهي أدرى بشؤون منتسبيها وموظفيها في جميع النواحي، والتي ستعمل على تجسيدها على أرض الواقع دون التحجج بتقاعس وزارة أخرى تشترك معها في التسيير. أما بخصوص الضغط الذي سيعيشه المدير بعد الانفصال الذي ستعرفه المدرسة، ترى النقابة الجزائرية أنه من الضروري توظيف أعوان إداريين ومشرفين تربويين بالعدد الذي يسمح بتسيير عادل ومريح لجميع المؤسسات التربوية دون تمييز بينهما في التأطير من أجل تقسيم المهام الإدارية بالشكل الذي يضمن التسيير الجيد، خاصة وأنّ الإصلاحات التي اعتمدتها الوزارة تستند أساسا إلى تغيير آلية التسيير. وبشأن قضية إدراج أستاذ مختص في التربية البدنية في الطور الابتدائي، فهو مطلب رئيسي للنقابة الجزائرية لعمال التربية، لأن الرياضة مشروع متكامل تربوي بيداغوجي ونفسي، سينعكس إيجابا على عملية التحصيل والبناء الفكري والمعنوي للتلميذ في المرحلة الأولى من التعليم، الذي ننشده ونرمي إليه في تنشئة الأطفال، خاصة في هذه المرحلة العمرية من حياة الطفل. وخلصت نقابات التربية، إلى أنّ القرارات التي مست القطاع، مؤخرا، جد هامة تحتاج إلى تفعيل في أقرب وقت، من أجل إصلاح المدرسة وكسب رهان تحدي الجودة، في إطار إستراتجية أساسها التسيير، والتكوين الجيد.