استهلّ منتجو البطاطس غير الموسمية «المتأخرة» بالوادي، هذه الأيام، التحضيرات والاستعدادات لزراعة أهم محصول حقلي بالمنطقة، وسط تخوّفات من تواصل ارتفاع درجات الحرارة القياسي مع بداية حلول فصل الخريف، المعد مناخه الطبيعي الصحراوي مناسبا تقنيا لنمو وسلامة الشعبة. يعتبر موسم شعبة البطاطس المتأخرة من أهم المحاصيل الرئيسية المنتجة بوادي سوف، تُمنح له حظوة بالغة لتزامن حصاده مع الفترة الشتوية الباردة المؤدية لانحسار مختلف الزراعات الحقلية في مناطق شمال البلاد، مما يجعله مساهما رئيسيا في تغطية الأسواق الوطنية في أشهر ديسمبر وجانفي وفيفري ومارس بهذه المادة الأساسية واسعة الاستهلاك. ويتراوح حجم إنتاج البطاطس بالولاية بين 10 و12 مليون قنطار، مزروعة على مساحة تناهز 30 ألف هكتار، بحسب الإحصائيات، حيث شهدت زراعتها في السنوات الأخيرة اضطرابا ارتبط بزيادة أو تراجع في مستوى مساحاتها المستغلة، بسبب مشكلات التسويق والتخزين التي أثرت على قدرات ومعنويات الفلاحين المنتجين. في هذا الجانب، يتميّز محصول البطاطس بوادي سوف بزراعته في موسمين مختلفين خلال العام الواحد، نظير توفرها على مناخ صحراوي مناسب للفلاحة على مدار الفصول الأربعة، فالموسم المتأخر للشعبة يعد رئيسيا بالولاية ويمتد جنيُه لكل أشهر الشتاء، أما الإنتاج الموسمي للمحصول فيكون حصاده في فصل الصيف بأقل حجم ومردود، ويوجّه جزء منه لعملية تكثيف البذور بشكل ذاتي من طرف الفلاحين المنتجين. زيادة متوقعة في المساحة يقول رئيس الإتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين بالوادي العربي بليمة، في تصريح ل «الشعب»، إنّ موسم البطاطس المتأخر الحالي لن يكون مختلفا عن باقي المواسم، نظرا لامتداد وضعية الجفاف من عام لآخر وعدم تساقط الأمطار في المناطق الداخلية والساحلية بشكل مناسب لاحتياجات القطاع. وتوقّع بليمة، زيادة في مساحة محصول البطاطس بالولاية لهذا العام، مقارنة بحجمها في الموسم السابق المقدر ب30 ألف هكتار، وذلك بناءً على عدة مؤشرات، منها دخول وترويج عدد كبير من شاحنات الدوبال -فضلات الدجاج- لتراب الولاية، المخصّص لعمليات الاستصلاح الزراعي، فضلا عن عامل ارتفاع أسعارها وعدم نزولها عن 50 دج للكيلوغرام الواحد طيلة الأشهر الماضية، ما من شأنه تحفيز الفلاحين المنتجين بالمنطقة على زيادة المساحات والإنتاج. كما أشار إلى توفر المنطقة على عوامل وظروف مناخية مناسبة، واحتوائها على مخزون مائي كبير يؤهلها بأن تكون قطبا فلاحيا في عدة محاصيل فلاحية إستراتيجية، وليس في شعبة البطاطس فقط. محفزات وعراقيل أبرز العربي بليمة، وجود كثير من العوامل الإيجابية المساعدة على ترقية محصول البطاطس وباقي المحاصيل، عملت الدولة على توفيرها وتجسيدها ضمن خطط تنمية القطاع الزراعي، على غرار إجراءات وتسهيلات إنشاء التعاونيات الفلاحية، الدعم الفلاحي الموجه للزراعات الإستراتيجية والمكننة بالعتاد والآلات، ربط المستثمرات بالكهرباء والمسالك وغيرها من القرارات والقوانين الصادرة في هذا الخصوص. وأضاف، أن هناك نقاط سلبية لا تزال تخيّم على القطاع الفلاحي، مثل ارتفاع أسعار البذور ومدخلات الإنتاج، عدم استقرار السوق، خاصة وقت ذروة الحصاد، سواء في محصول البطاطس أو باقي الشُّعب، غياب متابعة ومراقبة تسويق البذور من دون ترخيص، وكذا تأخر تسوية وضعية العقار الفلاحي. في هذا الصدد، اقترح المتدخل، عدة خطوات لتطوير القطاع وتثمين مكتسباته السابقة، تبدأ بتجسيد الرقمنة على أرض الواقع بعد معالجة العقار الفلاحي والقضاء على العرفي والمجهول، تسخير الإمكانات المادية والبشرية لضبط الخارطة الحقيقية للقطاع والحد من تصرفات المضاربين والعابثين بمصير الأمن الغذائي الوطني. للإشارة، لا يقتصر الموسم الزراعي المتأخر بالوادي على إنتاج شعبة البطاطس، وإنما يستغل لزراعة محاصيل أخرى رئيسية مثل الطماطم الحقلية والثوم والبصل وغيرها من الخضروات واسعة الاستهلاك.