احتفت المدرسة العليا للشّرطة، علي تونسي، أمس، بالذّكرى ال 68 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر، بمحاضرة تاريخية، استحضرت فيها تضحيات الشعب الجزائري طيلة 132 سنة، وأكّدت الانتشار العالمي والإقليمي للقيم التحريرية التي استشهد من أجلها ملايين الشهداء. أكّد المدير مدير المدرسة، مراقب عام للشرطة، جمال يونسي، أنّ ذكرى اندلاع الكفاح المسلّح ضد الاستعمار الفرنسي «مناسبة للوقوف بإجلال وإكبار أمام هؤلاء الأبطال من الشّهداء والمجاهدين وتضحياتهم الخالدة». وأفاد في كلمة افتتاحية، بأهمية الاستلهام الدّائم من قيم الوفاء والإخلاص للوطن، التي رسّختها ثورة نوفمبر المجيدة، لافتا إلى ضرورة توريث رسالة التاريخ وتداولها عبر الأجيال المتعاقبة. ودعت المدرسة العليا للشرطة، د - حسين عبد الستار، المختص في التاريخ والمكلف بالبحث العلمي في المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية ثورة أول نوفمبر لإلقاء محاضرة أبرز فيها قيم وأبعاد الثورة الجزائرية على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وقال عبد الستار: «إنّها ثورة عالمية بكل المقاييس، في دلالاتها الرمزية وفي قيمها الإنسانية السامية»، مضيفا بأنّها «أيقونة الثورات في العالم المعاصر، ولا يمكن أبدا مقارنتها بكثير من الثورات التحررية الأخرى». وسرد المحاضر عددا من المعطيات التي أكّدت تفرّد الثّورة المسلّحة، إذ أنّها لم تقم على العمل العسكري فحسب، «فالجزائري لم يقم بالحرب من أجل القتل، ولكن للدّفاع عن نفسه وعن حريته ومرجعتيه التاريخية والدينية». وأوضح في السّياق، أنّ ما ارتكبته فرنسا في الجزائر طيلة قرن و32 سنة، يفوق بأضعاف ما خلّفته الزلازل والبراكين منذ بداية الخلق، «فقد أبادت 05 أجيال، وسمعت بكل قوّة إفراغ تاريخ الجزائر عن طريق الفسخ والمسخ، ثم نسخه بطريقة مزيّفة لتجعل الفرد الجزائري في رحلة بحث دائمة عن هويته ومرجعيته». وأشار إلى أنّ فرنسا الاستعمارية تمجّد جنرالات دمويّين قتلوا الملايين من الأبرياء، في وقت تخلّد الجزائر سنويا تضحيات أبطال «دافعوا عن أرضهم وعرضهم وعن قيم الحرية والاستقلال والعدالة». واعتبر أنّ هذه القيم إلى جانب براعة دبلوماسية الثورة، سمحت بخلق شبكة علاقات متينة جدّا في معظم القارات، والحصول على دعم نوعي لكفاح الشعب الجزائري. وذكر مقولات مميّزة لقادة ومشاهير عن الثورة الجزائرية، فالملك السعودي الراحل سعود بن عبد العزيز قال لوفد جبهة التحرير الوطني: «لستم جزائريّين أكثر مني»، فيما قال الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا: «الجزائر جعلت منّي رجلا». ولفت إلى مقولة المفكّر الفلسطيني إدوارد سعيد حينما أكّد أنّ «ثورة الجزائر أعادت ترتيب العالم كله». وأشار د - عبد الستار، إلى أكبر ميزات الثورة الجزائرية من حيث كونها «لا توجه إيديولوجي لها ولا طبقة سياسية ولا زعيم»، مفيدا بأنّ قادة الثورة الست أسّسوا «للإستراتيجية الجامعة»، والرسالة منها أنّ «الجزائر تسع وتكفي الجميع». وختم بالتأكيد على أنّ الدعم العربي للثورة نابع من القواسم المشتركة، وقيم التحرر والحرية التي ناضل من أجلها الشعب الجزائري، كانت تعني أيضا الدول العربية.