كشفت المحافظة السامية للأمازيغية عن برنامج الاحتفال المزدوج باليوم الدولي للغة الأم والأسبوع الأفريقي للغات، الذي تحتضن تلمسان فعالياته يومي 21 و22 فيفري الجاري. وإلى جانب معارض وورشات في مجالات شتى، ينتظر أن تمضي المحافظة اتفاقية شراكة مع جامعة تلمسان، كما تشهد الاحتفالية المزدوجة تنظيم ملتقى «الأمازيغية في ظل مقومات الأمة، الأمن الهوياتي، السلامة الترابية والوحدة الوطنية»، بمشاركة نخبة من الباحثين من مختلف جامعات الوطن. تحتضن ولاية تلمسان، يومي 21 و22 من شهر فيفري الجاري، فعاليات الاحتفال المزدوج باليوم الدولي للغة الأم والأسبوع الأفريقي للغات، الذي تنظّمه المحافظة السامية للأمازيغية. وحسب برنامج التظاهرة، الذي حصلت «الشعب» على نسخة منه، فإنّه سيتم تدشين واجهة مطار «مصالي الحاج» بتلمسان باللغتين الوطنيتين، على أن يكون الافتتاح الرسمي يوم 21 فيفري على مستوى مركز الدراسات الأندلسية «قصر الحمراء». فيما تحتضن قاعة المحاضرات لدائرة بني سنوس ندوة علمية حول أهمية الاحتفال المزدوج باليوم الدولي للغة الأم والأسبوع الأفريقي للغات، وذلك بالشراكة مع الأكاديمية الأفريقية للغات. وبالإضافة إلى معارض ثقافية وفنية وورشة للكتابة والترجمة إلى اللغة الأمازيغية ب «قصر الحمراء»، تحتضن المؤسسات التربوية لبني بوسعيد وبني سنوس ورشات «كتابة السيناريو وإنجاز الأفلام القصيرة»، و»تقنيات التصوير الفوتوغرافي»، و»التدوين بحرف التيفيناغ»، فيما يستضيف القصر القديم أولاد مسعود بتافسرا ورشة ترميم ودورة تكوينية بالشراكة مع المركز الجزائري للتراث الثقافي المبني بالطين بولاية تيميمون. كما ينتظر أن تمضي المحافظة السامية للأمازيغية اتفاقية شراكة مع جامعة «أبو بكر بلقايد» بتلمسان، قُبيل انطلاق أشغال الملتقى الوطني «الأمازيغية في ظل مقومات الأمة». اللّغة..والأمن الهويّاتي ممّا يميّز برنامج هذه الاحتفالية المزدوجة، ملتقى «الأمازيغية في ظل مقومات الأمة، الأمن الهوياتي، السلامة الترابية والوحدة الوطنية»، الذي تنظمه المحافظة يوم الأربعاء 22 فيفري بمركز الدراسات الأندلسية «قصر الحمراء». وفي هذا الصدد، يرى القائمون على الملتقى أن الأمن الهوياتي يعدّ، في الوقت ذاته، مجالا معرفيا ورأسَ مال تدخل بالمعنى التربوي الإيجابي للمصطلح. كما أنه أصبح، من الناحية الاجتماعية والمؤسساتية، مصدر قلق شرعي للكثير من الأفراد والدول معاً؛ إذ يتطلب اتخاذ الاحتياطات والتوصيات التي تشحذ اليقظة، وتبادر بالاستباق إلى ما يتناسب مع التحولات الكبرى والتطور السريع للمحيط الجيوسياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم. ويشكّل الأمن الهوياتي إحدى الوسائل الاستباقية باعتباره ذا فعالية إزاء التثاقف الذي يتفاقم ويسري بأساليب متنوعة في عصر العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي. ويضيف ذات المصدر، بأن بلادنا، وبصفة خاصة شبابها، «تشكو من هيئات حقيقية تعمل على تجميع الأجهزة