تدعيم مفهوم التشاركية والشفافية والمساءلة يجمع عدد من المختصين في الشأن الاقتصادي، على أهمية العملية السادسة للإحصاء العام للسكن والسكان، التي ستنطلق شهر سبتمبر الجاري، حيث يؤكد المختصون أن العملية ستساهم في تحديد الاحتياجات والأولويات في رسم مخططات السياسة الاقتصادية العامة ووضع برامج التنمية المحلية. يرى الدكتور إسحاق خرشي، المختص في الاقتصاد، أن عملية الإحصاء العام للسكن والسكان مهم جدا من الناحية الاقتصادية، حيث أن من شأن معرفة عدد السكان المساعدة على تحديد احتياجاتنا من الاستهلاك في القطاعات الكبرى وتنوع احتياجاتنا من استهلاك الغاز الطبيعي مثلا، لأن حجم الاستهلاك الوطني ما بين 60 حتى 65٪ من الإنتاج الوطني وهذا يؤثر على حجم الصادرات من الغاز الطبيعي وبالتالي من المهم تحديد تعداد السكان، من أجل توقع حجم الاستهلاك وارتفاع الكميات أو انخفاضها. وتبرز أهمية عملية إحصاء السكان في قطاع الفلاحة، خاصة شعبة الحبوب، لتحديد احتياجاتنا الحالية والمستقبلية من الحبوب واحتياجاتنا التي يجب أن ننتجها في الداخل، وكم يجب أن نستورد لتغطية الطلب المتزايد على الحبوب نتيجة تزايد الكثافة السكانية وارتفاع معدلات الاستهلاك. وبالتالي فإن تحديد التعداد السكاني ضروري بحسبه من أجل رسم آليات التنمية المحلية ومختلف المشاريع التي تحتاجها هذه الكثافة السكانية. كما يعد هذا الرقم مهما حتى في مخطط انضمام الجزائر إلى منظمة "بريكس"، لأن الأعضاء المتواجدين في هذه المنظمة لديهم كثافة سكانية كبيرة، بحسب ما أشار إليه المتحدث. واعتبر الدكتور خرشي، أن الأهم ليس فقط الرقم، حيث أننا بحاجة إلى تصنيف التعداد السكاني وفقا للفئات العمرية المعتمدة وهي فئة الرضع وفئة الشباب وفئة الكهول وفئة الشيوخ، حتى نعرف ما هي الفئة العمرية التي تمثل أكبر نسبة من سكان الجزائر وحتى نستهدفها من الناحية الاقتصادية. وأوضح محدثنا هنا، أن المتوقع أن تكون الكثافة السكانية في الجزائر كبيرة في الفئات العمرية الخاصة بالشباب، مما يتطلب استهدافهم بمشاريع اقتصادية وصناعات ثقيلة وصناعات تتطلب جهدا بدنيا وفكريا وهو أمر ضروري من أجل بناء الجزائر، بالإضافة إلى أن معرفة الفئات العمرية ستساعدنا في معرفة متطلبات عملية التنمية المحلية وحتى نحدد كم نحتاج من ابتدائيات ومتوسطات وثانويات وجامعات، حتى لا تكون النتيجة النهائية، الاكتظاظ ومشكل غياب التنظيم وما إلى ذلك، وكذلك نسبة البطالة في الفئات العمرية التي تعد أيضا مهمة لرسم سياسات التشغيل في الجزائر. وأضاف، أننا من خلال هذه العملية نحتاج أيضا معرفة المستوى الثقافي في هذه الكثافة السكانية بالنسبة لعدد السكان والفئات العمرية، حتى نعرف كيف نخاطب هذه الفئات العمرية ومن أجل معرفة البرامج الثقافية والإنتاج التلفزيوني وهي جوانب مهمة من ناحية التوعية وتوجيه الرأي العام نحو قضايا معينة تخدم البلاد . كما أنه من المهم كذلك التعرف على عدد الوفيات في كل سنة، حتى نقف أكثر على أسباب هذه الوفيات ونتمكن من