تتّسم الصناعات التقليدية في الجزائر بحلة جميلة وعريقة، لذا تحتل مكانة مرموقة لأنها تبحث في نهاية المطاف عن منتوجات مصنوعة يدويا، وذات طابع خاص فريد من نوعه، وفوق ذلك يحافظ على التراث الجزائري، لأنه مرآة عاكسة لثقافتنا وتاريخنا في جميع أنحاء الوطن، ولكل ولاية بصمتها الخاصة في هذه الصناعات، بداية من الفضة والفخار والنحاس، وغيرها من الحرف التي تصنعها أنامل الفن الأصيل. ويمكن القول بان انبثاق الحرف التقليدية الجزائرية، يعود إلى ما قبل التاريخ، ثم بعد ذلك حمل بصمة إرث الحضارة الإسلامية الراقية، وهذا ما أدى إلى احتجاب نوعا ما آثار الحضارات الرومانية والقرطاجية والبيزنطية لفرض فن متأسّس على قواعد هندسية وأشكال تناظرية، مثل فن الزخرفة العربية والخطوط المتعرجة والأشكال الوردية وغير ذلك، ثم بعد ذلك بادر الحرفي البدوي الجزائري في إثراء تلك الزخاريف بورديات ونجوم ومثلثات ومعينات وغير ذلك، لإضافة عناصر أشكال كالقوس وضفائر زهر سنابل إلى غير ذلك. والحقيقة تتجلى في كون الخامسة والابزيم البربري والقلادات، كلها تحمل معنى الحماية ضد «العين» والحسد، حيث تنبثق منهم علاقات اجتماعية وممارسات نابعة من العرف وما يشبه ذلك. فيمكن مثلا في منطقة القبائل العثور على عصب ملكية وقلادات وأبازيم اذنية ومعصميات، أما عملية تزيين الحلي، فلا تقتصر على الطلي بالمينا أو بأكسيد الكروم، بل يضيف عناصر المرجان، وهذا ما يطلق عليه اسم اخلخالن «معصميات» تاهراهت «الابزيم» وتاساحت «الاكليل» وتيقود ماتين «نوع من الأقراط»، كلها اكسسوارات تتزين بها المرأة في المناسبات والأعراس. أما في المنطقة الشاوية نجد انتشار الفضة التي تسود كثيرا في استعمالها وذلك في العلاقة التشوشانة (إبزيم أذني مرصع بالمرجان) وتيمشرفت (إبزيم اذني من نوع آخر) واومقياس «سوار» وابزيم «مكبس» وتينخسين «مشبك» والسمسم (قلادة) وأخلخال معصمية وأقران «دبوس مدعم بكرة فضي»، والسخاب عبارة عن قلادة مزينة باللؤلؤ المرجاني والخامسة. أما بالنسبة لجنوب البلاد، تتحلى النساء بقلادات متدلية على الصدر وخواتم وأبازيم أذنية ومعصميات وسوارات من النحاس الأصفر وقلادات قوقعية وغير ذلك، فيطلق على هذه المجوهرات التسميات الموالية: تيرووت «القلادة المتدلية» تاسرالت «القلادة ذات معينات» والجميسة «الخامسة» وتمسقين «حلقة صغيرة» وتينغالت «اقاديس»، تيروت نزرق «علبة تمائم» وتيسقيمت «خاتم» وتيزباطن «ابازيم اذنية من الفضة» واحباسن «أساوير» وتسغالت «قلادة من اللؤلؤ». وأما بالنسبة لمجوهرات ولاية مسيلة فنجد الدبابيس والابازيم والقلادات. إذا هذه الأنواع من الحلي تكون منتشرة في جميع الولاياتالجزائرية، وتحاول كل امرأة عرض تقاليد ولايتها وحتى الولايات الأخرى خلال التصديرة في يوم عرسها حين تعرض مجموعة من الألبسة التقليدية مرفوقة بالحلي الذي يتماشى معها. ويبقى الحفاظ على هذا التراث مسؤولية الجيل الجديد لحمايته من الاندثار والعصرنة التي تساعد على زوالها بشكل تدريجي، خاصة مع دخول المجوهرات من عدة دول آسياوية باتت تنافس الحلي المحلي الأصيل بالسوق الجزائري.