انخراط مباشر للرئيس تبون في جهود تفعيل مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة عودة قوية للجزائر الجديدة.. ولعب أدوار في ساحة الكبار في توجهات السياسة الخارجية للجزائر في آخر 3 سنوات، بدت واضحة الأولويات الجديدة والأبعاد الإستراتيجية، وتركيز خاص على إعادة تفعيل دور محوري وازن بمبادرات جادة، خطوات عملية ميدانية وعودة بارزة على مستويات عديدة، وبات يشهد لها اليوم، وينظر إليها كدولة مرجعية في مسائل مثل صناعة الأمن والسلم. ما تجنيه الجزائر من إشادة واعتراف دوليين نظير مساعي وجهود إحلال الأمن والسلم وتحقيق الاستقرار والتنمية، يحتكم دون شك إلى رجاحة الطرح الجزائري والتعاطي مع قضايا وأزمات بجدية تامة، وعلاقات دبلوماسية متينة ومسافة متقاربة مع دول، وتقديم مقاربات تخدم مصالح مشتركة. الإشادة بالتزام الرئيس تبون الإشادة بمساعي الجزائر ومجهوداتها في ترقية السلم والأمن والاستقرار إقليميا ودوليا، كانت هذه المرة في تقرير أرسله الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى مجلس الأمن، يوم الثلاثاء المنقضي، حيث أشاد «بالالتزام الشخصي للرئيس عبد المجيد تبون بترقية السلم والاستقرار في جمهورية مالي». أنطونيو غوتيريش أشار إلى الانخراط المباشر للرئيس عبد المجيد تبون في الجهود الرامية إلى تفعيل مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر. وذكر بالخصوص أن رئيس الجمهورية استقبل تباعا، في جانفي وفيفري الماضيين، وفودا تمثل جميع الأطراف المالية الموقعة على اتفاق الجزائر، والمتمثلة في الحكومة والحركات السياسية العسكرية. كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بقيادة الجزائر، التي تضطلع بدور مزدوج باعتبارها قائدة للوساطة الدولية ورئيسة لجنة متابعة الاتفاق، مبرزا مبادراتها لتجاوز المأزق الحالي الذي تعرفه عملية تنفيذ الاتفاق الذي يظل، حسبه، أفضل أداة لتعزيز السلم والمصالحة المستدامتين في مالي. ليست المرة الأولى التي تنال فيها الجزائر إشادة دولية وأممية نظير جهود تسوية أزمات وملفات إقليمية ودولية، وليس بالغريب على الجزائر التي تحوز على ماض دبلوماسي حافل وشاهد على محطات هامة في صناعة السلم وتسوية صراعات وحل أزمات. في أزمة مالي، نالت الجزائر إشادة مجلس الأمن في قرار صادر شهر أوت 2022، بخصوص دورها في مساعدة الأطراف المالية على تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي، المنبثق عن «مسار الجزائر»، في قرار ذكر بالطابع المهم لأحكام اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، صُوت عليه بالإجماع ويُبرز دعم مجلس الأمن الكامل لهذا الاتفاق ومتابعة تنفيذه عن كثب.. أدوار في ساحة الكبار.. إعادة رسم أولويات جديدة في السياسية الخارجية، من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تَبون، أعاد الجزائر إلى مكانها الطبيعي على المستويات عديدة، تجلى ذلك في مبادرات كثيرة تقدمت بها عربيا، إفريقيا ودوليا، لاسيما ما تعلق بمسائل الأمن والسلم والتنمية، ولاقت قبولا والتفافا. عقيدة الجزائر في إحلال السلم والأمن، وإيمانها بما يشكلان من أهمية بالغة في تحقيق أهداف تنمية شاملة وتجاوز آفات ومعضلات تعاني منها شعوب، ورغبتها في لعب أدوار دولية رئيسية، كان بارزا في الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة السنة الماضية، حيث أكدت الجزائر تمسكها بقيم السلم والأمن الدوليين وتقديم مساهماتها، قصد تحقيق تنمية شاملة وعادلة ومستدامة، وهو ما رافع لأجله بشدة ممثل الجزائر في تلك الدورة. ومثلما هو معلوم، طرحت الجزائر في الدورة أهليتها لعضوية مجلس الأمن من خلال انتخابات شهر جوان 2023، وهو ترشيح حظي بتزكية الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ونابع من الأولويات التي رسمتها أعلى السلطات في البلاد وإلمامها بالتحديات غير المسبوقة دوليا وإقليميا، في عالم يشهد توترات متصاعدة. على ضوء مؤشرات كثيرة، من الطبيعي أن يكون للجزائر صوت أكثر ارتفاعا، وأدوار أكبر في الساحة الدولية مستقبلا، بدعم دول عربية وافريقية التي التفت وأيدت مشاريع ومبادرات قدمتها الجزائر في احتضانها لقمة لمّ الشمل العربي، وقبلها المصالحة التاريخية بين الإخوة الفلسطينيين. ثنائية الأمن والتنمية.. إلى جانب القمة الأخيرة 36 لرؤساء الدول وحكومات الاتحاد الإفريقي، التي أبانت فيها الدبلوماسية الجزائرية عن تعاطيها مع التحديات الدولية ومعالجة مشاكل القارة في أطر افريقية بحتة، برؤية متكاملة ومقاربة تخدم مصالح الأفارقة قاريا ودوليا. في إعادة رسم أولويات السياسة الخارجية ونجاحها، من منظور محللين وخبراء، تظهر جليا أبعاد الدائرتين الإفريقية والعربية بالنسبة للجزائر، من منطلق استراتيجي وعلاقات متينة وقديمة مع دول افريقية وعربية تحترم الجزائر وتنظر إليها كدولة مرجعية، بالنظر إلى تاريخها السياسي والدبلوماسي، وهي تستعيد هذا الدور برؤية جديدة تتوافق ومستجدات الوضع الدولي الراهن. في هذا الجانب، يجدر التذكير بالتقرير الذي رفعه رئيس الجمهورية أثناء انعقاد القمة الاستثنائية لمجلس الاتحاد الإفريقي بغينيا الاستوائية، السنة ما قبل الماضية، الذي تناول مسائل جوهرية مثل الإرهاب، وحظي باهتمام كبير من قبل رؤساء الدول والوفود المشاركة في أعمال هذه القمة، إذ يشكل خارطة طريق بالنسبة للأفارقة. مجهودات الجزائر لم تتوقف عند طرح مبادرات وتقريب وجهات النظر، بل أتبعت بخطوات ميدانية تحمل نوايا جادة ومؤشرات عديدة، منها تخصيص مليار دولار أمريكي لفائدة الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، موجهة لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية. إضافة إلى الدعوة لتسريع تنفيذ المقترحات العملية التي قدمتها بهدف تقوية آليات الاتحاد الإفريقي في القمة الأخيرة، منها وضع خطة عمل جديدة للاتحاد لمكافحة الإرهاب، وتفعيل الصندوق الإفريقي الخاص لمكافحة الإرهاب.