2023.. سنة سرعة الإنجاز وتقوية المكاسب ورفع التحديات الخبير تيغرسي ل "الشعب": حركية اقتصادية كبيرة وإرادة سياسية قوية يواصل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، رفع التحدي للنهوض بالقطاع الاقتصادي وتعزيز المكاسب التي ما فتئت تتحقق منذ توليه سدة الحكم، بالرغم من تداعيات جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد الدولي وتراجع كبير في المبادلات التجارية، إلاّ أن عزم الجزائر على تحقيق طفرة اقتصادية بالمنطقة حملها على تحسين أدائها الإنتاجي ومراجعة سياستها الاقتصادية لتتحول وفي ظرف وجيز من مجرد دولة مستهلكة تعتمد على ريع النفط إلى دولة تسير بثبات نحو تحقيق اكتفاء في حاجياتها ومن أبرزها الغذاء. كشف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال اجتماع الحكومة- الولاّة، نهاية الأسبوع المنصرم، عن عدّة تدابير وإجراءات ستميّز السنة الجارية، واصفا إياها بالسنة التي ستشهد سرعة في الإنجاز وتقوية المكاسب. كما أشار إلى أن سنة 2023 ستكون سنة النجاعة والرفع من مستوى المعيشة ومن القدرة الشرائية للمواطن، والتقليص من التضخم. وستحاول الدولة حماية المواطن من تذبذب التبعات الاقتصادية العالمية. هذه التبعات الاقتصادية العالمية تنظر إليها الحكومة بعين التبّصر والاستشراف التي تبني من خلالها مخططات النهوض بالاقتصاد الوطني،. لأنّ الأزمة تلد الهمّة وتحمل في طيّاتها حلولا قد يغفل عليها الجميع في سنوات اليسر والرخاء، فما حملته الأزمة الصحية والتوترات الأمنية في العالم من إدراك لثروات الجزائر المحلية، خاصة في قطاع الزراعة والصناعة التحويلية، عجّل بتبنّي الحكومة إصلاحات اقتصادية، انطلاقا من النصوص القانونية التي تضمن جذب الاستثمار والاستفادة من التكنولوجيا في قطاعي الصناعة والزراعة. إطلاق أول مصنع لإنتاج السّكر تباشير الخير التي حملها لقاء الحكومة مع الولاّة بشأن إنتاج زيت المائدة محليّا وإطلاق أول مصنع لإنتاج السّكر خلال العام الجاري، لم تأت من العدم، بل هي نتيجة نهضة على مستوى عديد المستويات التي تتعلق بميدان الزراعة والإنتاج الصناعي. وقال رئيس الجمهورية، "إن سنة 2023 ستشهد أول إنتاج وطني 100٪ لزيت المائدة، وستشهد الجزائر إطلاق أول مصنع جزائري لإنتاج السكر من الحقل إلى المستهلك". وتستهلك الجزائر، بحسب أرقام رسمية تم كشفها خلال التذبذب في سلاسل توزيع المنتوج خلال الفترة السابقة، قرابة 48 ألف طن من الزيت الغذائي، في حين يبلغ معدل ما تنفقه على استيراد زيوت المائدة 600 مليون دولار سنوياً، و550 مليون دولار لاستيراد الصوجا ومستخلصاتها. هي أرقام جعلت الجزائر، برأي مختصين، تلتفت إلى الإمكانات الهائلة التي تمتلكها في إنتاج مادة زيت المائدة محليّا، ما يسمح لها بتغطية حاجيات السوق الوطنية وتقليص فاتورة استيرادها، إذ تعوّل الجزائر على أن تكون رائدة في إنتاج زيت المائدة على مستوى قارة إفريقيا، مسطرة بذلك برنامجا هاما اعتمد على زيادة وحدات الإنتاج لتلبية الطلب الوطني الذي تحقق خلال الأشهر الأخيرة، بحسب تصريح وزير التجارة وترقية الصادرات في وقت سابق. فيما يتمثل التحدّي اليوم في إنتاج محلي لزيت المائدة بنسبة 100٪، مثلما رفعه رئيس الجمهورية خلال الاجتماع الأخير مع الولاّة. الطموح مشروع، بحسب العديد من الخبراء والمتابعين للشأن الاقتصادي بالجزائر، خاصة وأن تجربة السلجم الزيتي "الكولزا"، أظهرت عدّة مؤشرات إيجابية في بدايتها. فالزيت الذي يستخرج من نبتة السلجم المزروعة محلياً يعدّ من أحسن الزيوت، كونه غنياً بالأوميغا3 و6 و9. كما أنه خالٍ من الكولسترول وله مذاق جيد، ويمكن أن يُستعمل خصوصاً في الطّهو في درجة حرارة أقل من 120 مئوية، في حين أن الزيت الذي نشتريه حالياً من الأسواق هو خليط من أنواع عدة من الزيوت، بحسب تصريح سابق لرئيس جمعية بذور سيرتا هارون محمد. وأثبتت دراسات حول القيمة الغذائية لزيت السلجم المنتج محليا، قام بها مجمع خاص في إنتاج زيت المائدة، أن تركيز الزيت في محاصيل هذا النبات عالٍ ويبلغ 47 لترا صافيا من زيت المائدة في القنطار الواحد، كما أنه يحتوي على بروتين بنسبة 22,8٪، وهي إحصائيات تدعم ما توجه به الرئيس تبون خلال لقاء الحكومة مع الولاّة، الخميس الفارط، من بلوغ إنتاج زيت مائدة محليّ خلال العام الجاري. من جهته، قال الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي ل "الشعب"، إن السياسة الرشيدة للحكومة تتمثل في كيفية توفير المواد الأساسية بأسعار معقولة، مضيفا أنّ الملاحظ خلال هذه الفترة هي الحركية الكبيرة في الاقتصاد الوطني والإرادة السياسية القوية للسلطات العمومية لترقية الاقتصاد الوطني من خلال عدة خطوات، من بينها اللقاءات التي تجمع الحكومة مع الولاّة وبإشراف مباشر لرئيس الجمهورية، هذا الأخير الذي أعطى دعما أكثر للولاة للنهوض بالاقتصاد الوطني وتسويق الإمكانات ودعم الاستثمار على المستوى المحلّي، بالإضافة الى إنشاء مناطق اقتصادية على نفس المستوى والمساهمة في بلوغ معدل نمو يفوق 5٪. وذكر محدثنا بالخطوة الهامّة التي خطتها الجزائر في ميدان الصادرات خارج المحروقات، حينما قفزت من 1.8 مليار دولار خلال سنة 2019 إلى 7 ملايير دولار خلال عام 2022، ومن المرتقب بلوغ 10 ملايير دولار خلال العام الجاري. ومن خلال هذه الأرقام تطرق الخبير الاقتصادي إلى ما أعلن عنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بخصوص الذهاب نحو إنتاج محلي مئة بالمئة لأحد أكثر المواد استهلاكا من قبل المواطن الجزائري والمتمثلة في مادتي زيت المائدة والسكر الأبيض. وربط محدثنا تصريحات الرئيس بما بلغته الجزائر من تراجع ملحوظ في فاتورة الاستيراد وهو ما سيتعزّز بعد الوصول الى إنتاج محلّي لأهم المنتجات الغذائية استهلاكا في الجزائر، مؤكدا أن البديل يتمثل في سياسة إحلال الواردات وهي السياسة التي تهدف الى إنشاء صناعات وطنية قادرة على إيقاف أو التقليل من السلع المستوردة، وهي السياسة التي تساعد في خلق اقتصاد منتج وأكثر صمودا أمام العقبات المستقبلية.