احتضنت مدينة العين الصفراء بولاية النعامة، وعلى مدار أربعة أيام، الطبعة 14 من المهرجان الوطني لموسيقى الديوان "قناوة"، بمشاركة عدة فرق وطنية من 15 ولاية، تحت رعاية وزيرة الثقافة والفنون ووالي الولاية، وبإشراف مديرية الثقافة والفنون لولاية النعامة. المهرجان، جاء تحت شعار "موسيقى الديوان بين الامتداد والمحافظة على الهوية"، احتضن فعالياته ملعب "عرفاوي محمد" بالعين الصفراء، تنافست فيه 15 فرقة فنية تراثية تمثل مختلف الألوان الفنية، من أجل المراتب الثلاث الأولى، تحت إشراف لجنة تحكيم مختصة يترأسها الدكتور كانزي قدور أستاذ بجامعة بوردو. كما شهد حضورا قويا لفرق ڤناوة، التي تعود مجددا للقاء عشاق هذا الفن والموروث الثقافي الذي تزخر به الجزائر، خاصة المناطق الجنوبية. كما كان عشاق هذا النوع من الموسيقى مع ألمع نجوم آلة القمبري، على غرار الفنانة الكبيرة وعميدة موسيقى القناوة حسنة البشارية والفنانة نورة قناوة، المعلم بابا، الفرقة العالمية تيناريوان، فرقة القعدة من العين الصفراء وفرقة صحاريان لولاية بشار كضيوف شرف لهذا المهرجان، الذي ينظم للمرة الثانية على التوالي بولاية النعامة بعدما نظمت 12 طبعة له بولاية بشار . مهرجان الديوان أو قناوة، شهد عدة عروض فنية لهذا النوع من الفن، امتزجت فيها معزوفات لعدة آلات موسيقية وترية تقليدية، أبرزها "القمبري"، التي تسمى عند أهل الديوان ب«الآلة الروحانية"، إضافة إلى القرقابو (آلة إيقاعية تقليدية) والطبل، علاوة على الرقص الفولكلوري الخاص بهذا الطابع الغنائي الإفريقي الأصيل، ويتزين مؤدو هذا الفن بسبعة ألوان، كلُّ لون يحمل دلالة ورقصا معينا لتقديم عروض فنية امتزجت فيها معزوفات الآلات الوترية التقليدية وإيقاع "البندير" بتراث الطرب الشعبي والمدائح الصوفية. ويُتوخى من تنظيم هذا المهرجان الموسيقي من طرف وزارة الثقافة والفنون، تثمين هذا الفن التراثي بوصفه طابعًا فنيا جزائريًا عريقًا موروثا عن الاحتفالات الدينية والموسيقية للأسلاف. كما أن التظاهرة فرصة للغوص في أسرار الطبوع الموسيقية لهذا الفن، الذي أصبح محل اهتمام من طرف عشرات الموسيقيين الشباب بمختلف ولايات الوطن، وتنظيم هذه الفعاليات سيُتيح اكشاف الأصوات الواعدة ومدى مهارة الموسيقيين من مختلف ربوع الوطن وتحكمهم في الآلات الوترية والإيقاعية. برنامج هذه التظاهرة، التي دامت أربعة أيام كاملة، شمل أيضا تنظيم معرض حول الآلات الموسيقية القديمة ومنها آلة "القمبري" و«الدندون" اللباس التقليدي، آلة القرقابو وغيرها من الآلات الموسيقية لهذا الفن، بالإضافة إلى تنظيم محاضرات ونقاشات حول هذا الطابع الفني، بمشاركة باحثين مختصين من مختلف ولايات الوطن، وحتى من الخارج كالدكتور كانزي قدور أستاذ بجامعة بوردو، الذي قدم محاضرة تحت عنوان: "ليلة الديوان بين الطقوس والعلاج"، تطرق من خلالها إلى تأثير هذا النوع من الفن أو الموسيقى على صحة المهتمين بهذه الموسيقى. الديوان أو موسيقى قناوة موسيقى جزائرية عربية افريقية، وغالباً ما يستخدم لفظ موسيقى الديواني للدلالة على الموسيقى القناوية ويوجد هذا النوع من الموسيقى، إلى جانب الجزائر بتونس، مصر وليبيا، وذلك تحت اسم خاص يعرف به في بلد أو آخر. ولموسيقى الديوان الجزائرية ما يشبهها في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقد بدأت هذه الموسيقى تنتشر في الجزائر من منطقة لأخرى، بالرغم من أن بدايتها كانت بالجنوب، حيث تجدها في كل ولاية وتحظى بشعبيّة كبيرة في الجنوب بصفة خاصة، حيث نجد فرقا محليّة تختص في هذا المجال وتقوم بالعديد من الأعمال الموسيقيّة في أغلب المناسبات والمهرجانات الدوليّة والأعياد عبر فرق محلية تدعى بالمحلة، وهي من تسهر على تنظيم المناسبات والأعياد الدينية مثل عاشوراء ، موسم شعبانة (وهو آخر أسبوع من شهر شعبان، يعلن من خلاله اختتام الأنشطة إلى غاية نهاية شهر رمضان)، إلى جانب إحياء المواسم أو ما يعرف بالوعدة بالجزائر أو الطعم ونجد وعدة مولاي الطيب التي تقام بمعظم الولايات، كالمشرية والعين الصفراء بالنعامة، بشار، عين تموشنت، البيض.. وغيرها