خبراء وفاعلون ل «الشعب»: قرارات رئيس الجمهورية مكسب للاقتصاد الوطني في سبيل التقليل من فاتورة استيراد المواد الأولية التي تدخل في صناعة المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، شدّد رئيس الجمهورية في خطابه خلال اجتماع الحكومة مع الولاة على ضرورة رفع كافة العراقيل عن الاستثمارات والمشاريع التي تصب في صالح ترقية المنتوج الوطني، مبشرّا بأن رفع التجميد عن مشروع ضخم في إنتاج زيت المائدة، سيكون بالامكان بلوغ منتوج مصنع محليا بنسبة مئة بالمئة بعد حوالي ستة أشهر، إضافة الى مشاريع استثمارية ستسمح بإنتاج سكر مصنع محليا وبمواد أولية من زراعة الشمندر السكري بالجزائر. في حديثه عن الشباب والمقاولاتية، ذكّر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بالنصوص القديمة التي تعرقل سير المشاريع، مستشهدا بمشروع استثماري سيمكن الجزائر من إنتاج زيت المائدة بمفردها دون اللجوء إلى استيراد أي شيء، من الفلاح الذي ينتج السلجم الزيتي أو منتوج الذرة إلى المصنع، هذا الأخير الذي تم تجميده لدواعي بيروقراطية رغم تشييده في وقت سابق دون اعتراض أي طرف. وأشاد رئيس الجمهورية بالفلاحة الصناعية، داعيا الى ضرورة ترسيخ هذه الشعبة واقعا ودافعا للاقتصاد، وبشّر الرئيس بأن هناك مساع حثيثة من أجل إنتاج مادة السكر أيضا بسواعد جزائرية مئة بالمئة. وقال الرئيس تبون إن إنتاج مادتي زيت المائدة والسكر محليا في جميع مراحلهما، سيمهد الطريق إلى إنتاج مواد أخرى ذات الاستهلاك الواسع كالحليب الذي اتخذت الحكومة إجراءات جديدة من أجل إنتاجه محليا دون اللجوء إلى استيراد بودرة الحليب المجفف، موضحا بأن ما يتحدث عنه من مشاريع ليست عناوين فقط، بل وراء كل هذه العناوين هناك تقنيات وتحول تكنولوجي وعصرنة في استعمال أحدث التقنيات لصناعة محلية متطورة. وقال الدكتور أحمد علاّلي، أستاذ بجامعة «حمّة لخضر» بالوادي، والباحث في الزراعة الصحراوية، أن الاعتماد على الشمندر السكري في إنتاج مادة السكر هو أيسر سبيل لتوفير منتوج السكر وفق صناعة محلية مئة بالمئة في جميع مراحلها من الفلاح إلى المستهلك، مرورا بمصانع التحويل. وأكد الدكتور أحمد علالي، في تصريحات سابقة لجريدة الشعب ''أن النتائج المخبرية التقنية التي أجريت على زراعة الشمندر السكري ذي الأهمية الصناعية أثبتت نجاعة زراعتها بمناطق الجنوب لتوفر هذه المناطق على الخصائص الملائمة للزراعة وهي التربة والماء والمناخ». وأضاف الباحث في الزراعة الصحراوية أن تسليط الضوء على زراعة الشمندر السكري في هذه المرحلة يعد من «صميم» دور الباحث، سيما أن الحكومة مهتمة بتطوير هذه الزراعة باعتبارها الوحيدة في الجزائر التي تسمح بالقضاء نهائيا على فاتورة استيراد مادة السكر. وذكر ذات المختص المشرف على تجارب زراعة هذا النوع من الخضروات الصناعية بمناطق الجنوب أن زراعة 80 ألف هكتار من الشمندر السكري قادرة على تحقيق اكتفاء ذاتي كلي من المواد الأولية للسكر، فهي تسمح بإنتاج 1.5 مليون طن من السكر، كما أن الهكتار الواحد ينتج 1.000 قنطار بنسبة سكر تقدر ب 19 بالمائة. وبخصوص استهلاك زراعة الشمندر السكري لكميات كبيرة من المياه الجوفية، أكد الباحث علالي أن هذا الطرح لا يستند حسبه «على أسس علمية»، مشيرا أن زراعة هذا النوع من الخضروات الصناعية لا يستهلك سوى 10.000 متر مكعب من المياه في الهكتار الواحد بتقنية السقي بالتقطير على غرار الثوم والبصل. ومن جهة أخرى، أوضح رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج طاهر بولنوار أن ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية خلال لقاء الحكومة مع الولاة في الجانب المخصص للمواد الغذائية واسعة الاستهلاك والنظرة الاستشرافية للحكومة نحوها والإجراءات التي أعلن عنها الرئيس، تعتبر مكسبا لا بد من تثمينها. وقال بولنوار إن «استيراد الزيت والسكر أو المواد التي تدخل في صناعتهما تكلف الحكومة ما يفوق 1.5 مليار دولار»، وأضاف أن فاتورة استيراد منتوج الحليب وبودرته تفوق 1 مليار دولار كل سنة، وقال: « لا يوجد رجل غيور على وطنه لا يثمّن ما جاء في تصريحات رئيس الجمهورية خلال خطابه في اجتماع الحكومة مع الولاة هذا السبت، خاصة فيما يتعلق بانتاج السلع ذات الاستهلاك الواسع محليا في كل مراحلها من الفلاح الى المستهلك». وأشاد بولنوار بالإجراءات التي أعلن عنها الرئيس تبون واصفا إياها بالقرارات التي من شأنها تشجيع الإنتاج الوطني وتقليص فاتورة الاستيراد، كما أن الإنتاج الوطني يعني بطبيعة الحال مصانع واستثمارات جديدة والتي ستسمح بفتح العديد من مناصب الشغل. وأضاف أن هذه القرارات من شأنها أيضا المساهمة في ترشيد الاستهلاك خاصة المواد التي قد تضر بالصحة في حالة الإفراط في تناولها كمادة السكر الذي يتجاوز فيه المستهلك الجزائري المعدل العالمي. وأشار بولنوار الى تزامن تصريحات الرئيس مع جاهزية قانون الاستثمار الجديد الذي يشجع على ولوج سوق الصناعة الجزائرية وعقد شراكات مربحة تعود بالنفع على الجميع، مذكرا بسمعة الجزائر في الآونة الأخيرة وتفتحها على جميع الأسواق الإفريقية، وهو الأمر الذي يشجع على الاستثمار، ودخول السوق الإفريقية سواء عن طريق البنى التحتية التي هي في طور الانجاز، أو عن طريق المناطق الحرة وخطوط النقل البحرية والجوية الجديدة نحو إفريقيا.