إقامة شراكات وتوحيد الرؤى الاقتصادية والسياسية اعتبر خبراء الاقتصاد، مشروع انضمام الجزائر إلى مجموعة «بريكس» الاقتصادية التي تضم دول البرازيل، الهند، الصين، روسيا، وجنوب إفريقيا خطوة هامة، تسمح بتبادل الخبرات وتنويع مصادر تمويل المشاريع الاستثمارية، لعدم الوقوع تحت ضغط المؤسسات النقدية العالمية، والأهم تحقيق معدلات نمو مرتفعة، يمكن أن تحدث القفزة الكبرى.
في هذا الصدد، يرى أستاذ الاقتصاد، بجامعة البليدة، أحمد الحيدوسي، بخصوص مشروع انضمام بلادنا إلى مجموعة «بريكس»، إن هذا التكتل الذي يضم مجموعة من الدول التي تحاول توحيد الرؤى والتنسيق بينها من أجل وضع نظام عالمي بعيدا عن الأحادية القطبية، وهي منظمة ذات بعد اقتصادي، إن الجزائر تمتلك كل المؤهلات ولها نفس الخصوصية الاقتصادية للانضمام لدول المجموعة. الجزائر تملك كل المؤهلات للانضمام أكد الأستاذ الحيدوسي، أن الجزائر تمتلك كل المؤهلات للانضمام لهذا التكتل الاقتصادي، لأنها تمتلك احتياطات مالية واقتصادية معتبرة، مشيرا إلى أنه بعد تراجعها نسبيا في السنوات الأخيرة، عادت إلى الاستقرار وبدأ المنحنى في الارتفاع، مشيرا إلى تحقيق الجزائر هذه السنة معدلات نمو معتبرة حيث فاق 3 بالمائة، بعد الخروج من الجائحة. الأنموذج الاقتصادي الجزائري -صحيح يقول الأستاذ- دخل في أنموذج اقتصاد السوق والنظام الرأسمالي، لكن دائما يركز على الطبقات الفقيرة ودعم المتوسطة من خلال سياسة الدعم الاجتماعي، وهذا الأنموذج قريب في توجيهاته إلى ما هو مطبق في البرازيل، روسياوالصينوالهند، لذلك فإن اقتصاد الجزائر له نفس خصوصية مجموعة «البريكس»، حيث سيكون انضمام الجزائر سلسا وصحيحا، بالرغم من ان اقتصادها يحتاج إلى تأهيل لبلوغ معدلات نمو تتراوح بين 5 و7 بالمائة، وهذا يمكن أن يحدث بسرعة في حال انضمت الجزائر لهذا التجمع واستفادت من دعم بنك التنمية الجديد. بنك جديد لدعم مشاريع «بريكس» أسس هذا البنك من طرف المنظمة الاقتصادية من أجل تمويل المشاريع الإستراتيجية، المتعلقة بالبنية التحتية وقانون الاستثمار الذي صدر مؤخرا، قانون يشجع الاستثمارات الأجنبية ويضمن تحفيزات وإجراءات جديدة، حيث يزيل كل التخوّفات والعراقيل التي يواجهها رجال الأعمال الجزائريون وخاصة الأجانب الذين يرغبون إقامة شراكة واستثمارات رابحة مع الطرف الجزائري، حيث يعطي الكثير من الضمانات للمستثمرين سواء المحليون أو الأجانب. تتعلق هذه المشاريع بالبنية التحتية كمشروع السكك الحديدية، الموانئ، الطرق السريعة، ومشاريع صناعية من خلال إقامة مؤسسات صناعية كبيرة على غرار دخول الصين في شراكة مع الجزائر في إنتاج الفوسفات، هذا الانضمام سيسمح للجزائر بجلب استثمارات كبيرة والاستفادة من تمويلات بنك التنمية الجديد، التابع ل»البريكس»، دون الذهاب إلى صندوق النقد الدولي، أو البنك الدولي لجلب تمويل