الذكرى السبعون لاندلاع الثورة التحريرية: تقديم العرض الملحمي "روح الجزائر" بالجزائر العاصمة    الطاهر الزبيري يغادرنا عن 95 سنة    وزارة المجاهدين تعد برنامجا ومتنوعا احتفاء بالحدث الكبير    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    بيان مشترك لمواصلة تطوير التعاون الثنائي في كل المجالات    السكن والأشغال العمومية يواصلان تحدي التشييد والبناء    للفن السابع ضلع في نيل استقلالنا    تتويج صالح بلعيد بجائزة الملك سلمان    الذكرى السبعون لاندلاع ثورة نوفمبر 1954: السيدة مولوجي تدشن معرض بانوراما الفن التشكيلي الجزائري (1954-2024)    حرص شديد على حفظ الذاكرة والدفاع عن التاريخ    موثوقية الجزائر محفّز لجلب الاستثمارات    مجلس الأمن مع مشروع اقتراح الجزائر دعم "الأونروا"    صندوق استثماري جزائري - عماني    مجلس الأمن الدولي يحذر من المحاولات الرامية الى تقويض أنشطة الأونروا    استنجدا بالإعلام للتصدي للإشاعات والأكاذيب.. جبهة وجيش التحرير الوطني أفشلا الحرب النفسية الفرنسية ضد الثورة التحريرية    غلام: طريقة لعب المنتخب الوطني تغيرت مع بيتكوفيتش    شياخة: اخترت "الخضر" عن قناعة وأحلم بمونديال 2026    عودة مرتقبة لعبدلي    القبض على ثلاثة تجار مخدرات    آلة رفع الأتربة تقتل شخصين    510 عائلة تستفيد من الطاقة الشمسية    الكشف المبكر عن سرطان المبيض يرفع فرص الشفاء    7 برامج رئيسية و19 فرعية للقضاء على الفوارق التنموية    الأستاذة كيلالي تتوج بجائزة أفضل أطروحة في افريقيا    مجلس الأمن يطالب إسرائيل باحترام التزاماتها الدولية    الحفاظ على الطبيعة مسألة تراثية أيضا    فرسان البيان يتغنون بملاحم ثورة التحرير    زحزاح يبرز الجانب الإنساني والمسار النضالي للطبيب فرانتز فانون    هيئات مغربية توجّه نداء إلى الشعب لتوحيد الجهود    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    السيد بوغالي يستقبل نائب رئيس مجلس الدوما لفدرالية روسيا    بومرداس..ربط أزيد من 1200 عائلة بشبكة الغاز الطبيعي عبر ثلاث بلديات    المغير.. ربط أكثر من 580 مستثمرة فلاحية بالكهرباء خلال السنة الجارية    استهداف أزيد من 35000 هكتار لزراعة الحبوب    الذكرى ال70 لاندلاع الثورة التحريرية:مسابقة وطنية في فن الجرافيتي والرسم الزيتي بالعاصمة    وزير الداخلية : فتح 1235 منصب مالي في 2025    المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني : إعادة انتخاب الجزائر عضوا في المجلس التنفيذي    تصفيات كأس إفريقيا 2025: المنتخب الوطني الجزائري يجري تربصا تحضيريا من 11 الى 17 نوفمبر    الجمنازياد العالمي المدرسي (البحرين 2024) : أربع ميداليات برونزية في الجيدو تعزز رصيد الجزائر    الفاف: تربص تكويني من 4 الى 9 نوفمبر بالجزائر العاصمة لنيل شهادة "كاف-أ"    شخصية المعلم.. بين مثالية شوقي وريشة الجاحظ    اللاعب الشاب أمين شياخة يختار اللعب للمنتخب الجزائري    المكتب الفدرالي يدعو الأنصار إلى إدانة كل اشكال العنف..