بدأت بوادر قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تظهر فيما يخص مسعى «لمّ الشمل»، الذي أطلق بخصوصه مشاورات، من أجل رصّ الجبهة الداخلية وتوحيد صفوف أبناء الوطن الواحد. أكّد الأستاذ في القانون العام أحمد دخينيسة، في تصريح ل «الشعب»، أنّ قرار الرئيس المتعلق بإجراءات التهدئة بخصوص العفو عن مساجين جزائريين، تحمل بعدين: سياسي وقانوني. الأول، هو حل مخلفات أزمة عرفتها الجزائر منذ أكثر من عقدين. والثاني، إعطاؤها صبغة قانونية من خلال إعداد قانون وتمريره عبر البرلمان بغرفتيه، حتى يكون أكثر عمقا وقوة وحجّة على من ينتقد هذه الخطوة التي تدخل في إطار رغبة الرئيس في تطهير ملف طال أمده. وقال الأستاذ في القانون العام، إن العفو الرئاسي المتعلق ب298 سجين، يتعلق بأشخاص معلومين لدى السلطات العليا في البلاد، حيث يريد الرئيس تطهير وتفكيك بقايا المأساة الوطنية، وهذا لن يكون إلا عن طريق البرلمان بغرفتيه، على شكل استشارة شعبية واحترام رأي الشعب، من باب أن نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة هم منتخبو المجالس الشعبية البلدية، الولائية والتشريعية، حيث أعطى للقانون قيمة قانونية لا غبار عليها، خاصة وأن رئيس الجمهورية، بموجب الدستور، يستطيع تمرير القانون عن طريق أمر رئاسي، لكنه فضل أن يكون ذا بعد اجتماعي شعبي. وأضاف المختص، أن من مهام البرلمان، إشراكه في عملية سياسية تهم المجتمع بعد مناقشة وتصويت، وهذا استكمالا لفكرة التماسك الاجتماعي، الوحدة، الانسجام والابتعاد عن الفتن صونا لوحدة الوطن، مهما كانت الصعوبات والأزمات التي من الطبيعي أن يمر بها المجتمع في مسار يتحول بسرعة، مبرزا أن قرار الرئيس جاء استكمالا لقانوني الرحمة والوئام المدني، حيث يريد رئيس الجمهورية طي مخلفات صفحة المأساة الوطنية نهائيا، مع تكييفه مع المستجدات والتطورات الحاصلة، في إطار دستور 2020. وبعد أن أكد دخينيسة، أن هذا العفو الرئاسي يندرج في إطار مسعى لمّ الشمل، الذي استشار فيه رئيس الجمهورية عديد الشخصيات السياسية والوطنية، قبل اتخاذه مثل هكذا قرار، شدد على أن الظرف الراهن، والتداعيات الإقليمية والدولية، تستدعي منا تدعيم الجبهة الداخلية، ورص الصفوف لمواجهة كل التحديات في إطار التوافق المنشود بين مختلف القوى السياسية في البلاد، للالتفات نحو قضايا وملفات أخرى شائكة، على غرار الإقلاع الاقتصادي ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.