احتواء ظاهرة التضخم ودعم القدرة الشرائية تحدثت عديد التقارير الدولية للهيئات المالية المعروفة بتقاريرها الدورية عن الوضع الاقتصادي للدول، بإيجابية متفائلة عن الاقتصاد الوطني خلال النصف الثاني من عام 2022، حيث يشهد بشكل مستمر عمليات تحديث وتطوير متواصلة للبنية الهيكلية التي تشكله، والمرتكزات الكبرى التي تتحكم في نموه وإنعاشه، بفعل عدة عوامل منها ارتفاع أسعار المحروقات، واستمرار الانتعاش في قطاع الخدمات، ونمو النشاط الفلاحي بشكل قوي، مع توقعات باستمرار ذات الديناميكية خلال عام 2023. تحدثت عدة هيئات مالية بإيجابية عن الوضع الاقتصادي بالجزائر الذي وصفته بأنه يشهد حالة تعاف ونمو بشكل متواصل، وسبق أن ذكر صندوق النقد الدولي أن التقدم المستمر في الإصلاحات الهيكلية سيساهم في تنويع الاقتصاد، وتوفير فرص عمل، كما دعت ذات الهيئة الجزائر لتنويع اقتصادها، وهو ما يتم حاليا من خلال تنويع مصادر الدخل من الصادرات خارج المحروقات، وتطوير قطاعات بديلة للإنتاج والتصدير مثل المناجم والصناعة المحلية في المجالات الميكانيكية، الكهربائية والالكترونية والأدوية، النسيج وغيرها، كما أشار تقرير صندوق النقد الدولي إلى نمو التضخم وهو ما تتصدى له الجزائر برفع الأجور والمنح وغيرها. بالمقابل، أثنى تقرير البنك الدولي على التعافي والنمو المطرد للاقتصاد الوطني، للوصول للتحول المنشود، مُشيرا إلى أن الإصلاحات الهيكلية الواردة في مخطط عمل الحكومة لتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص يُعد ركيزة أساسية لإحداث فرص الشغل. مؤشرات إيجابية.. وحول هاته المعطيات قال الدكتور عبد الرحمان هادف في تصريح ل «الشعب « إنه بالنسبة لمؤشرات الاقتصاد الكلي للجزائر على الأمدين القصير والمتوسط، تعتبر جد مهمة اليوم في هاته المرحلة، خاصة والبلاد باشرت مشروع التحرر الاقتصادي بامتياز، الذي سيقودها لنموذج تنموي جديد ومستدام، وبالتالي فإن القراءة لكل التقارير والمؤشرات الموجودة فيها والصادرة عن الهيئات العالمية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أو صندوق النقد العربي وكذا الهيئات الداخلية كوزارة المالية والديوان الوطني للإحصاء، تشير إلى وجود مؤشرات إيجابية يجب التركيز عليها، التي ستسمح للجزائر بمواصلة مشروع التحول الاقتصادي لإنجاحه بصفة فعلية، فسنة 2023 هي سنة محورية في هذا التوجه بعدما باشرت الجزائر إصلاحات هيكلية من خلال تحسين الإطار القانوني والتنظيمي لبيئة الأعمال، إضافة لمراجعة قانون النقد والقرض، وقوانين أخرى التي ستسمح للجزائر بأن تقود مسار التحول الاقتصادي بنجاعة، واليوم نحن نتكلم عن مؤشرات في نسبة النمو، والأرقام مختلفة من هيئة لهيئة ولكنها في مستوى مقبول نظرا للسياق الوطني والسياق العالمي الذي يشهد اضطرابات كبرى. بالمقابل، أضاف هادف أن الجزائر تنمو بنسبة تتراوح مابين 3 إلى 4 بالمائة خلال عام 2023 وهي نسبة لا بأس بها، بالنظر إلى وضعية الاقتصاد العالمي، حيث أن كثيرا من الدول ستشهد ركودا أو انكماشا في النمو خاصة لدى الاقتصادات الكبرى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، الاتحاد الأوروبي والصين. وحسب المتحدث فإن الجزائر أمامها تحدي آخر وهو احتواء ظاهرة التضخم ودعم القدرة الشرائية التي هي من الأولويات التي سطرتها الحكومة وتعمل عليها بقوة، وبالتالي هناك إجراءات لتعزيز القدرة الشرائية لدى شريحة كبيرة من المواطنين، والتي ستعود بالفائدة على المواطن في الجبهة الاجتماعية، وفي نفس الوقت يرجع بالفائدة على النشاط الاقتصادي، لأنه سيكون هناك تحريك لمحرك الاستهلاك الذي يعتبر من أهم محركات النشاط الاقتصادي بالإضافة إلى محرك الاستثمار. و يضيف هادف أن الجزائر في أريحية ولديها مرونة في تجسيد التحول الاقتصادي، فحاليا ليس لديها مديونية خارجية وهذا أمر مهم، وسيمكن البلاد من الحرية في اتخاذ القرار واختيار الأولويات والمشاريع، وإعطاء قيمة مضافة للمصالح الجزائرية وفي نفس الوقت هاته الوضعية تمكن الجزائر أيضا من بعث الاستثمارات الحقيقية ذات القيمة المضافة، بحيث تكون هناك جاذبية بالنسبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، لأن الوضع في الجزائر جد إيجابي، مع الاستقرار السياسي والأمني وعدم وجود المديونية وتنامي الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة خاصة مع إصدار قانون الاستثمار، وهو ما من شأنه تعزيز الاقتصاد الوطني وترقية إمكانية إقلاع الاقتصاد الجزائري، خاصة مع تحدي تنويع الاقتصاد خارج المحروقات، حيث أضحى من الضروري وضع الميكانيزمات والآليات التي تسمح بتنشيط الاقتصاد في كل القطاعات، سواء الفلاحي، لأن فيه تحديات كبرى في مسألة الأمن الغذائي، بالتالي يجب الرفع من القدرات الإنتاجية في شعب مثل الحبوب والحليب واللحوم وغيرها من الملفات. وحسب ذات المتحدث، فإن قانون المالية لسنة 2023 يحمل مؤشرات إيجابية، منه أن قطاعات مثل الفلاحة تساهم بمعدل 6 بالمائة من الناتج الخام في الثلاث سنوات القادمة، الصناعة بأكثر من 9 بالمائة، وهناك اقتصاد المعرفة، الذي سيصبح من أهم روافد الإقلاع الاقتصادي في الجزائر، وهي كلها وفق نظرة الاقتصاد الكلي أصبحت مؤشرات إيجابية تسمح للجزائر على المدى المتوسط بالإقلاع الاقتصادي، وهذا ما يمكن الجزائر وهي تعتزم الذهاب إلى التكتلات العالمية على غرار «بريكس»، والأسواق الإفريقية وتثمين اتفاقية السوق الإفريقية للتبادل الحر التي تعتبر منطقة هامة للتبادل الحر في عالم اليوم، نفس الشيء بالنسبة للتكامل مع الدول العربية، بحيث ستكون سنة 2023 سنة مواصلة الإصلاحات وتجسيد التحول الاقتصادي، كما يجب على كل الفاعلين العمل سويا وهذا هو التحدي لتجسيد هذا التحول. من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور جلول سلامة، إن هناك جوانب إيجابية لهاته التقارير وهي دلالة المؤشرات الاقتصادية على تعافي اقتصادنا من حالة الركود في 2020 الى الانتعاش في2021 ودخول مرحلة التعافي في 2022 كما أنها دليل على المنحنى التصاعدي لنسبة النمو.