استحداث جائزة أفضل لاعب في الشهر وجائزة اللعب النظيف    حمزة حسام: زيارة رئيس الجمهورية لمصر وسلطنة عمان تؤكد وقوف الجزائر ضد المخطط الصهيوني لضرب الوحدة العربية    وزارة الصحة: افتتاح التسجيلات للمشاركة في مسابقة الالتحاق بالتكوين شبه الطبي    استقبال ممثلين عن جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة    زهانة يؤكد أهمية تهيئة البيئة المواتية    بورصة الجزائر تدعو للالتزام بالقانون الجديد    هذه أولويات قطاع النقل    انتهاكات المغرب تجاوزت كل الحدود    أوقفوا التصعيد الصهيوني..    تدشين المخبر المركزي الجديد    علي عون: استهلاك الأدوية يرتفع ب15 بالمائة سنويا في الجزائر    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    اتفاقية وشيكة بين الجزائر وكوبا    قصص المنافقين في سورة التوبة    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    الاستخارة والندم والنفس اللوامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم «عمر قتلاتو» لعلواش
نشر في الشعب يوم 10 - 08 - 2022

تميّز علواش أيضًا بأنّ أفلامه لم تتطرّق لحرب التحرير، ولم ينجز ما كان يعتبر مندرجًا في سياق الدعاية للسلطة الوطنية، وفي الوقت ذاته كانت اِنطلاقته مقترنة بمرحلة توهج وأحلام كبيرة، تلتها مرحلة اِنكسار وخيبة بلغت ذروتها التراجيدية في سنين المحنة الرهيبة في تسعينيات القرن الماضي. ولخَّص علواش ذلك قائلاً: «أنا من جيل عاش في ضبابية ما بعد حرب التحرير. أعتقد أنّني كنتُ مثل كثيرين، صبوراً ورومانسيًا. كنتُ مثل غيري، أحمل آمالاً كبيرة بعد الاِستقلال، لأنّ البلد كان يعيش مرحلة البناء، أمّا اليوم، إنّنا سنضطر إلى إعادة النظر، وإعادة البناء من الصفر». وقال مُعَبِّراً عن ندمه على اِنجاز شريط عمل الثورة الزراعية: «كُنا جيلاً وقع ضحية الخطابات السياسية المزيفة».
يُعتبر فيلم «عمر قتلاتو الرجلة» شهادة ميلاد مخرج، ومحطة تحوّل في المنجز السينمائي الجزائري...فيلم اِنزاح عن نمطية التمجيد للثورة ولمكاسب معركة البناء كما يُقال، فيلم تعاطى مع تفاصيل ويوميّات معاناة وهواجس وخيبات جزائري في سبعينيات القرن الماضي، وغاص في المدينة المُغيّبة غالبًا في ظل محورية الريف في الخطاب المُتداول وهي محورية اِقترنت بعوامل متداخلة اِمتزجت في صياغة أيديولوجية تشكلت من تأثيرات مُتعدّدة واستحضرت مرجعيات مختلفة، جمعت بين قصيدة الأمير المُمجدة للبادية وتنظيرات فرانز فانون عن دور الريف في الكفاح.
عمر قتلاتو لم يكن فقط المُنْطَلَقْ، بل كان الإنجاز الأهم في مسار علواش، ورغم كثافة إنتاجه، لم ينجز ما يُعتبر تجاوزاً لفيلمه الأوّل. بعد فيلمه الأوّل، توالت أفلامه بوتيرة تجعله أكثر المخرجين إنتاجًا واستمرارية.
فيلم «نوة» لطولبي
فيلم «نوة» صياغة سينمائية لقصة من قصص الطاهر وطار، قصة تُعيد تَمَثُّل الماضي القريب، تَمَثُّلاً مُتصلاً بهواجس حاضر مشحون بحلم العدالة، وإتمام معركة التحرير بتحقيق كلّ أبعادها. وطولبي مِمَن شاركوا في الثورة. ولطولبي ميزة ضمن مخرجي البدايات، وهي أنّه كان المُنفرد تقريبًا بتكوين بالعربية، تكوين تدعم بآخر في ألمانيا. وقد أَنْتَجَ قبل «نوة» بعض الأعمال التي تَعَرَضَ بعضها ربّما للإتلاف وذلك ما يفصح عن خلفيات اِختفائه من المشهد بعد «نوة».
