بصوره ونعش رمزي، حضر الشهيد الأسير ناصر أبو حميد ضمن فعاليات محافظة جنين التي اكتست زيّ الحداد إجلالاً وإكباراً لروحه الطاهرة، وشهدت مسيرة صامتة دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية في محافظة جنين. جنين التي لم تعرف طعم النوم فجر اليوم، بعد اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني حيّها الشرقي، وشنّ حملات دهم وتفتيش واعتقالات رافقها اشتباكات مسلحة عنيفة، خيمت عليها أجواء الحزن والألم عندما أعلنت مكبرات الصوت ارتقاء الأسير أبو حميد، فلبى الأهالي نداء القوى وعمَّ الإضراب الذي شلّ كافة أوجه الحياة، بينما توجّهت وفود وخاصة من رفاق ناصر، الأسرى المحررين لمسقط رأسه للمشاركة في التعبير عن الغضب والاستنكار لجريمة الاحتلال. وانطلقت من مخيم جنين، مسيرة رمزية صامتة وعرض عسكري للمسلحين الذين حملوا نعشاً رمزياً للشهيد، وجابوا شوارع جنين والمخيم، ثم اعتصموا وسط جنين، وقدم متحدث باسم المقاومة وصية الشهيد، ثم أكد أنّ مسيرة المقاومة مستمرة على خطاه ودربه حتى دحر الاحتلال الذي توعده بالرد والثأر القريب. وأكد المتحدث باسم لواء الشهداء ل»لقدس» دوت كوم، أنّ الكتائب ستبقى الوصية والحافظة لرسالة وعهد أبو حميد، ولن تتراجع عن خيار المقاومة مهما كانت التضحيات. والدة الشهيد زياد العامر، قالت: «شعرت أنّ زياد استشهد اليوم، كيف سمح العالم للاحتلال باعدام ابننا ناصر، سنبقى نبكي ونحزن كلما سقط شهيد «، وأضاف والد الشهيد نعيم الزبيدي الأسير المحرر جمال الزبيدي « هذا هو الوجه الحقيقي للاحتلال، يريد القضاء على كلّ فلسطيني، لأنّ مخططهم إبادة وتصفية وتطهير عنصري، إذا استمر الوضع الفلسطيني والعربي والدولي في هذه الحالة، سيكون هناك المزيد من الشهداء خاصة في السجون مدافن الأحياء»، وتابعت والدة الشهيدين أحمد وإسلام طوباسي والأسير سعيد المحكوم 32 مؤبداً « يجب محاكمة الاحتلال وتصعيد المقاومة حتى طرد الاحتلال وتحرير الأسرى وجثامين الشهداء»، أما والدة الشهيد حمزة وزوجة الأسير الشيخ جمال أبو الهيجاء المحكوم 8 مؤبدات، قالت « كلّ أسير معرض للموت والإعدام، كان بإمكانهم علاجه والإفراج عنه وإنقاذ حياته، لكنهم أرادوا إرسال رسالة تهديد لنا جميعا، بأنهم لن يتوقفوا عن قتلنا حتى في السجون، فكلنا في دائرة الموت. «جمال حويل، الأسير المحرر عضو المجلس الثوري لحركة «فتح « زميل الأسر في سجن عسقلان، اعتبر استشهاد أبو حميد دليل جديد على إجرام هذا الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة الأسرى الأبطال، وعلى الإهمال الطبي الذي يتنافى مع القانون الدولي واتفاقيات جنيف، كما أنه دليل على التقصير الحالي من الكل الفلسطيني في الإفراج عن الأسرى، وقال « أيّ شرعية أو قانون يجيز كل هذا الظلم والانتقام؟، ومن غير المعقول أن يستمر اعتقال خمسة أشقاء محكومين بالمؤبدات، قضوا حوالي 21 عاماً خلف السجون، فالمطلوب من الشعب الفلسطيني العمل بجدية من أجل فضح جرائم الاحتلال، وهذا لن يأتي إلا من خلال برنامج وطني فلسطيني كامل على المستوى المحلي في كافة المستويات الشعبية وعلى المستويات الدولية الخارجية». وتابع « عمل دوماً على تطوير الأسرى الأشبال وخلق قيادات منهم في المستقبل، فكان دائم الحركة ودائم العمل والعطاء من أجل مصلحة الأسرى جميعا، وهو كان يؤمن بالوحدة الوطنية في داخل السجون وخارجها، ويؤمن بأنّ المقاومة يجب أن تستمر من أجل الإفراج عن الأسرى وتحرير فلسطين، كما شجع تحدي الاحتلال بالتعليم وحصل على شهادة البكالوريوس «. واعتبر المناضل فتحي خازم والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن، ما تعرض له أبو حميد، إعدام مباشر لا توجد كلمات تصفه، لكنه الوجه الحقيقي للاحتلال، وقال « كلّ فلسطين تنزف دما وغضبنا وتشارك أم ناصر الحزن والغضب والفخر والاعتزاز، لأنّ الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون «، وأضاف « كلّ العالم بصمته وخنوعه شريك في الجريمة بحق هذا المناضل الذي وهب عمره لوطنه والحرية، وإعدامه بهذه الطريقة سيبقى وصمة عار في جبين كلّ المتباكين على الديمقراطية وحقوق الإنسان «. واعتبرت عضو المجلس الثوري وفاء عفيف زكارنة رئيس اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي، يوم اغتيال وقتل الشهيد أبو حميد، « يوم أسود جديد يمر على شعبنا الفلسطيني مع اقتراف الاحتلال جريمة جديده ضد أسرانا البواسل، وعلينا أن نحاكم كلّ من شارك في ارتكاب هذه الجريمة التي لا تغتفر «، وأضافت « ما حدث، يؤكد على ضرورة وضع آليات لتغيير لغة وطريقة التعامل مع الاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة القوة، وتغيير المعايير الدولية التي تتعامل مع شعبنا بمكيالين». واستعاد الأسير المحرر مهند جرادات، الكثير من الصور حول سيرة وسمات القائد الذي التقاه عام 1989 في سجن جنيد وعاش معه لغاية توقيع «اتفاقية أوسلو»، كما التقاه مرة ثانية في سجن عسقلان بعد عام 2000، ويقول « ناصر رجل مناضل وثائر، يتمتع بعقلية وطنية، رجل وكادر تنظيمي فتحاوي، واعتبر من أركان الحركة الأسيرة في السجون، لما عرف عنه من مواقف صلبة وواضحة في الأمور الوطنية، لم يكن يعرف المساومة أبداً «، ويضيف «ناصر أمضى حياته كادر فاعل في ترتيب وقيادة الحركة الأسيرة، وأيضاً من المثابرين والمناضلين من أجل إحقاق حقوق الأسرى، خاض كافة المعارك النضالية واحتجاجات أخرى لنيل حقوقهم ومطالبهم «، متابعاً» بالنسبة لشخصية ناصر، كان رجلاً وحدوياً بعقيدة وطنية، هذا ماتعودنا عليه بناصر، تركته في السجن عام 2007، وبقي ناصر يمثل الأسرى أينما كان، تميز بتعامله الأبوي والأخوي مع الأسرى، برز تأثيره الكبير على منع الانقسامات داخل السجون «، ويتابع « يعتبر ناصر من الرعيل الأول لانتفاضة الحجر بطهرها ونقائها والتي خرجت جيلا من القادة الأحرار اللذين نعتز بهم، وأيضاً كان أحد فرسان كتائب شهداء الأقصى في الانتفاضة الثانية، واستمراره في النضال كأسير وكمناضل وأسرة شهيد وكلاجئ، يمثل رموزية لكلّ الأسرى بكافة مشاربهم الفكرية «. وأضاف، فيما يتعلق باحتجاز جثمان ناصر، نقول لهم « هذا الانتهاك الخطير لن ينال من معنويات الشعب الفلسطيني الذي سيواصل معركته ونضاله، ونحن على ثقة بصموده ومقاومته حتى تحرير أسراه وجثامين الشهداء بإذن الله». وأكدت الأسيرة المحررة قاهرة السعدي من مخيم جنين، أنّ خبر استشهاد القائد ناصر، نكسة ونكبة وخبر مؤلم لجميع أبناء شعبنا في فلسطين والمنافي، والذي يتحمل الاحتلال مسؤوليته بسبب سياسة الإهمال المتعمد لإدارة السجون التي تعمل على قتل الأسرى بالإهمال وعدم توفير العلاج الصحيح والمناسب لأسرانا «، وأضافت « إدارة السجن معنية بقتل الأسير في السجن والمعتقلات، هذا قتل واضح ومتعمد لناصر الذي استشهد بسبب السياسة الممنهجة للاحتلال، وبالتالي هو انتقام من الأسرى بشكل جماعي». وحذرت السعدي، من الصمت والتغاضي عن هذه الجريمة في ظلّ الخطر الذي يتهدّد حياة المئات من الأسرى الذين لازالوا يعانون من الأمراض الخطيرة، والإدارة لاتقدم لهم أدنى أيّ علاج، ساعية لقتلهم وتصفيتهم بالشكل البطيء، وأضافت «هناك أسرى تحرروا من المعتقلات، وبعد انتهاء محكومياتهم اكتشفوا أنهم يحملون الأمراض الخطيرة القاتلة، ومنهم من استشهد بعد التحرر، وهذا بسبب الإهمال الطبي، ونناشد العالم التدخل السريع في متابعة قضية الأسرى والأسيرات بشكل جدي في ظلّ أوضاعهم السيئة التي يعانون منها، فهناك حالات مرضية خطيرة، ستواجه نفس مصير ناصر» .