وتركيبها وتقوم بتكوين خلايا باستعمالها وسائل تكنولوجية مبتكرة تفوق مستوى الخيال بغية تقويض السلامة الإقليمية والتماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية». من أجل ذلك، نجد من الأولويات التي تسعى المحافظة السامية للأمازيغية إلى تحقيقها: تعزيز أواصر الأخوّة والمحبة في بلادنا على أساس تقوية القاعدة المشتركة بين أطياف المجتمع؛ «ويجدر الذكر هنا أنّ الأمازيغية هي اللبنة الأولى لبناء الشخصية الوطنية لغويا وثقافيا وتاريخيا. ومع ذلك، فإن أقلية قليلة من الجزائريين لم تدرك بعدُ مدى الانسجام الاجتماعي الذي ستجنيه الأجيال الصاعدة من خلال تعميم تعليم واستخدام الأمازيغية». كما تحرص المحافظة على وحدة الشعب، فتعميم اللغة الأمازيغية يُخرجها من دائرة الخصوصية الجهوية إلى لغة كلّ الجزائريين، مثلها مثل العربية التي اكتسبوها بالممارسة اليومية وخلال التعليم العام والمعمّم، المجاني والإلزامي. وعليه، فإنّ التعدّد اللغوي والتنوع الثقافي اللذين يُعدّان من بين انشغالات هيئتنا، سيكونان بمنأى عن الأيديولوجيات الضيقة والأنانية. وبالتالي، سيستجيبان لا محالة لرغبات كلّ فئات المجتمع؛ كل واحدة منها وبخصوصياتها ستثري بدورها القاعدة الوطنية المشتركة للشخصية الجزائرية التي تصرّ عليها ديباجة وأحكام الدستور: «الشعب الجزائري شعب حر ومصمّم على البقاء كذلك. تاريخه يعود إلى عدة آلاف من السنين وهو سلسلة طويلة من النضالات التي جعلت من الجزائر دائما أرض الحرية والفخر والكرامة»، تضيف المحافظة. ونجد أيضا في ديباجة الملتقى، أن الأمن الهوياتي «مفهوم وواضح المعالم»، يكون راسخا على الجبهات الاجتماعية والتربوية والسياسية حين تدعّمه ثقافة التسامح والحوار والعيش معًا. «إنه ضمان الانتماء إلى هذه الثقافة لتجسيد الخصوصية، ووضع الأسس المشتركة للأمة بأكملها». وباختصار، يمكن القول إنّ الأمر يتعلق بالتأمّل في المفاهيم العملية لخصوصيات وعموميات إعادة نشر الهوية والعمليات التعريفية التي تدعمها والتي تضع الجزائر، بكلّ مكوّناتها، على أنّها وحدة وكلّ متكامل: يكون في الوقت ذاته كلا جغرافيا، وكلا تاريخيا، وكلا سياسيا وأنثروبولوجيا وثقافيا. ويعتبر القائمون على الملتقى أن هذا الموقف الفكري هو الذي سيولّد استراتيجيات تجعل من الممكن مواجهة هيئات الهيمنة مهما كانت طبيعتها، والتخلّص من الاحتواء والضغط. وإنّ هذه الاستراتيجيات ليست جزءاً واضحا من الآليات الدفاعية الضرورية من حيث التكيّف مع التغييرات والتغيّرات البشرية فحسب، بل إنها تمثّل القدرة على التفكير ووضع التقاربات التي فعّلها الجزائريون عبر التاريخ في حالتها اليوم وغداً. وقد تعرّض المجتمع جرّاء كثافة وسائل الإعلام، في السنوات الأخيرة، لموجات من الدعايات والإشاعات المغرضة التي أصبحت خبيثة، وغالبًا ما تنتج عنها توترات قائمة على خطابات العنف والكراهية، ممّا يؤجّج سوء التفاهم ويثير النعرات، يلاحظ ذات المصدر، مضيفا أن المنظومة التربوية