آليات جديدة في التّسيير ساهمت في القضاء على الاختلالات المسجّلة قطعت الجزائر أشواطا عديدة من أجل ضمان علاج صحي شامل لجميع المواطنين، وبذلت السّلطات العمومية مجهودات كبيرة لتحقيق هذا المسعى في إطار تكريس العدالة الاجتماعية عبر تبني استراتيجيات وسياسات صحية فعالة ساهمت إلى حدّ كبير في تسجيل مكاسب هامة في الوصول إلى تغطية صحية شاملة متجانسة في مجال العلاج والوقاية، وتقديم الخدمات الصحية بشبكة موزعة على مجمل التراب الوطني. تعتبر التّغطية الصحية الشّاملة إحدى الأولويات الأساسية في برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ويتجسّد ذلك من خلال الإرادة السياسية للارتقاء بالمنظومة الصحية، وضمان واستدامة توفير التغطية الصحية الشاملة للسكان، والقضاء على الفوارق والاختلالات الجهوية والمحلية في مجال العلاج والخدمات الصحية، والالتزام بمبدأ مجانية الرعاية الصحية وتلبية الاحتياجات الصحية للسكان عبر الوطن لا سيما على مستوى مناطق الجنوب والهضاب العليا. في هذا الإطار، تمّ استحداث آليات جديدة في التسيير والتخطيط الصحي لجميع الوسائل والموارد والنشاطات المتخذة من أجل ضمان التغطية الصحية على مستوى التراب الوطني بما يسمح بالقضاء على الاختلالات المسجلة على مستوى التغطية الصحية خاصة في بعض مناطق الظل، والحد من عدم المساواة الاجتماعية في إطار تكريس العدالة الاجتماعية، وتقدير وإحداث التطورات وعصرنة وتحديث المرافق العمومية الضرورية. ويسعى قطاع الصحة لرفع تحديات إصلاحية في مجال التسيير والعلاج والخدمات الصحية، وفق استراتيجية جديدة تضمن التغطية الصحية الشاملة، وتساعد على القضاء على الفوارق واللاّمساواة في الحصول على الرعاية الصحية على مستوى كل المناطق، خاصة وأنّ الجزائر كرّست الحق في الصحة كحق من حقوق الإنسان، والسلطات العمومية تلتزم بتجديد المنظومة الصحية ووضع استراتيجية تتماشى مع التطورات الحاصلة في المجتمع، وكذا تكريس العدالة الاجتماعية. تعاني السياسة الصحية من بعض الاختلالات سببها سوء التنظيم والتسيير، ما انعكس سلبا على مستوى الرّعاية والتغطية الصحية الشاملة خاصة في بعض المناطق من أرجاء الوطن، ويخص هذا العجز مناطق الجنوب والهضاب العليا التي تواجه صعوبات في الحصول على الخدمات العلاجية النوعية، بالإضافة إلى نقص إمكانيات العلاج الهياكل الصحية والموارد البشرية، وعجز في بعض الاختصاصات الطبية الجراحية، زيادة على العديد من الصعوبات التي تعترض حصولهم على الرعاية الصحية. وتفتقد كثير من المؤسّسات الصحية في مناطق الجنوب والهضاب العليا إلى مختصّين مؤهّلين في مجالات عديدة بسبب الأطباء المختصين وعن العمل في جنوب البلاد لانعدام الظروف المحفزة وقلة الإمكانيات، وفق ما يؤكّدونه في كل مرة. وحسب المنظمة العالمية للصحة، فإنّ مؤشّر التغطية الصحية في الجزائر يعرف تحسّنا ملحوظا، حيث أشارت بعض الأرقام أنه بلغ 76 بالمائة، وهو المؤشّر الموجود في أمريكا الشمالية وأوروبا، ممّا يؤكّد الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة بداية من مجانية الرعاية الصحية التي تعتبر إحدى المكتسبات الأساسية المحفوظة، والمطبّقة على كل المستويات والرعاية الصحية الكاملة الشاملة الإنصاف واستمرارية الخدمات الصحية، بالإضافة إلى السعي لضمان توزيع منسجم وعادل وعقلاني للموارد البشرية والهياكل والمؤسسات والمنشآت والتجهيزات الطبية . بناء قوّة حقيقية للصّناعة الصّيدلانية
في إطار الاستجابة للاحتياجات الصحية للمواطنين عبر القطر الوطني، وتكريس العدالة الاجتماعية، عملت الدولة على وضع خطّة متكاملة ومتجانسة لبناء قوة حقيقية للصناعة الصيدلانية وتقليص فاتورة الاستيراد والسعي لبلوغ تغطية شاملة تفوق 70 بالمئة من الانتاج المحلي للأدوية المحقّقة إلى حد الآن، مع توفير بذل مجهودات أكبر لتوفير أدوية ذات نوعية لضمان علاج صحي شامل لجميع المواطنين. في هذا الإطار، أكّد رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، مسعود بلعمبري ل "الشعب"، أنّ الدولة تعمل على ضمان وفرة الأدوية لجميع المواطنين على كافة ربوع الوطن، ويعد من بين الحقوق الاساسية للمواطن، والتي نصّ عليها قانون الصحة. ومن ناحية التغطية الصيدلانية في السوق المحلية، أبرز بلعمبري أنّ وفرة الأدوية تتم عبر الصيدليات المنتشرة عبر الوطن، ويجب أن تكون بصفة عادلة ومتوازنة في ربوع الوطن لاسيما في المناطق المعزولة، مشيرا الى وجود 12500صيدلية موزعة على جميع الولايات، وأضاف أنّ الصيادلة هم أداة هامة توفر من خلالهم الدولة الأدوية للمواطن، مؤكّدا أن ما لا يقل عن 4500 صيدلية متواجدة في الأحياء حديثة النشأة أو في المناطق الداخلية والريفية المعزولة وأيضا مناطق الظل. وبخصوص الصناعة المحلية للأدوية، أبرز بلعمبري، أنّها تغطي 70 بالمائة من القائمة الوطنية للدواء قائلا: إنّه لا توجد أية دولة في العالم استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي بخصوص الأدوية. في هذا السّياق، أفاد محدّثنا أنّ السّلطات العليا للبلاد تتطلع إلى تحسين مستوى الصناعة الصيدلانية، والرفع من التغطية الوطنية من خلال التوجه للأدوية الأساسية والأدوية البيولوجية والمبتكرة وأدوية الأمراض الثقيلة على غرار السرطان، وكذا بعض الأدوية صعبة التصنيع كالأنسولين. وقال بلعمبري إنّ الجزائر تعد من البلدان القليلة التي تتوفر على صناعة محلية للأدوية بشكل يضمن تغطية الاحتياجات الوطنية بنسبة عالية، مشيرا إلى أنّ الصناعة الصيدلانية المحلية تعرف تحسّنا كبيرا في السنوات الأخيرة بفضل الإرادة الموجودة والإمكانيات المتوفرة. وحول الاختلالات في توزيع الأدوية عبر الصيدليات، أوضح رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص أنّه يتم إعادة تنظيم مسار توزيع الأدوية من أجل إتاحتها لكل مواطن عبر الوطن، مشيرا إلى أن الوزارة بصدد اتخاد إجراءات صارمة تخص مراقبة وتتبع مدى احترام المتعاملين من المستوردين والمصنعين والموزعين من خلال وضع منصة رقمية خاصة لضخ جميع المعلومات المطلوبة حول الإنتاج الأسبوعي والاستيراد واستلام الكميات وتحرك المخزون والوقوف على جميع الحقائق، وذلك لضمان الشفافية في توزيع الأدوية عبر الوطن.