اِتّجه طولبي نحو الخليج لإتمام مشواره في المجال السينمائي، ولكن لم يستمر إنتاجه كمخرج، ولقد سعى عبد العزيز طولبي كمنتج لإنتاج فيلم عن الأمير عبد القادر اِعتماداً على رواية واسيني الأعرج، وجرت اِتصالات وتحركات لكن لم يثمر ذلك. وفيلم «نوة» تمَّ اِعتباره نقديًا من الأفلام التي لها قيمتها وموقعها في ريبرتوار السينما الجزائرية.
فيلم «نهلة» لفاروق بلوفة
فاروق بلوفة اِنطلق بتأسيس قوي، نظريًا وعمليًا، اِشتغل في منابر النقد السينمائي، وحاور مخرجين كرومان بولنسكي وليشينو فوسكنتي. درس السينما في الجزائر ثمّ في باريس، تابع دروس الناقد المُنظِر رولان بارت في المدرسة التطبيقية للدراسات العُليا، واشتغل مساعد مخرج مع يوسف شاهين في فيلم «عودة الاِبن الضال»..ورغم كلّ ذلك واجه الحصار، ومن البداية تعرض فيلمه الأوّل إلى الاِستبعاد والإتلاف وكان عن ثورة التحرير والحجة التي طرحت أنّ مقاربته كانت ماركسية.
فيلم «نهلة» للمخرج بلوفة يعتبر مُنجزاً اِستثنائيًا بحمولته ووجهته والرؤية التي اِرتكز عليها، والتي مَثَلَت إضافةً للجانب الجمالي موقفًا له دلالته ووزنه في سياقٍ مُحدّد هو سياق الحرب الأهلية في لبنان...فهو كما كَتَبَ الكاتب سعيد خطيبي عقب وفاة بلوفة بمثابة «المانيفستو الفنّي» لليسار العربي..وسيناريو الفيلم للكاتب رشيد بوجدرة الّذي منذ بداياته اِرتبط بقضايا المنطقة وسبق له نشر «يوميات فلسطينية» سجل فيها يوميات رحلته للشرق الأوسط. تمَّ تصوير الفيلم في خضم الحرب، فتشابك بتعبير المناطقة المحمول مع الموضوع.
فيلم «تحيا يا ديدو» لزينات
فيلم «تحيا يا ديدو» جمع أسماء لها ثقلها: زينات وحيمود براهيمي أو ميمو وأيضا إسياخم والعنقا. فيلم شكّل تجربة متفرّدة، وكان يحمل رؤية وسبق كما يقول أحد مسؤولي السينماتيك لياس سماعين في تصريح ليومية «الوطن» عدد 14 جانفي 2017. يقول: «كان زينات مؤسسًا ورؤيويًا، أخرج فيلم «تحيا يا ديدو» في بداية سبعينيات القرن الماضي، كان جديداً كليًا هذا النوع من الأفلام، نوع فيلم البطاقة البريدية لمدينة، وكان في الوقت نفسه أكثر من بطاقة بريدية..بسنتين بعد ذلك كما أعتقد قام المخرج الإيطالي الكبير فيدريكو فليني بإخراج فيلمه (فيلني روما)، المُعتبر عالميًا كنموذج لنوع الأفلام المذكور، مخرجنا زينات كان سباقا». والفيلم جاء بناءً على رغبة من طلب من المجلس الشعبي البلدي للعاصمة، وكان الطلب يتعلق بعمل إشهاري للعاصمة بعد سنوات قليلة من اِسترجاع الاِستقلال، لكن زينات كما ورد في مقال أمزيان فرحاني قام باِختطاف سينمائي «بهدف إبداع عمل أصيل يتجاوز ما تضمنه طلب إنجاز الفيلم ثمّ يفجر الحدود الفاصلة بين التسجيلي والخيالي».
