تعمل الجزائر بشكل دوري أن تكون دولة مجتمع وخدمات وهو مبدأ نوفمبري كرسه بيان أول نوفمبر 1954 بتأسيس دولة ذات قيم اجتماعية تراعي كرامة المواطن، وتدافع عن حقوقه في العيش الكريم. تكرس التوجه بشكل متواصل منذ عقود، مع تحولات إيجابية لترقية هذا التوجه لتعزيز التنافسية الاقتصادية وتنمية مقدرات البلاد وتعزيز الوفرة السلعية، حيث تعمل السلطات عليه في إطار مشروع الجزائر الجديدة، بتكريس هذا الحق عبر آليات أعمق وأكثر فاعلية من خلال وفاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتعهده التاسع والعشرين من بين تعهداته 54 التي عرضها في برنامجه الانتخابي نهاية عام 2019. وقد أقر الرئيس تبون أربع زيادات متتالية للأجور، مع زياد خامسة مرتقبة مطلع 2023، مع الإعفاء الضريبي التام لذوي الأجور الدنيا، وإدراج مراجعة منحة البطالة وأجور العمال ومنح المتقاعدين في قانون المالية 2023. وفي ظروف صعبة هوت فيها أسعار المحروقات وتقلصت المداخيل وتنامت التحديات الاقتصادية، أخذت الدولة على عاتقها رفع الأجر القاعدي، حيث خرج الرئيس تبون بقرار هو الأول من نوعه منذ ثماني سنوات، تمثل في زيادة الحد الأدنى للأجر المضمون من 18 ألف دينار جزائري، إلى 20 ألف دينار جزائري، كرست فيه الحكومة الطابع الاجتماعي للدولة. وقد أكدت السلطات العمومية في هذا الشأن، السعي لمراعاة وضعية ذوي الدخل الضعيف، وأقرت مخططا لإصلاح شامل لنظام الضريبة على الدخل الإجمالي من أجل تخفيف الضغط الجبائي على عائدات الأسر. وفي إطار قانون المالية لسنة 2022، تقرر إعفاء كل من يقل دخله الشهري عن 30 ألف دينار جزائري من الضريبة على الدخل الإجمالي. فيما شهد قانون المالية لنفس السنة، سلما جديدا لنظام الضريبة على الدخل الإجمالي والتي تم تخفيضها بشكل متفاوت حسب درجات الموظفين والأجراء، وهو القرار الذي ساهم في زيادة الأجور للمرة الثالثة بعد رفع الحد الأدنى للأجر المضمون، والإعفاء الكلي من الضريبة على الدخل الإجمالي التي مست الفئة التي تتقاضى أقل من 30 ألف دينار. بالمقابل، تأكد ترسيخ توجه الدعم الاجتماعي لدى الدولة الجزائرية وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في عديد مجالس الوزراء ونوّه به الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان ، بأن الدولة متمسكة بالدعم الاجتماعي لمستحقيه، مبرزا أن كلمة رفع الدعم "محرمة في الجزائر". وفي إطار تكريس قيم الدولة الاجتماعية وتعزيز وجودها على أرض الواقع، جاء قانون مكافحة المضاربة في صلب اهتمامات مختلف مصالح الدولة من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطن، عبر سنّ قوانين وآليات تهدف للحفاظ على وفرة المواد الغذائية وبيع المدعمة منها بالأسعار المقنّنة، حيث جاء القانون بعقوبات صارمة لكل من يتاجر أو يتلاعب بقوت الجزائريين بطريقة غير مشروعة، وهو ما يثبت هيبة الدولة ويحفظ حقوق المواطن في الحصول على السلع ذات الاستهلاك الواسع بأسعارها الحقيقية. تمضي الجزائر قدما في ترقية حياة الجزائريين وسط ظروف استثنائية مر بها العالم وتأثرت بها الجزائر، كانت بدايتها بوباء كورونا الذي أربك الاقتصاد العالمي وأوجد اختناقات في سلاسل التوريد وأسعار السلع، مع ارتفاع في تكاليف النقل. ثم جاءت الأزمة الأوكرانية- الروسية فأثرت على أسعار الغذاء ومختلف المواد الأولية، في حين ارتفعت أسعار الطاقة التي تعد الجزائر أحد مصدريها، مما فرض أعباء على الواردات وأضاف مداخيل إضافية لصادرات الطاقة. ووسط هذا الوضع، ظلت الجزائر وفية لنهجها الاجتماعي، حيث لم تتخل عن الخدمات الاجتماعية التي تقدمها، رغم الضغوطات الاقتصادية، بل وكرست ذلك من خلال رفع الأجور لمجابهة التضخم في الأسعار التي فرضتها هذه الأزمات، بل وعملت على توفير منحة البطالة للفئات التي لم تجد بعد عملا لحفظ كرامتها من الحاجة ريثما تُدمج في سوق العمل، فضلا عن سعي الحكومة لتحدي لوبيات الاحتكار من خلال قانون المضاربة والمتلاعبين بالأسعار، حيث أصبحت السلع متاحة بشكل أكبر وأوفر بأسعارها المقنّنة بعد بسط سلطة القانون لمجابهة المحتكرين وأصحاب المصالح.