يرى الأستاذ مبروك كاهي الباحث في الشؤون السياسية وأستاذ القانون والعلاقات الدولية محمد مرسلي، أن القرارات التي ستفضي إليها أشغال القمّة العربية التي ستحتضنها الجزائر مطلع نوفمبر القادم ستكون منسجمة مع الظروف الدولية والإقليمية والجهوية الراهنة، وستمنح نوعا من الفعّالية لبعض الملفات وفي مقدمتها ملف المصالحة الفلسطينية، وغيرها من القضايا الأمنية والاقتصادية المشتركة. قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مبروك كاهي، إن قمة الجزائر ستكون استثنائية بالنظر إلى نوعية التوصيات التي ستنبثق عن أشغال القمة، مشيرا إلى أنها ستواكب حتما الظروف الدولية الحالية، وبالتالي سيكون لها بعدا دوليا بحكم أن المنطقة العربية ليست بمنأى عن تأثير الأزمات الراهنة عليها. وحول مراهنة الجزائر على تفعيل العمل العربي المشترك، أفاد الأستاذ أن هذا المسعى ليس مجرد شعار، بل هو واقع عملي تجلى من خلال الزيارات التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ومبعوثه الشخصي ووزير خارجيته رمطان لعمامرة للعواصم العربية، والتي أجرى خلالها مشاورات حثيثة مع نظرائه لإيجاد عملية واقعية للعمل المشترك سواء من خلال توحيد الموقف السياسي لاسيما إزاء دعم القضية الفلسطينية، وإيجاد عملية تعاون اقتصادي، خاصة وأن بعض الدول العربية تعاني من أزمات اقتصادية خانقة ناتجة عن تبعات كورونا، والتذبذبات الحاصلة في سوق الطاقة الدولية. وفيما يتعلق بعوامل نجاح القمة، أكد الأستاذ كاهي أن توقيت انعقادها، بعد انقضاء جائحة كورونا وما خلفته من تبعات مسّت معظم اقتصاديات الدول العربية، حيث سيكون فرصة لبحث فرص تجاوز هذه التبعات والتأكيد على أهمية التكافل والتعاون بين الدول العربية، وفرصة مواتية لمناقشة أمن النظام الإقليمي العربي من التهديدات الكلاسيكية الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومناقشة تبعات ارتفاع أسعار المحروقات والغذاء وأزمة الطاقة والتحولات الأمنية العميقة. ومن بين عوامل نجاح القمة أيضا عودتها لجوهر الصراع والهدف الأساسي لإنشاء الجامعة العربية، وهي القضية الفلسطينية، فبعد نجاح الجزائر في تحقيق التوافق بين الفرقاء الفلسطينيين أياما قليلة قبل انعقاد القمة، تكون الجزائر قد نجحت في إخراج القضية من طابع الركود، وذكّرت المنتظم الدولي بتحمّل مسؤولياته كاملة اتجاه حل جذري للقضية الفلسطينية، وأن التحولات العميقة التي يعرفها النظام الدولي لا يجب أن تمر على القضية الفلسطينية دون حل وفق قرارات الشرعية الدولية. أما فيما يتعلق بأبرز التحدّيات، فيرى الأستاذ أن إيجاد أرضية توافقية للعمل الاقتصادي المشترك يعدّ من بين أبرزها، يقابله أيضا البحث عن آلية تساهم بشكل فعّال في حل الأزمات الحادّة التي تعرفها بعض الدول العربية ومساعدتها على استعادة الطابع الدستوري لأنظمتها كالسودان واليمن وليبيا، واتخاذ قرار توافقي يعمل على عودة سوريا واستعادة مقعدها في الجامعة العربية. إضافة الى تحدي مواءمة قرارات أو مخرجات القمة مع الظروف الدولية الراهنة، حتى تصبح القرارات عملية وواقعية تعود بالفائدة على الأنظمة والساكنة العربية، ولعل حضور الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس الاتحاد الإفريقي، ورئيس منظمة حركة عدم الانحياز، يصّب في هذا القالب ويعطي دفعة قانونية وعملية لمخرجات القمة، ويمكن اعتبارها أيضا مساهما في نجاحها ويعكس أيضا التحدي الذي وضعته الجزائر بإسماع صوت القادة العرب للمنتظم الدولي بحضور أبرز ممثليه. فيما يخص جدوى مبادرة الجزائر لجمع الفرقاء الفلسطينيين وإنهاء الخلاف والتجاذب، قال الأستاذ إن كل المؤشرات تشير الى نجاح المبادرة، على اعتبار أن الفلسطينيين أدركوا أن الوضع الذي هم فيه أي "الفرقة" زادت من ضياع القضية وأعطت فرصة للكيان الصهيوني للاستيلاء على مزيد من الأراضي، والالتفاف أكثر على الشرعية الدولية. فمبادرة الجزائر وفق الأستاذ جاءت في الوقت المناسب لها، أي في الوقت الذي أدرك فيه الفلسطينيون أن قوتهم في وحدتهم وضعفهم في فرقتهم، وأن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تحقق أهدافها العادلة والمشروعة بفصيل واحد فقط، بل تتحقق بوحدة الفصائل تحت قيادة سياسية موحدة ترغم المنتظم الدولي على ممارسة صلاحياته ضد انتهاكات الكيان الصهيوني، ومبادرة الجزائر هي بمثابة جرعة أو دفعة إضافية للقضية الفلسطينية لإقامة الدولة المنشودة كاملة السيادة وإحلال السلام الحقيقي في الشرق الأوسط. الجزائر جاهزة لاحتضان كل العرب بدوره قال أستاذ القانون والعلاقات الدولية محمد مرسلي، إن قمة الجزائر القادمة قمة استثنائية بكل المقاييس بالنظر الى الظروف الذي ستنعقد فيها وتزايد حدة التحديات التي تواجه معظم الدول العربية، مما يستدعي - حسبه- زيادة وتيرة التعاون والتشاور والتضامن العربي والترفع عن الخلافات، لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية وتأمين مستقبل الأجيال القادمة. وأضاف الأستاذ مرسلي "إن الجزائر تقوم بجهود جبارة لاحتضان كل العرب في قمة نوفمبر، وآمل أن تتكلل جهودها بمخرجات إيجابية لأهم الملفات المطروحة، وتتمكن من تحريك آليات التعاون العمل العربي لإيجاد حلول لمختلف الأزمات القائمة، تمهيدا لتفعيل التنسيق والعمل العربي المشترك". وأبانت الجزائر يؤكد مرسلي عن قدرتها وجاهزيتها لعقد قمة جامعة لكل العرب، وجدية مساعيها لإنجاح ملفات أخرى كالتعاون الاقتصادي والأمني والتنموي، بالإضافة الى رغبتها في ربط الأمن القومي العربي بالقضية الأم، وهي القضية الفلسطينية. وذكر أن القضية الفلسطينية ستكون الملف الرئيسي في برنامج أشغال القمة وستصبح القضية المركزية للأمة العربية، مبرزا أن "الجزائر ستعيد القضية الى مركزيتها، وستحيي مكانتها الإستراتيجية من أجل إحباط أجندات كل من تسوّل له نفسه التلاعب بها وإضعافها". وبخصوص الشق الاقتصادي، قال مرسلي إن القمة القادمة ستكون فرصة لإحياء بعض الاتفاقات العربية المجمدة على غرار مشروع السوق العربية المشتركة، والرفع من أرقام المبادلات التجارية لاسيما وأن البلدان العربية تمتلك الإمكانيات والثروات الباطنية لتحقيق تكامل اقتصادي قوي.