ضرورة تنظيم الشعبتين ضماناً لمصلحة المنتجين والمستهلكين لم تراوح أسعار اللحوم الحمراء مكانها رغم توعّد وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبد الحفيظ هني، قبل أسبوع، المربين الذين بالغوا في رفع الأسعار، باتخاذ إجراءات ضدهم، وذلك بعد أن قال إن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء لا مبرر له، رافضاً في نفس الوقت التذرع بارتفاع قيمة الأغذية الحيوانية، بحيث أن الأعلاف متوفرة وبأسعار مقنّنة كالنخالة، ناهيك على دعم الدولة للفلاحين لإنتاج مختلف الأعلاف. وأوضح الوزير هني، في تصريحات سابقة، أن ارتفاع أسعار لحم الخروف راجع لكثرة الوسطاء في البيع بالتجزئة، حيث يصل هامش الربح إلى حدود 800 دج للكيلوغرام لدى بائع التجزئة مقارنة بشرائه لدى المربين. بالنسبة لأسعار اللحوم البيضاء، فقد اعتبر هني أن ارتفاع أسعارها أمر غير مبرر، خاصة مع استقرار أسعار المواد الأساسية من الذرة والصوجا التي لم تشهد ارتفاعا منذ شهر مارس، فضلا عن التحفيزات التي قدمتها الدولة، كإلغاء الضريبة على القيمة المضافة لتحفيز مربي الدواجن ودعم الأسعار في السوق، إلى جانب ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء، موضحاً أنه بعد عقد عدد كبير من الاجتماعات مع ممثلي شعبة اللحوم البيضاء، لاسيما المجلس المهني لتربية الدواجن، تم الاتفاق على تسقيف أسعار اللحوم البيضاء، وذلك حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، وستحدد الأسعار المسقفة والتي ستدخل حيز التنفيذ في غضون أسبوعين، على أساس التكلفة الحقيقية للإنتاج، مع هوامش ربح معقولة سواء للمربين أو المذابح أو على مستوى بائعي التجزئة. يرى ميلود بوعديس رئيس المجلس المهني لشعبة اللحوم الحمراء، في تصريح ل "الشعب"، أن أسعار اللحوم الحمراء غير مرتفعة- على حد تعبيره- وهي في مستوياتها الطبيعية والحقيقية. ويرجع المتحدث في ذلك إلى احتساب كل المصاريف التي تدخل في عملية إنتاج اللحوم الحمراء، بدْءاً بعملية استيراد عجول التسمين ودفع الرسوم المترتبة عن الاستيراد والتي تصل إلى 46% من سعر العجل، ثم تكاليف النقل والأدوية والعلف الذي يكلف لوحده المربي نحو 960 دينار يومياً، ليصل في الأخير سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم عند المربي إلى ما بين 1470 دج و1500 بعد نحو 6 أشهر من التربية، وهذا باحتساب كل الفواتير، ثم يباع الكيلوغرام (الوزن الصافي بعد نزع البقايا والعظام) عند الجزار ب1800 دج إلى 1900 دج، والذي يحتسب بدوره كل تكاليف الخدمة. وعليه، فإن وصول سعر الكيلوغرام الواحد من لحم البقر إلى 2000 إلى المستهلك، أمر طبيعي جدا في نظر رئيس المجلس المهني لشعبة اللحوم الحمراء، وهذا من دون وجود أي وسطاء أو مضاربين في العملية. من جانب آخر، يرجع ميلود بوعديس، غلاء أسعار الخروف إلى النقص المسجل في عجول التسمين التي تستورد من الخارج، وعليه زاد الطلب على لحم الخروف وكذلك السعر. ويوضح ذات المتحدث، أن الحل المقترح من أجل تخفيض أسعار اللحوم الحمراء هو في تخفيض الرسوم المدفوعة عند استيراد عجول التسمين والتي تصل إلى 46%. أما رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة، محمد يزيد حمبلي، فيرى أن للوسطاء دورا كبيراً في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء على حد سواء، وعليه بات من الضروري تنظيم هاتين الشعبتين ضماناً لمصلحة المنتجين والمستهلكين، وذلك من خلال التكتل في تعاونيات فلاحية تسمح بتنظيم نشاط تربية المواشي والدواجن، علاوة على ضرورة تطهير الأسواق من الوسطاء والمضاربين. كما يرى ذات المتحدث، أن لغلاء الأعلاف دور أساسي في ارتفاع أسعار اللحوم، وهذا بسبب تأثر المناطق السهبية المعروفة بتربية المواشي، بموجة الجفاف ونقص تهاطل الأمطار خلال السنوات الأخيرة، ما انعكس بطبيعة الحال –بحسبه- على أسعار الأعلاف وبعدها اللحوم. بدوره يشاطر الأمين الوطني بالاتحاد العام للفلاحين الجزائريين خلف الله مشري، نفس الرؤية مع رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة، بحيث يرى أن الجفاف الذي شهدته الجزائر السنوات الماضية، أثر بصفة كبيرة جدا على تكلفة إنتاج اللحوم الحمراء، كما أن الفوضى التي تعيشها شعبة تربية المواشي زادت من معاناة المستهلكين، إذ سمحت بتوغل الوسطاء والمضاربين الذين يعتبرون المستفيد الأكبر من ارتفاع الأسعار. ويضيف مشري، أن تنظيم الشعبة يبدأ بالاهتمام بسلالات الأنعام المحلية التي تعتبر من أحسن السلالات في العالم، زيادة على الاهتمام بالمربين، من خلال تفعيل الاتفاقية التي أبرمت بين الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين، ممثلاً في فدرالية مربي المواشي، والديوان الوطني للحوم الحمراء وكذا الديوان الوطني لتغذية الأنعام وممثلي المربين، والتي من شأنها أن تنظم عملية الإنتاج والتسويق.