ميزات تجارية واستفادة من الأنظمة المالية والنقدية العالمية اعتبر خبراء في السياسة والاقتصاد، قرار الجزائر للانضمام الى مجموعة "بريكس" صائبا، وجاء في الوقت المناسب نظرا للتحولات والتغيرات الجيو إستراتيجية التي يعيشها العالم فيما يخص السياسة والأمن بشقيه الغذائي والطاقوي، وتوقع محدّثونا أن إسهام هذا الانخراط إذا ما تم، في إنعاش الاقتصاد الوطني، وتمكينه الجزائر من التعبير عن مواقفها السياسية والدبلوماسية من خلال هذا التكتل. يرى العديد من الخبراء في السياسة والاقتصاد، منهم أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور توفيق بوقعدة، والخبير الاقتصادي كمال خفاش، أن قرار الجزائر للانضمام الى مجموعة "بريكس" يمكنها من الاستفادة من الميزات التجارية المستقبلية، ومن الإستراتيجية التجارية والأنظمة المالية والنقدية العالمية خلال السنوات الخمسين المقبلة، لاسيما وأن للجزائر، حسب ما جاء في تصريح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القدرة الاقتصادية والسياسية لتكون أكثر من مجرد دولة مصدرة للمحروقات. بوقعدة: الجزائر نقطة ارتكاز قال الدكتور توفيق بوقعدة في تصريح ل«الشعب"، إن الجزائر تسعى من خلال انخراطها في مجموعة "بريكس" الى تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية أولا، خاصة وأن الجزائر ترافع لنظام اقتصادي عادل، وتطالب بذلك منذ العام 1974، وترى بضرورة أن تراعي الدول المتقدمة طبيعة اقتصاديات الدول النامية، وأن تسهم الاقتصاديات الكبرى في دفع هذه الأخيرة، على اعتبار أن كثير من أسباب التخلف ناتجة عن طبيعة الهيمنة الاقتصادية للدول الكبرى على الدول الصغرى. دبلوماسيا، أبرز المحلل السياسي، أن الجزائر تسعى لأن تجعل من هذه المجموعة منبرا للتعبير عن مواقفها الدبلوماسية في المحافل الدولية التي تشارك فيها، وكذلك السعي بالنسبة لهذه المجموعة إلى توسيع نفوذها من خلال جعل الجزائر بوابة أو نقطة ارتكاز لها في القارة الإفريقية، على اعتبار أن الأخيرة هي محل سعي لاستثمارات لدول "بريكس". فيما يتعلق بقبول طلب الجزائر الانخراط في هذا التكتل الاقتصادي، يعتقد المتحدث انه إذا ما تمت المزاوجة بين الاعتبارات الاقتصادية والسياسية، خاصة وأن الجزائر تربطها علاقات صداقة قوية مع جميع دول "بريكس" وخاصة الصين وروسيا، وكذلك الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، يمكن أن تساعد هذه العلاقة الدبلوماسية المتميزة في قبول عضويتها في هذه المنظمة. وذكر في السياق، بأن تقديم طلب انضمام الجزائر لهذا التكتل الاقتصادي، جاء بعد دعوتها في المؤتمر السابق، رئيس الجمهورية، للحضور كضيف ملاحظ لاجتماعها في الصين، وكذا رغبة هذه المجموعة في توسيع عضويتها الى أطراف أخرى، وبالتالي تحاول الجزائر أن تستغل هذه الفرصة للانخراط في مسعى هذا التكتل من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والمالية. وفيما يتعلق بالأهداف الاقتصادية، فهي مرتبطة بسعي الجزائر- يقول بوقعدة – إلى توسيع شراكاتها نحو أطراف أخرى من خارج المجموعة التقليدية لها، وبناء شراكات حقيقية قائمة على الاستثمار في البلاد، وكذلك الاعتماد على هذه الدول باعتبارها دولا سريعة النمو، تعتمد بشكل كبير على الطاقة والغاز؛ لذلك يمكن اعتبارها سوقا لموارد البلاد الطاقوية بالنسبة للصين والهند، وإقامة استثمارات قادرة على تأمين سلة الغذاء للجزائر في المرحلة اللاحقة. خفاش: الانضمام ينعش الاقتصاد.. وبالنسبة للخبير الاقتصادي كمال خفاش، فإن قرار انضمام الجزائر الى مجموعة "بريكس"، سيمكنها من جني كثير منه، فيما يخص التبادلات الاقتصادية، وكذلك فيما يخص الشراكة مع هذه البلدان، ويعتقد أنه جاء في وقت تتوفر فيه عوامل دولية مناسبة، بعد الأزمة الصحية التي خلفها "كوفيد 19" على مستوى العالم ككل، وكذا التغيرات الجيو إستراتيجية الناتجة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي أحدثت تغيرات وتحولات في العالم في المجال الاقتصادي، التي انعكست بشكل كبير على دول العالم منها الأوروبية التي تلقت ضربة قاسية. ويتوقع خفاش أن يساهم انضمام الجزائر إلى مجموعة "بريكس"، في إنعاش الاقتصاد الوطني، وإلى تطوير العديد من المجالات كالمجال الصناعي، الفلاحي الطاقوي، ومجال الخدمات المالية، وفيما يخص الاستثمارات سوف يمكن قانون الاستثمار الجديد - حسبه - من جذب المستثمرين داخل وخارج الوطن خاصة دول "بريكس"، مشيرا إلى أن بنكا سينشأ من قبل هذه المجموعة يكون مقره في الصين. ويتوقع أن تحدث تغيرات جيو استراتيجية خلال الأعوام المقبلة في أوروبا وأمريكا الجنوبية، وبالتالي، هذا الانضمام يمكن أن يعطي دفعا جديدا لاقتصاد الجزائر، لأن إستراتيجيات دول المجموعة هي إقامة شراكات من خلال تكتلات تمكّن لأي بلد أن يزدهر.