دراسة إمكانية تقديم الحلول. تفاعل إيجابي أما الدكتورة آسية قمو الأستاذة بقسم العلوم المالية والمحاسبة بكلية الاقتصاد بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، فأكدت من جانبها أن أهمية عملية الإحصاء التي ستنطلق هذا الشهر، تظهر من خلال المساهمة في توفير معلومات كافية حول التعداد السكاني والبيانات الأساسية لكل تطلعات الدولة المتعلقة بالصحة والتعليم والإسكان والبطالة. كما اعتبرت أن هذا يبقى مرهونا بجدية العملية وتجاوب المواطنين ويعد الأمر ضروريا، خاصة بعد الأزمة العالمية وتفشي وباء كوفيد-19 والتقسيم الإداري الجديد وهو ما سيوضح أيضا معدل الهجرة للسكان الداخلي والخارجي. ويعتبر توضيح أهمية العملية السادسة لإحصاء السكن والسكان بالنسبة للمواطن أمرا ضروريا، بحسبها، حين نتكلم عن بلوغ الأهداف المرجوة من العملية، كونه يمثل عنصرا فعالا فيها، والتي من شأنها أن تعود بالفائدة في تسيير المال العام، خاصة بعد صدور القانون العضوي الجديد لقوانين المالية قانون 04 رقم 18-15 المؤرخ في 2 سبتمبر 2018 والذي سيدخل حيز التطبيق سنة 2023، حيث أن أهم ما جاء فيه هو ضرورة أن تكون حسابات الدولة منتظمة وصادقة وتعكس بصفة ملخصة ممتلكاتها ووضعيتها الحالية. كما أشارت المتحدثة إلى أن العملية السادسة للإحصاء ستساهم في تدعيم مفهوم التشاركية والشفافية والمساءلة وتعزيز حكم القانون، بما يحقق الاستجابة لمتطلعات ورغبات المواطنين وبالتالي نجاح تنفيذ العملية مرهون بمدى التفاعل الإيجابي مع المجتمع وتعتبر العملية ضرورية لتحديد وضبط ميزانية كل منطقة وتحديد الأولويات في المشاريع حسب التعداد السكاني لكل منطقة ومعدل العمالة فيها. إحصائيات لا تقديرات وركز الدكتور أحمد جعفري، أستاذ الاقتصاد بجامعة المدية، على أهمية عملية إحصاء السكان من أجل ضبط مخططات واستراتيجية الدولة في بناء اقتصادها والتي تتطلب الاعتماد على إحصائيات دقيقة وليس مجرد تقديرات. وبهذا الخصوص اعتبر أن الإحصاء العام للسكان والإسكان من شأنه أن يوفر قاعدة هامة من المعطيات ويوضح مجموعة من المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية التي تسمح بتنوير مسار صنع القرار العمومي من أجل تكفل أفضل باحتياجات السكان المتنامية وتحسين الخدمة العمومية. وأكد أن لهذا التعداد أهمية كبرى على جميع الأصعدة في الجزائر، إن على المستوى الاجتماعي، الاقتصادي أو غيرهما. كما أن هذا التعداد يتطابق مع أهداف رؤية الجزائر المستقبلية التي تطمح أيضاً لمستقبل أفضل اجتماعيا واقتصاديا، مشيرا إلى أن أهم أهداف إحصاء وتعداد السكان في الجزائر 2022، توفير قاعدة مهمة جداً لأصحاب القرار. وتؤدي العملية دوراً أساسياً في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتوفير البيانات التي تتطلبها الخطط التنموية، كما تساعد أيضاً بيانات التعداد السكاني في تطوير الخدمات العامة ويعمل التعداد السكاني على مساعدة رواد الأعمال والقطاع الخاص في تطوير أعمالهم وكذا الباحثين.