والثقافية والرياضية والاتصالية، تساهم بتقاطعها الايجابي بين ديناميكية العنصر الوطني والعنصر المحلي، بين العام والخاص، في صقل الماهية الجزائرية والغيريّة، وكذا الأخلاق العامة التي تساهم في تنظيم العلاقات والتبادلات بين المواطنين في هدوء تام. كلّ هذه الأمور ستضمن بالتالي الأمن العام الذي هو أحد مكوّنات الأمن الهوياتي كنتيجة طبيعية للقيم الاجتماعية المشتركة والمتواجدة في مجتمعنا منذ القِدَم. المواطنة اللّغوية وتعزيز الوحدة الوطنية يعالج الملتقى مجموعة من المحاور، يتعلق أولها بالدور التاريخي للنخبة وعلماء الدين في حماية المجتمع وتعزيز المرجعية الوطنية لدحض الدعاية الفرنسية الاستعمارية، وثانيها إسهام المنظومة التربوية الوطنية في إيقاظ الوعي الفردي والجماعي بالهوية الوطنية، وتعزيز التماسك الاجتماعي بترسيخ القيم المرتبطة بالإسلام والعروبة والأمازيغية. ويدور المحور الثالث حول التراث كعنصر هوياتي وتاريخي في مشروع حضاري وطني متكامل في إطار الثلاثية الدستورية: الإسلام، العروبة والأمازيغية. أما المحور الرابع فيُعنى بتمديد مفهوم الدفاع الوطني إلى مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية من حيث فك رموز آليات طرائق وضع الدعايات والإشاعات، المستمدة من الشبكات الاجتماعية والتي تستهدف زرع أنواع مختلفة من الاضطرابات في الأطر المرجعية للهوية الجزائرية: الأرض، التاريخ السياسي والعسكري، اللغات والثقافات المحلية والأسماء الفردية والجماعية...فيما يركّز المحور الخامس والأخير على قيم المجتمع كمصدر إلهام لتعزيز روابط المصالحة مع الذات، وبناء المواطنة في كنف السلم والعيش معا. وينتظر أن تتوزّع المداخلات على ثلاث جلسات، يترأّس الجلسة الأولى منها بوزيد بومدين، الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، وتتضمّن مداخلات على غرار «لغة الأم: مفهوم وتصورات ذهنية في ظل السياسات اللغوية» للبروفيسور بومدين بن موسات، رئيس مخبر «ديناميكيات اللغات والخطاب في البحر الأبيض المتوسط» بجامعة تلمسان، و»مقاربة الهوية اللغوية: إشكالية الوحدة والتعدد» للدكتورة نادية سعدي من قسم الفلسفة بجامعة الجزائر 2. أما الجلسة الثانية، ويترأّسها البروفيسور محند زردومي (جامعة الجزائر 2)، فتتضمّن مداخلات على غرار «الأمازيغية والوحدة الوطنية في الجزائر» للدكتورة فضيلة شبابحة (جامعة المسيلة)، و»دور المجتمع في بناء الأمن الهوياتي» للدكتور الحاج دواق (جامعة باتنة 1)، و»سياسات الهوية كمدخل لتحقيق الأمن الهوياتي في الجزائر» للدكتور فارس لونيس (جامعة الجزائر 3) و»الأمازيغية كهوية: دراسة مقارنة لثلاثة خطابات» للدكتور عبد القادر عبد العالي (جامعة سعيدة). فيما يترأّس الجلسة الثالثة والأخيرة البروفيسور فريد بن رمضان (جامعة بومرداس)، ونجد من ضمن مداخلاتها «المواطنة اللغوية ودورها في إرساء التماسك الاجتماعي والأمن الهوياتي» للبروفيسور عبد الحفيظ ساس من قسم الفنون بجامعة تلمسان.