الفيلم اُختتم كما ورد في مقال فرحاني بأبيات حيمود براهمي او ميمو، وهي أبيات مُعبِّرة بِمَا يُغني عن التعليق والتفسير، وهي في ما معناه: الماضي يترك إيمانه، الحاضر يقترح قانونه، المستقبل يفرض حقه..
السّينما الجزائرية كانت أكثر الفنون مُواكبةً للتّحوّلات
بعد المد جاء الجزر ولذلك ملابساته المرتبطة بالسياق، سياق التحوّل في الثمانينيات وما ترتب عنه من تفكيك باِسم إعادة هيكلة المؤسّسات، تفكيك جمَّد ديناميكية الصناعة السينماتوغرافية ورافق ذلك تعرض القاعات للغلق أو تحويل النشاط.. وتفاقم الأمر في التسعينيات التي شهدت محنة دفعت المبدعين إلى الصمت أو الهجرة. ويمكن أن نذكر معطى آخر مثّلَ تحديًا واجهته السينما العالمية، وهو مخرجات التطور الهائل في تكنولوجيا المعلوماتية وانتشار وسائط تواصلية دفعت إلى إعادة تكييف آليات الصناعة والتسويق في المجال السينمائي.
ورغم ذلك واصل سينمائيّون الاِجتهاد وبرزت مؤشرات تحوّل مُتعدّد الأبعاد في السنين التالية والمُتواصلة إلى الآن، تحوّلٌ في الرؤى الإخراجية وفي التيمات والهواجس، وبرز سينمائيّون ترسخوا عالميًا مثل: رشيد بوشارب، ولياس سالم، بأفلام بعضها أعاد تَمَثُّل مرحلة الكفاح ضدّ الاِستعمار، ولكن برؤية مُتجاوِزة للنمطية. وهواجس السينمائي الجزائري لا تنفصل عن هواجس بقية المبدعين المرتبطة بأسئلة الهوية والذاكرة ومحاولة التعافي من محنة التسعينيات وتحديات التحوّلات المُتلاحقة في زمن العولمة.
ويبقى الإشكال الّذي يُعاني منه السينمائيون هو المرتبط بغياب قاعات عروض، وما ترتب عن ذلك من عدم مواكبة الجمهور للمنجز، إلاّ إذا كان هناك مهرجان. ويمكن أيضًا إضافة بعض النقاط حول هشاشة المنتوج السينمائي: منها إشكالية النصوص، فهناك ضآلة الاِهتمام بالكتابة السينمائية وغياب اِستثمار النصوص الأدبية باِستثناء تجارب قليلة اِرتكزت على نصوص لبن هدوقة ومولود معمري وياسمينة خضرة وأمين الزاوي...ولقد اِنخرط بعض الكُتّاب في الكتابة للسينما مثل بوجدرة، وآسيا جبار التي جمعت بين الرواية والسينما وهي تجربة ليست منفردة، ففي مصر أقنع صلاح أبو سيف الكاتب نجيب محفوظ بالتمرّن على كتابة السيناريو فلم يقف عند اِقتباس نصوصه سينمائيًا بل اِشتغل على نصوص كُتّاب آخرين وصاغها سينمائيًا.
خلاصة الكلام
السّينما الجزائرية لها مرجعية فائقة الرمزية ومُلهِمة، ورصيدٌ له اِعتباره والمنشود اِستثماره لاِستعادة الزخم والحيوية. وفي ستينية اِسترجاع الاِستقلال، يمكن القول بأنّ السينما كانت أكثر الفنون مُواكبةً لكلّ التحوّلات التي عرفها المجتمع من معارك إزالة آثار الاِستعمار إلى معركة تجاوز الإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.