المشاريع، خاصة وأن الجزائر لديها حساسية كبيرة اتجاه تلك الصناديق التمويلية، وما عانته في السنوات السابقة في تعاملها مع هذه المؤسسات، حيث استطاعت تسديد ديونها والخروج من سيطرة وضغوط الصناديق التمويلية. أضاف الاستاذ في سياق موصول، أن انضمام الجزائر سيسمح بتنويع مصادر تمويل المشاريع الاستثمارية ولا تقع تحت ضغط هذه الصناديق، أو المجموعات المقرضة كنادي لندن وباريس ونادي روما، ويصبح الخيار مفتوحا أمام بلادنا، ما يؤكد أن مشروع الانضمام جد مهم لها ويمكن أن يحدث التحوّْل الاقتصادي. التكتلات قوّة تفاوضية وبشأن التكتلات، قال أستاذ الاقتصاد الحيدوسي، إن فكرة التكتل برزت للتشاور والتعاضد الاقتصادي، مشيرا إلى إحصاء 14 تكتلا اقتصاديا في إفريقيا منها 8 معترف بها لدى مفوضية الاتحاد الأفريقي، ما يؤكد أن العالم يضم تكتلات اقتصادية سياسية من أجل التآزر فيما بينها، أي أن الدول تتعاون لمواجهة التغييرات السياسية والاقتصادية. صيغة التركيبة تميّز «البريكس» وبخصوص أوجه التشابه بين «بريكس» والاتحاد الأوروبي، يرى المتحدث ان هذا التكتل الاقتصادي يختلف عن باقي التكتلات من حيث الأنموذج أو صيغة التركيبة أو الفكرة التي أسس لأجلها، موضحا بخصوص اتفاقية الشراكة التي تربط الاتحاد الأوروبي بالجزائر التي دخلت حيز التنفيذ في 2005، وتنص على التفكيك الجمركي، الرسوم على السلع والبضائع بين طرفي الشراكة، أنها لم تكن متوافقة في القوة الاقتصادية، مضيفا «الشراكة آنذاك كانت مع الجزائر التي كان الناتج الاقتصادي لديها في حدود 100 مليار دولار مقابل الاتحاد الذي يضم 25 دولة ناتجها الإجمالي يقدر ب 14 ألف مليار دولار. أكد الأستاذ استحالة الحديث عن شراكة غير متوافقة اقتصاديا، لذا كانت الكفة تميل لصالح الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن الجزائر بعد العشرية السوداء والظروف الاقتصادية آنذاك وشبه العزلة التي كانت تعيشها، اعتبرت الشراكة متنفسا لرفع القيود عن الجزائر، إلا أنها لم تكن في صالح بلادنا اقتصاديا. أما انضمام الجزائر لتجمع دول «بريكس» التي نأمل أن تصبح «بريكسا» استطرد يقول بعد انضمام الجزائر، لا يعني بالضرورة تفكيك الرسوم الجمركية والجمركة على السلع بين البلدان، إنما دخول في شراكات وتوحيد الرؤى الاقتصادية والتوجهات السياسية للدول المجتمعة تحت هذا اللواء، حيث أن هذا الانضمام يؤثر بالإيجاب حتما، خاصة وأنه على صعيد التاريخ الاقتصادي، لا نجد دولة حققت معدلات نمو مرتفعة بمفردها، وإنما كان في إطار تكتل. وخلص الاستاذ إلى أن انضمام الدول إلى تجمعات أو منظمات يهدف إلى تعزيز قوّتها الاقتصادية، خاصة وأنه يوجد العديد من التكتلات في العالم، في آسيا يوجد «اسيان» ، في شمال أمريكا «نفطا»، في أوروبا «الاتحاد الأوروبي»، في إفريقيا يوجد 14 تكتلا،والانضمام يأتي من أجل تحقيق التعاون الاقتصادي.