كشف خبراء خلال المؤتمر الأوروبي لطب السرطان المنعقد مؤخرا في أمستردام، أن خطر الإفراط في التشخيص في فحص سرطان الأمعاء ضئيل للغاية، بينما المكاسب جمة فيما يتعلق بخفض حالات الوفاة، الأمر الذي يجعل الفحوص التقليدية فعالة من حيث التكلفة. وأضافوا أن ثمة ضرورة ملحّة لتخصيص بعض الموارد من فحص سرطان الثدي والبروستاتا للرصد المبكر لسرطان القولون والمستقيم (الأمعاء)، الذي يقتل أكثر من 600 ألف شخص سنويا في أنحاء العالم. شارك في أشغال هذا المؤتمر أكثر من 15.000 باحث وطبيب متخصص في الأمراض السّرطانية، قدموا من مختلف أنحاء العالم من بينهم وفد هامّ من شمال إفريقيا، ناقشوا طيلة خمسة أيّام خلال أكتوبر الجاري، التطورات الجديدة في علاج سرطان الأمعاء والمستقيم، إضافة إلى اكتشاف السّبل الكفيلة لمكافحة الأمراض السّرطانيّة ومعالجتها بكافّة الوسائل المتاحة. وقُدّمت خلال هذا المؤتمر الدّولي رفيع المستوى، العديد من الدّراسات الحديثة والنّدوات العلميّة والمحاضرات، الّتي تبيّن التّقدم العلميّ الكبير في مجال علاج الأمراض السّرطانيّة. كما تَركّز الاهتمام بصفة خاصّة على الدّور الفعّال للطبّ المشخّص في مجال الإحاطة بالأمراض السّرطانيّة المختلفة وفحص الأورام حالة بحالة. والهدف من الطّبّ المشخّص، حسبما جاء في التقرير الختامي الصادر عن اللجنة العلمية للمؤتمر، هو تحسين أداء الرّعاية وتجنّب العلاجات غير الضّروريّة وتحسين نوعيّة حياة المرضى؛ إذ أصبح اليوم الأطبّاء الأخصائيون مقتنعين، أكثر من أيّ وقت مضى، بأهمّيّة دراسة كلّ حالة بمفردها، ذلك أنّ كلّ شخص هو فريد من نوعه، وكلّ ورم لديه أعراضه وميزاته الخاصّة. وتمكّن العلاجات - حسب الحالة - من تحديد دقيق لخصائص كلّ ورم، وبالتّالي تحسين الرّعاية ووسائل المعالجة. وتُعتبر التّجارب في مجال معالجة سرطان القولون والمستقيم خير دليل على مدى تقدّم الطبّ المشخّص.
دراسة ‘'فاير 3'' تبعث آمالا جديدة في العلاج من بين الدّراسات العلميّة الّتي جذبت نتائجها الاهتمام الواسع خلال المؤتمر الأوروبي لطبّ السّرطان، دراسة ‘'فاير 3'' (FIRE-3) الّتي أعدّتها بشكل مستقلّ، جامعة ‘'لودفيغ ماكسيميليان'' في ميونيخ (ألمانيا) بدعم من مخابر ‘'مارك سورونو'' العالميّة، وهي أوّل دراسة مقارنة للعلاجات الطبيّة المستعملة في مجال سرطان القولون والمستقيم المتنقّل، والّتي تكون مصاحَبة بنظام العلاج الكيميائي. وتُظهر نتائج هذه الدّراسة أنّ العلاج بواسطة أربيتوكس (ستوكسيماب) مصحوبا بنظام العلاج الكيميائي، يمدّد في حياة المرضى بقرابة 7,5 أشهر مقارنة بعلاج بيفاسيزوماب مع نظام العلاج الكيميائي. ويشير الدّكتور فولكر هاينمان من جامعة ‘'لودفيغ ماكسيميليان'' بميونيخ والباحث الرّئيس في هذه الدّراسة: إلى أنّ هذا التّمديد بعدّة أشهر في حياة المرضى يمثّل تقدّما هامّا في مجال علاج سرطان القولون والمستقيم المتنقّل منذ إدخال الأجسام المضادّة وحيدة النّسيلة”. وتبعث هذه الدّراسة ونتائجها آمالا جديدة للمرضى الّذين يعانون من سرطان القولون والمستقيم المتنقّل. وسرطان القولون والمستقيم هو رابع أكثر أنواع السّرطان شيوعا في العالم، حيث تقدّر الإحصائيّات المتاحة عدد الإصابات بأكثر من 1.2 مليون حالة. وتُسجل كل عام قرابة 608 آلاف حالة وفاة بسبب سرطان القولون والمستقيم، ممّا يمثّل قرابة 8٪ من مجموع وفيات السّرطان. وأظهرت نتائج دراسة باستخدام بيانات مستقاة من 11 دولة أوروبية بين 1989 و2010، أنه كلما زادت نسبة الرجال والنساء الذين يخضعون لفحص روتيني لسرطان الأمعاء كلما انخفضت معدلات الوفاة. وتشير منظّمة الصّحة العالميّة إلى أنّه يتمّ سنويّا تشخيص قرابة 436 ألف حالة في أوروبا، يموت منهم قرابة 212 ألف مصاب، وأنّ ما يقارب نسبة 60 ٪ من الحالات تحدث في الدّول المتقدّمة. أمّا معدّلات الإصابة والوفيات فهي أعلى بكثير لدى الرّجال مقارنة بالنّساء. وفي شمال إفريقيا تُسجَّل قرابة 6000 حالة جديدة كلّ عام.