من الأمراض المحيّرة والتي يمكن أن تقلق عدد كبير من الأمهات في وقتنا الحالي اكتشاف إصابة أحد أبنائهم بمرض السكري في عمر مبكّر، وفي بعض الحالات بعد الولادة مباشرة، حيث تعود هذه الإصابة لدى هؤلاء البراعم إلى عامل وراثي على الأغلب، مع امكانية تسجيل عدّة عوامل أخرى مختلفة يمكنها أن تتداخل فيما بينها، نذكر أهمها في هذا الحوار الذي أثرته الدكتورة هناء دليلش، طبيبة أطفال وأخصائية في أمراض الغدد والسكري. - الشعب: كيف تظهر أعراض مرض السكري؟ الدّكتورة هناء دليلش: تتمثل أهم أعراض السكري لدى الأطفال في عدة علامات نذكر أهمها: الإفراط في شرب الماء، التبوّل المستمر والمتكرّر، ضبابية الرؤية وعدم وضوحها في بعض الحالات، مع تسجيل فقدان محسوس في الوزن يرافقه تعب يومي ومزمن. - ماهي أهم التعقيدات؟ تتمثل في إمكانية التعرض للجفاف مع تسجيل اختلال متفاوت بين هبوط وارتفاع في نسب الأنسولين في الدم، بمعنى عدم توازن السكر في الدم، هذا على المدى القصير أما على المدى البعيد يمكن أن تحدث مضاعفات منها إصابة الشرايين الدقيقة في أطراف اليدين أو القدمين أو على مستوى العينين بسبب اختلال معدل السكر التراكمي، الذي يتم اختباره كل ثلاثة أشهر مما يستلزم استعمال أنسولين الحياة، وفي حالة أخرى عند عدم الأكل يؤدّي ذلك إلى تسجيل هبوط حاد في نسبة السكر في الدم. كما ننصح في حالة ارتفاع الأنسولين تجنب الاصابة بالجفاف، لذلك مهم جدا شرب المصاب بالسكري الماء بكثرة، لأنه يساهم في تخفيف نسبة السكر في الدم هذا على المدى القصير. - ما هي العوامل المؤدّية إلى الإصابة بالسكري لدى الأطفال؟ هناك عدة عوامل متداخلة فيما بينها كما سبق وأن ذكرت، تؤدي في الغالب إلى الإصابة بالسكري لدى الأطفال الصغار، نذكر في مقدّمتها العوامل الوراثية، وأيضا عوامل مرضية كالإصابة بأمراض فيروسية معينة مثل التعرض للعدوى بفيروس كوفيد 19 مثلا أو الأمراض الفيروسية التي يمكن أن يتعرض لها الطفل التي تجعله عرضة للإصابة بالسكري، كما يمكن أن تكون الإصابة ناتجة عن تسجيل اختلالات أو اضطرابات في الغدد الصماء، كما أنه قد تتوفر أسباب وعوامل غير مباشرة أخرى، بالإضافة إلى ذلك نذكر من بينها نوعية التغذية التي أصبحت غير صحية، وكنتيجة لتلك العوامل المتداخلة نسجل عددا كبيرا من الاصابات لدى الأطفال بنسبة 80٪ ويرجع سببها إلى عوامل مناعية بالدرجة الأولى، والنسبة الباقية التي تمثل 20 ٪ من المرضى الأطفال تخص السكري من النوع الثاني «مودي»، علما أن هناك 11 نوعا كلها راجعة إلى عوامل أخرى، بمعنى آخر نجد أن أغلبية الاصابات أي 80 ٪ من هؤلاء يعانون من السكري من النوع الأول، و20٪ الباقية من النوع الثاني. - كيف يتم الكشف عن الإصابة بالسكري؟ في حالة تسجيل نقص في صنع البنكرياس لكمية الأنسولين كما سبق وأن ذكرت فإن النوع الأول من السكري ناجم عن عامل مناعي، ويتمثل سببها في خلل في البنكرياس أو مرض في البنكرياس. النوع الثاني يكون خاصة عند الأطفال في سن أربع أو خمس سنوات، هناك علامات تظهر في الدم أو في البول، ويتم الكشف عن السكري عند هذا الطفل عن طريق البحث عن إمكانية وجود مضادات مناعية، ومن خلال التحليل نكتشف أن هناك خللا في ما تدعى بمضادات الخلايا الجزرية على مستوى البنكرياس، كما يمكن الكشف عن مضادات الزنك، ومضادات Anti Gad وهي أجسام مضادة تعمل ضد أنزيم الكربوكسيل، حامض الجلوتامك، البلوتامين التي تعمل كأجسام مضادة موجهة ضد الإنزيم الخاص بنزع الكربوكسيل. وبفضل هذا الفحص، يتم التحقق من إمكانية وجود أجسام مضادة موجهة ضد الأنزيم نازع الكربوكسيل وحمض الجلوتاميك، حيث يتم إنتاج هذا الإنزيم في البنكرياس، ويرتفع مستواه في مصل الدم في بعض الحالات الخاصة بالأمراض المناعية، التي تقوم على تسجيل خلل في المناعة الذاتية، حيث تكون مستويات هذه الأجسام المضادة في الدم مؤشرا على تشخيص المرض، ورصد فعالية العلاج المعطى وتحديد سير المرض، ومدى تأثيره على الفئة المعرضة للخطر. - كيف يتم الفحص؟ يتم إجراء الفحص الطبي للأشخاص المصابين بمرض السكري بعد ظهور بعض من الأعراض السابقة الذكر لتحديد نوع مرض السكري، وطريقة إجراء الفحص التي تتم عن طريق أخذ عينة من الدم الوريدي. نسجّل أن هناك أربعة أنواع من المضادات، نقوم بالبحث عنها عن طريق إجراء تحاليل الدم لاكتشاف وتحديد نوع السكري إذا كان من النوع الأول أو النوع الثاني. هناك نوع أول من المضادات نبحث عنها وهي المضادات المناعية الخاصة بالبنكرياس، وفي مرحلة ثانية نكشف على نسبة توفر الأجسام المضادة الجزرية، أما ثالثا نبحث عن الأجسام المضادة المستقبلة لعنصر الزنك، ورابعا يكون البحث عن الأجسام المضادة للأنزيم. أما فيما يخص البحث عن السكري عند الأطفال حديثي الولادة أو الرضع أو الأطفال الضعفاء قليلي الوزن أو الأطفال قد نلاحظ أيضا أن الاصابة سببها صغر الكلية، وأيضا عند أصحاب الإصابات المناعية، نبحث أيضا عن أنواع المضادات كلها، وللتأكد من الإصابة المناعية لدى الطفل، يتوجب إجراء الأربعة اختبارات حتى يتم تحديد نوع السكري، والتأكد إذا كانت تمثل إصابة مناعية أو غيرها. - ما هو العلاج؟ عندما نتأكّد من إصابة الطفل بالسكري نضعه تحت العلاج بحقن الأنسولين، لأن مرض السكري يمثل أساسا نقص في إنتاج البنكرياس لسكر الدم، وهو خلل ناتج بالدرجة الأولى عن طريق الوراثة، أو الإصابة بالفيروسات وكنتيجة أيضا لاضطرابات في عمل الغدد الصماء، كما تساهم نوعية التغذية في الاصابة بالسكري. هنا عند التأكد من الإصابة نبدأ بإعطاء الطفل العلاج المناسب الذي يمثل حقن الأنسولين، هناك نوعان من الأنسولين البطيئة تعطى في العاشرة ليلا والأنسولين السريعة عددها بين 4 الى 5 حقن في الحالة العادية، حيث يمكن أخذ أربع إلى خمس حقن سريعة مع حقنة بطيئة. أما عند البالغين فقد يحتاج المصاب من ثلاث إلى أربع حقن من الأنسولين في اليوم في كل من فترات: بعد فطور الصباح، الغذاء والعشاء. ففي الحالة الأولى من الإصابة بالسكري من النوع الأول يكون العلاج فيها عن طريق الأنسولين كما سبق وأن ذكرت لأن المريض الصغير في السن يحتاج إلى أقلها ثلاث جرعات سريعة، ويمكن أن يصل إلى أربع أو خمس جرعات في اليوم.