لا تقتصر المساعدات التي تقدمها الجزائر للشعوب والمناطق المصنفة من قبل حكوماتها بأنها منكوبة إثر الكوارث الطبيعية والأزمات الصحيّة، على تغطية الاحتياجات المادية "كالمأكل والخيام والأدوية" من خلال سلع وبضائع وهبات مالية، بل تتعدّاها إلى مساعدات على شكل خدمات حينما يتعلق الأمر بإرسال اختصاصيين في مجالات محدّدة كرجال الحماية المدنية المختصين في عمليات البحث والإنقاذ، أو عناصر الهلال الأحمر الجزائري. تجدّد الجزائر في كل مناسبة موقفها الثابت و«دبلوماسية الكوارث" التي تنتهجها فمن دون أي تمييز أو تفرقة تسارع الجزائر لإرسال المساعدات الإنسانية عبر طائرات تابعة للجيش الوطني الشعبي تُجنّد طواقمها خدمة لرحلات جوية ماراتونية تدوم ساعات وساعات دون كلل أو ملل عند أي كارثة طبيعية تهز العالم، فالجزائر دونت اسمها ضمن أبرز الدول التي سارعت لإرسال مساعدات استعجالية في آخر كارثة طبيعية حركت مشاعر العالم أجمع. صور جهود الإنقاذ يصنعها في الساعات الأولى التي تلي أي كارثة طبيعية الأشخاص المتواجدون على أرض الميدان، بما في ذلك أفراد المجتمع المحلي وأجهزة السلطات المحلية ومنظمات الدعم والإنقاذ الموجودة على أرض الواقع عند وقوع الكارثة، لكن الجزائر وبفضل ما يعرف ب«دبلوماسية الكوارث" التي تنتهجها عند أي مصاب يهزّ العالم، فقد أصبحت من بين أولى فرق الإنقاذ التي تصل سويعات عقب أي كارثة طبيعية تضرب دول العالم لتصنع صور التضامن والإنسانية في موقف لا ينتظر أي تأخير أو حسابات جيوسياسية ضيقة. لم تنتظر الجزائر أي ضوء أخضر أو نداء استغاثة من المناطق التي أعلنت انها منكوبة عقب الزلزال، إذ حطت ثلاث طائرات فجر الثلاثاء بمطار حلب، حملت الأولى فرقة متخصصة في الإنقاذ من الحماية المدنية، مع شحنة مساعدات قدرت ب 96 طناً من الخيم والمواد التموينية والمولدات الكهربائية، بينما حملت الطائرتان الأخريان فرقة إغاثة من الهلال الأحمر الجزائري وشحنة من الأدوية تبرعت بها الشركة العمومية لصناعة الأدوية "صيدال". وتمثلت المساعدات الخدماتية التي قدمتها الجزائر لدولتي تركيا وسوريا خلال هذه الكارثة الطبيعية في إيفاد فريقين نحو المناطق المنكوبة بكل من تركيا وسوريا يتكونان من 175 عون حماية مدنية من مختلف الرتب ومختلف التخصصات، وتشكل الفريق الذي تم إرساله نحو تركيا من 89 عونا يشمل أعوانا من القيادة والمناجمنت، وفرق الإنقاذ تحت الردوم، الفرق السينوتقنية، الأطباء، أعوان شبه طبيين، أخصائيين نفسانيين، والفرق المختصة للتدخلات في حوادث المواد الخطيرة، وفرق مختصة في تحلية مياه الشرب. وبالإضافة إلى ذلك تمتلك الحماية المدنية الجزائرية فريقا ثان في البحث والإنقاذ في الأماكن الحضرية يتوفر على نفس إمكانيات الفريق الأول المرسل الى تركيا وهو في حالة جاهزية لدعم الفرق المتواجدة بالمناطق التي ضربها الزلزال في أي لحظة. وقال يوسف عبدات ملازم اول بالحماية المدنية الجزائرية ضمن بعثة الحماية المدنية الجزائرية بسوريا في تصريحات ل "الشعب"، أن عمل الفرق المتخصصة في البحث والإنقاذ بالأماكن الحضرية التابعة للحماية المدنية الجزائرية تعمل ليلا ونهارا بالمناطق المنكوبة إثر الزلزال بسوريا، مؤكدا على احترافية عناصر الحماية المدنية الجزائرية في عملية البحث والإنقاذ ما مكنها من إنقاذ شخص واحد، بالإضافة الى انتشال 34 جثة من تحت الأنقاض الى غاية اليوم. وتحتل فرق الإنقاذ الجزائريةبتركيا وسوريا المرتبة الأولى من حيث فاعلية مهامها، بالرغم من تواجد فرق دولية تملك من الخبرة والمعدات ما يفوق فرقنا بكثير، إلاّ أن خبرة العناصر الجزائرية وكفاءتها وإخلاصها في العمل أهلّها لتكون في ريادة فرق الإنقاذ والتدخل المتواجدة في كلا البلدين. ويذكر الجميع كيف هبّت الجزائر لمساعدة الجارة تونس في إخماد الحرائق التي أتت على جزء هام من غاباتها مهدّدة الساكنة صائفة 2022، حينها تم إرسال حوامتين و20 شاحنة إطفاء تابعة لسلك الحماية المدنية الجزائرية، بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون، كما أنّ التاريخ شاهد على الهبات التي قدمتها الجزائر سنة 2002 عقب زلزال مدينة "بم" الإيرانية حيث أرسلت الجزائر طائرتي شحن تابعتين لسلاح الجو بالجيش الوطني الشعبي الى ايران، محملتين بشحنات من المساعدات الإنسانية الى ضحايا الزلزال الذي ضرب غرب ايران جوان 2002، وشملت المساعدات التي جندتها الجزائر أطنانا من الأدوية والأغطية ونحو 150 خيمة وأغذية وكميّات من المياه المعدنية. لا تقتصر المساعدات الخدماتية التي تقدمها الجزائر، على أجهزة الدولة التي يوفر جسرا جويا نحو المناطق المنكوبة أو الحماية المدنية، فالمجتمع المدني ومن خلال عناصر الهلال الأحمر والكشافة الإسلامية لطالما رسما صورا خالدة لدى الجميع من خلال التضحية بمصالحهم والتزاماتهم والتحاقهم بأولى الوفود المرسلة للمناطق المنكوبة، وصور التضامن التي يصنعها عناصر الهلال الأحمر اليوم في زلزال تركيا وسوريا خير دليل على فاعلية المجتمع المدني والقفزة التي يشهدها خلال فترة حكم الرئيس عبد المجيد تبون. ولا تتوقف صور التضامن لدى الهلال الأحمر عند الطبيعية، فعمليات الإغاثة وصور إرسال عشرات الأطنان من المواد الغذائية لدول الجوار التي تقع تحت طائلة التوسع الاستعماري والدول الفقيرة تصنع الحدث في كل مناسبة.