وقّعت الجزائروفرنسا، أمس، «إعلان الجزائر» من أجل شراكة متجددة، واتفقتا على تفعيل عمل اللجان الثنائية وتبادل الزيارات من أجل المضي قدما في تنفيذ الرؤية الجديدة للعلاقات الثنائية. جاء ذلك في اليوم الثالث والأخيرة لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون. بعد قضائه ليلة الجمعة إلى السبت بوهران، حيث زار، صبيحة أمس، معالم دينية وثقافية واستقبل بشعارات تنادي «وان.. تو.. ثري.. فيفا لالجيري»، عاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العاصمة «لتحية» الرئيس عبد المجيد تبون وتتويج زيارة «الصداقة» بتوقيع عدة اتفاقيات. ومنذ الخميس الماضي، وبعد محادثات طويلة وصفت ب «الصريحة» و»البناءة»، كلف رئيسا البلدين، وزراء من الحكومتين، بالعمل على تدوين جميع التفاهمات المتوصل إليها في وثيقة نهائية. ويبدو أن الأمور سارت بسرعة وسلاسة،بما سمح بتوقيع «إعلان الجزائر» من أجل شراكة متجددة، من قبل الرئيس تبون ونظيره الفرنسي بالقاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي هواري بومدين. وبحسب ما استخلص من تصريحات الرئيسين للصحافة، فإن الإعلان يشمل الرؤية الجديدة لبناء علاقات ثنائية قائمة على مبدئي «الاحترام المتبادل وتوازن المصالح»؛ بمعنى آخر علاقة قائمة على قاعدة براغماتية (رابح-رابح)، وتراعي تعزيز الروابط الإنسانية بحكم العدد الهائل للجاليات التي تتنقل بين الضفتين. ويأتي توقيع «إعلان» الجزائر، بعد 10 سنوات من توقيع مذكرة التفاهم والصداقة أو ما يعرف باتفاقية الشراكة الاستثنائية سنة 2012، والتي خضعت إلى تقييم شامل ودقيق من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وضيفه إيمانويل ماكرون، في اليوم الأول من الزيارة، حيث تم تحديد مكامن النقص ومسببات العراقيل التي حالت دون تنفيذها بالشكل المطلوب للبلدين. ويحصر الإعلان عديد النقاط المتفق عليها في مجالات السياسة الخارجية، الأمن، الذاكرة، الاقتصاد والثقافة، إلى جانب دعم مبادرات الشباب في إنشاء المؤسسات الناشئة وتطوير بحوث الابتكار والذكاء الاصطناعي. وأشرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على مراسم توقيع 05 اتفاقيات قطاعية، مست الصحة العامة، البحث العلمي والتكنولوجي والرياضي. وذلك قبيل توقيعهما على إعلان الجزائر. الاتفاقيات شملت، اتفاق شراكة وتعاون بين معهدي باستور، اتفاق شراكة علمي بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي للبلدين، مذكرة نوايا بين وزارة الشباب والرياضة الجزائرية ووزارتي الرياضة والألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية لذوي الإعاقة الفرنسي. واتفاق بين حكومتي البلدين يتضمن إقامة شراكة معززة جزائرية- فرنسية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. الرئيسان تحدثا مجدّدا لوسائل الإعلام بالقاعة الشرفية، حيث أبرز الرئيس تبون أهمية الزيارة لكلا البلدين، معلنا في الوقت ذات عن تنصيب وشيك للجنة المؤرخين التي ستشتغل على ملف الذاكرة من أول يوم للاستعمار إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية، تضاف لها المأساة المرتبطة بملف التجارب النووية في الصحراء الجزائرية. وقال رئيس الجمهورية: «اتفقنا على تنصيب لجنة مؤرخين، بعيدين عن السياسة من أجل معالجة الذاكرة من زاوية التاريخ وليس زاوية السياسة»، مفيدا «بأنها (اللجنة) ستنصب خلال 15 أو 20 يوما المقبلة». وأوضح بأن عملها سينجز في آجال زمنية تناهز سنة كاملة «وقد تستطيع أن تكمل مهمتها قبل هذا الموعد أو تزيد عنه». وعاد الرئيس تبون، للحديث عن المغزى السياسي للزيارة، ليؤكد أنها شهدت «الاتفاق على المستقبل الذي يعنينا معا»، لافتا إلى أن فرنسا كأول قوة أوروبية وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، والجزائر دولة من أقوى البلدان الإفريقية، بإمكانهما العمل سويا على قضايا تتجاوز البعد الثنائي، خاصة وأن الجزائر تعمل على كل ما يخدم مصلحة القارة الإفريقية. وأشار رئيس الجمهورية إلى الاجتماع الأول من نوعه منذ استقلال الجزائر، والذي جمع رئيسا البلدين مرفوقين برؤساء الأركان وقادة الأجهزة الأمنية لكلاهما، ما يمثل رسالة على تحرك مشترك في «محيطنا الجيو سياسي»، ليختتم بالتأكيد على أن التقارب «يسمح لنا بالذهاب بعيدا».