يعتبر السرطان من بين الأمراض الخطيرة والأكثر فتكا بأرواح الأشخاص على المستوى العالمي كونه أصبح في السنوات الأخيرة يمثل السبب الأوّل للوفيات، ويبقى لغز هذا المرض محيّرا بمجرد سماع خبر إصابة أحدهم وهذا يرجع غالبا، إلى عدم العلم بالأسباب الحقيقية التي تجعل الجسم عرضة لمثل هذه الأمراض التي يمكن أن تكون مستعصية مقارنة بسرعة الكشف عنها وسرعة التكفل بها. كيف يُعرّف مرض السرطان ببساطة؟ مرض السرطان ناتج عن تحوّل الخلايا التي تصبح غير طبيعية وتتكاثر بشكل مفرط. تشكل هذه الخلايا غير المنظمة في النهاية كتلة تسمى الورم الخبيث. تميل الخلايا السرطانية إلى غزو الأنسجة القريبة والابتعاد عن الورم. تهاجر هذه الأخيرة عبر الأوعية الدموية والأوعية اللمفاوية لتشكيل ورما آخر (ورم خبيت) بحسب ما جاء في القاموس الخاص بموقع معهد البحث في مرض السرطان، أما منظمة الصحة العالمية، فإنها تشرح معنى كلمة «سرطان» - في موقعها الرسمي - على أنها مصطلح شامل لمجموعة كبيرة من الأمراض التي يمكن أن تصيب أي جزء من الجسم، ويشار إليها أيضًا باسم الأورام الخبيثة والأورام الحميدة، وإحدى السمات المميزة للسرطان هي التكاثر السريع للخلايا غير الطبيعية ذات النمو غير العادي، والتي يمكن أن تغزو بعد ذلك الأجزاء القريبة من الجسم ثم تهاجر إلى أعضاء أخرى. هل العادات غير الصحّية من الأسباب الرئيسة للإصابة بالسرطان؟ من بين أنواع السرطانات التي تعتبر أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في جميع أنحاء العالم وأكثر أنواع السرطانات شيوعًا هي سرطان الثدي وسرطان الرئة وسرطان القولون والمستقيم وسرطان البروستاتا. يعود سبب حوالي ثلث وفيات السرطان إلى عوامل الخطر السلوكية والغذائية الخمسة الرئيسية: ارتفاع مؤشر كتلة الجسم، وانخفاض استهلاك الفواكه والخضروات، وقلة ممارسة الرياضة البدنية، والتدخين واستهلاك الكحول. أما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، تبين أن حوالي 30٪ من حالات السرطان ترجع أسبابها الرئيسة إلى الأمراض المعدية مثل التهاب الكبد أو عدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV). ما هي أهم الأرقام المسجلة؟ وقد تسبب السرطان بحسب ما جاء في ذات تقرير المنظمة أنه سجل ما يقرب من 10 ملايين حالة وفاة في عام 2020، أو ما يقرب من حالة وفاة واحدة من بين كل ست وفيات. وترتب الإصابات على النحو التالي: سرطان الثدي (2.26 مليون حالة)، سرطان الرئة (2.21 مليون حالة)، سرطان القولون والمستقيم (1.93 مليون حالة)، سرطان البروستاتا (1.41 مليون حالة)، سرطان الجلد (غير الميلانيني) (1.20 مليون حالة)، وسرطان المعدة (1.09 مليون حالة). وفي عام 2020، كانت السرطانات المسؤولة عن أكبر عدد من الوفيات: سرطان الرئة (1.80 مليون حالة وفاة)، سرطان القولون والمستقيم (916000 حالة وفاة)، سرطان الكبد (830.000 حالة وفاة)، سرطان المعدة (769000 حالة وفاة)، وسرطان الثدي (685000 حالة وفاة)، وتشير إحصاذيات منظمة الصحة العالمية إلى أنه كل عام، يتم تشخيص السرطان في حوالي 400000 طفل. تختلف السرطانات الأكثر شيوعًا من بلد إلى آخر، ويمثل سرطان عنق الرحم هو الأكثر شيوعًا في 23 دولة. هل هناك استعداد وراثي للإصابة بالسرطان؟ في بعض الأحيان، تحدث طفرة تؤثر على جين مشارك في تطور الأورام في جميع خلايا الشخص، منذ الولادة. في هذه الحالة، بعد تجاوز خطوة عملية تكون الورم منذ البداية، يكون خطر الإصابة بالسرطان لدى هذا الشخص أعلى من خطر الإصابة بالسرطان لدى عامة الناس وهذا ما يسمى «الاستعداد الجيني» للسرطان. وفيما يخص سرطان الثدي، فهو يمثل حوالي 5٪ من الحالات. عادة، عندما تكون الطفرات كبيرة جدا أو عديدة بحيث لا يمكن إصلاحها، تدمر الخلية نفسها عن طريق الاستماتة (آلية موت الخلية المبرمج)، لكن، في بعض الأحيان، تعمل هذه الأنظمة بشكل سيئ، أو تتعطل، بمعنى تتوقف عن العمل، وتستمر الخلية بعد ذلك في التكاثر على الرغم من وجود طفرات لم يتم إصلاحها. إذا كانت هذه الأخيرة تؤثر على الجينات المشاركة في تنظيم انتشار الخلية أو موت الخلايا المبرمج، يمكن للخلية أن تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة وحينها يتكاثر ويؤدي إلى تكوين ورم خبيث أو حميد. ومع ذلك، كقاعدة عامة، بحسب الدراسات العلمية المستند إليها التقرير الصحي لا تصبح الخلية سرطانية عندما تكون قد اكتسبت تشوها جينيًا واحدا أو اثنين فقط بل يحدث ذلك عند تراكم العديد من التعديلات بمرور الوقت مما يمنحها خصائص الخلية السرطانية. هذا ما يفسر جزئيا سبب زيادة تواتر الإصابة بالسرطان مع تقدم العمر ومع مدة أو شدة التعرض للطفرات، وهذا ما أوضحه بالتفصيل البحث العلمي المنشور على موقع مؤسسة أرك المتخصص في البحث في علاج الأورام السرطانية.