وسط معارضة واسعة في صفوف الرأي العام الفرنسي، بدأ النواب في الجمعية الوطنية أمس الإثنين، فحص نص مشروع قانون الحكومة المثير للجدل لإصلاح نظام التقاعد، والذي يهدف بشكل خاص إلى رفع سن التقاعد من 62 عاما إلى 64، وتقول الحكومة إنه ضروري للحفاظ على عدم سقوط النظام في ديون خلال السنوات المقبلة. وفي الأثناء تنظّم المعارضة اليوم إضرابات واسعة ستعطل بدون أدنى شكّ الحياة اليومية في البلاد. يُعدّ إصلاح نظام التقاعد هذا، أحد المشاريع الكبرى للفترة الرئاسية الثانية لإيمانويل ماكرون، لكنه يواجه معارضة حازمة من أحزاب اليسار وأقصى اليمين. ففي ظل عدم تمتع الرئيس ماكرون وحلفائه بالأغلبية المطلقة في البرلمان، خلافا لما كان عليه الحال خلال فترته الرئاسية الأولى، فإنه سيتعين على أغلبيتهم النسبية في الجمعية الوطنية، مواجهة الهجمات القادمة من جميع الأطراف، على مدى نحو ثلاثة أسابيع، قبل عرض النص على مجلس الشيوخ، والرد على معادلة سياسية معقدة على أقل تقدير. مع ذلك، فإنّه إذا كانت معركة الرأي العام قد بدت خاسرة بشكل نهائي بالنسبة للسلطة التنفيذية كما اتضح من خلال جولتي الإضرابات والمظاهرات الحاشدة في الأيام الأخيرة بدعوة من النقابات، فإن معركة البرلمان ما تزال قابلة للفوز، ولكن بشرط أن يصطف غالبية نواب حزب «الجمهوريون» اليميني التقليد- المُحافظ، البالغ عددهم 62 نائباً، خلف الحكومة. وهي احتمالية باتت واردة بعد أن وافقت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن يوم الأحد على التقاعد في سن 63 عاماً بدلا من 64 عاما بالنسبة لأولئك الذين بدأوا العمل بين سن 20 و21 عاماً، موضحة أن هذه الخطوة ستشمل ما يصل إلى 30 ألف شخص، وستكلّف ما يصل إلى مليار يورو (1.1 مليار دولار) سنويا، ممّا يعني ضرورة إيجاد مصدر للتمويل. أتت خطوة بورن هذه بعد أن واجهت السلطة التنفيذية ضغوطا متكررة من بعض قيادات حزب «الجمهوريين»، بمن فيهم زعيمه إيريك سيوتي الذي شدد في حديث لصحيفة «لو باريزي» على أن إدخال هذا التعديل على المشروع «سيؤمن أغلبية كبيرة جدا» من أصوات نواب الحزب. ومع ذلك تبقى الصورة ضبابية في ظل غياب الإجماع داخل حزب «الجمهوريين» حيال مشروع قانون الحكومة هذا لإصلاح نظام التقاعد. غير أنّه في ضوء الكم الهائل من التعديلات التي يتعين فحصها أو دراستها، هناك حالة من الشك لدى العديد من البرلمانيين في أن تصل النقاشات إلى نهايتها. وبالتالي، في ظل الصعوبات المحتملة، يتوقّع العديد من المراقبين أن تلجأ الحكومة إلى استخدام استخدام المادة 49.3 من الدستور، والتي من شأنها أن تسمح لها باعتماد هذا النص دون تصويت أعضاء البرلمان.