ادّعاء أن «تراب الأضرحة» علاج لسرطان الثدي! رصدت «الشعب» في جولتها بمصلحة علاج الأورام «يسعد خالد» بمعسكر للتعرف على واقع مرضى السرطان مشهدين، أحدهما قاتم يسيطر عليه الألم والمعاناة، أما الآخر فعامر بالأمل والايجابية، حيث لفت انتباهنا طلب أحد المقهورين من المرض أن يكون الأمل العنوان الأبرز للاستطلاع. بين جدران المصلحة التقت «الشعب» بنساء يخضعن للعلاج بعد بلوغهن المرحلة النهائية من سرطان الثدي، بسبب استهتار ولا وعي يمكنهن من تقدير خطر الجري وراء وصفات هي أقرب للشعوذة والخزعبلات التي يروجها أصحابها تحت غطاء الطب البديل وهو بريء منها. تراب الاضرحة .. الخلطة السّحرية؟! «اسماعيل» شاب ثلاثيني مثقف، فقد والدته في الخمسينيات من عمرها، بعد سنة من اكتشافها للمرض في مرحلة متقدمة من انتشاره في جسدها، ما قلص فرص نجاتها فكانت معركتها مع السرطان خاسرة حيث لم يسعفها الحظ في الانتصار على سرطان الثدي، ولم يسعفها الوقت المتأخر في اكمال علاجها. يقول اسماعيل عن والدته المتوفية بسرطان الثدي: «تمسكت بخيط أمل رفيع سرعان ما تلاشى بعد أن أنهكتها آلام العلاج الكيماوي»، مشيرا في حديثه أنها ارتكبت خطأ في رحلة علاجها، بداية من رفضها الكشف عن حالتها من قبل الأطباء، مستعينة وقتها بالطب البديل والعلاج الروحاني، بما أنها تنتمي إلى مجتمع يؤمن كثيرا بمثل هذه العلاجات، على غرار خلطات من تراب لضريح ولي صالح استعملتها كثيرا دون جدوى. ويضيف اسماعيل، متحسرا على وفاة والدته في سن مبكرة، أن الوقت الذي ضيعته والدته في البحث عن علاج بديل للكشف المبكر، كان كفيلا بالبدء في العلاج الطبي المتفق عليه وربما كان سيسمح بتفادي وصولها الى المرحلة النهائية من المرض، على غرار الكثير من الحالات، غير أن إضاعة الوقت كانت سببا في تلاشي مناعتها وبالتالي عدم تحملها للعلاج في وقت لاحق. وأوصى «اسماعيل» بحكم تجربته مع مرض سرطان الثدي، بأن يعزّزن من مناعتهن الجسدية من خلال حلحلة الضغوطات والمشاكل اليومية وتجاوزها بممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي، مشيرا الى أن الصحة النفسية للمرأة عامل أساسي لتقوية مناعتهن التي تعتبر وسيلة دفاعية ضد مرض السرطان، وعدم اللّهث وراء خزعبلات وأوهام طب يميل الى الشعوذة لا علاقة له لا بالطب ولا الطب البديل. خزعبلات أقنعت المصابات بالشفاء ! تسود المجتمع المحلي بولاية معسكر عدّة أفكار ومعتقدات عن علاج مرض السرطان، باستعمال الأعشاب الطبية، ولو أن هذه الأخيرة أثبتت فعاليتها للباحثين بمخبر علوم الطبيعة والحياة بجامعة معسكر، في محاربة المرض بدلائل علمية بائنة جاء ذكرها على لسان الدكتور بشير بن عربة، في إحدى المحاضرات العلمية. غير أن الشائع بالمجتمع المحلي أيضا، هو التداوي باستعمال طقوس روحانية تتم على مستوى أضرحة الأولياء الصالحين، على غرار ضريح الولي «سيدي بن سعد» بتيغنيف، الذي تحوّل إلى مزار للكثير من حالات المرض المستعصية، أين يستعمل تراب الضريح في محيط الورم ..اعتقادا أنه سيختفي!، دون المرور بمسار العلاج الطبي المعروف. وبلغ مخبر البحث في البيولوجيا بجامعة معسكر خطوات مهمة في مجال البحث العلمي لاسيما تلك المتعلقة بالدراسات البيولوجية الجزيئية في علاج السرطان باستعمال النباتات الطبية، بحسب رئيسه السابق الدكتور بن عربة، الذي يعتبر طب الاعشاب من الأسواق الاقتصادية الواعدة التي تلقى اهتمام نحو 80% من سكان العالم والدول المتطورة التي تستعمل النباتات الطبية لأغراض علاجية. من بينها الجزائر التي تزخر بتاريخ وموروث شعبي هام في هذا المجال، مشيرا أن مخبر البيولوجيا لجامعة معسكر تمكن من طرح عدة أبحاث ودراسات في هذا الخصوص، منها توصل دراسة علمية إلى نتائج حول فوائد بعض النباتات المحلية في مجال علاج والوقاية من أشرس أنواع سرطان الثدي والدم بنسبة تصل إلى 95% في ظرف 48-72 ساعة. المراجعة الطّبية ضرورية لتعجيل الشفاء على الرغم من البحوث العلمية البحتة في هذا المجال، غير أن الأطباء المختصين في علاج الأورام السرطانية، لا يوصون باتباع سبيل الطب البديل، وينصحون مرضاهم بعدم الخلط بين العلاج المتبع بالمستشفيات وبين علاج خلطات الأعشاب الطبية. وتقول المفتشة بمديرية الصحة لمعسكر الدكتورة منور نورية في هذا الصدد، أنه لابد من التحسيس والتوعية من خطورة الاستهانة بالإصابة بمرض سرطان الثدي وعنق الرحم، وتعميم الوعي الصّحي لدى شرائح من المجتمع معدومة الثقافة الصحية، على غرار النساء الماكثات في البيت، وحتى النساء العاملات اللواتي يتجنبن اجراء الفحص المبكر تجنبا للصدمة، والنساء اللواتي سلكن طريق الانحراف، حيث ترى المتحدثة أن المجتمع لابد أن يتعاون ويبذل جهدا أكبر بعيدا عن التفكير الاقصائي المحدود، لاسيما مع هذه الفئة الأخيرة. وأكدت الدكتورة أنه على النساء البالغات من العمر 35 سنة فما فوق، اجراء المراقبة اليومية الذاتية للثدي، مع اجراء الفحص المتخصص كل 6 أشهر، مع اجراء الكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم، بالنسبة للنساء اللواتي سبق وأن قمن باتصال جنسي «علاقة جنسية «-دون اعتبار لشرط السن، موضحة أن أغلب الحالات المسجلة لسرطان الثدي هي حالات متأخرة في المستوى الثالث، بسبب تجنب المصابات للكشف المبكر وغفلتهن عن هذا الأمر. في سياق متصل، بأكتوبر الوردي الذي يرفع فيه قطاع الصحة من درجة استعداده لمكافحة سرطانات النساء، بالتحسيس والتوعية، يرى العديد من المهتمين، ألا تكون هذه الجهود مناسباتية، داعين إلى تواصلها طيلة أيام السنة، عملا على الحد من الأرقام الرهيبة لعدد الاصابات بمرض سرطان الثدي وعنق الرحم. كما تشمل دعوات فعاليات المجتمع المدني بمعسكر، الاجتهاد من أجل تخصيص مصلحة للعلاج بالأشعة بالولاية، التي يضطر مرضاها إلى التنقل مسافات طويلة شرق -غرب وجنوب الوطن، من أجل تلقي العلاج بالأشعة، أوالحصول على مواعيد لذلك تصل بعضها إلى 6 أشهر وسنة كاملة من الانتظار .. حتى يحين موعد لا أمل فيه للعلاج.