يحمل شهر رمضان المبارك في اليمن روحا مميزة لا تكاد توجد في أي بلد آخر، ورغم قسوة الظروف فإن أهل اليمن ما زالوا قادرين على الاحتفال ونشر طقوس البهجة وأهازيج الخير والبركة في ليالي رمضان وأمسياته. عقب صلاة الظهر يبقى الكثير من الناس في المساجد للتدبر، وقراءة آيات القرآن الكريم في جلسات تطول، وهو ما يجعلهم يصطحبون معهم ما يُعرف بالحبوة، وهي عبارة عن حزام عريض يضم القدمين إلى الجسد في وضعية الاحتباء، وهو ما يساعدهم على الجلوس لساعات طويلة، وتُستخدم الحبوة عادة في مناطق الجنوب، بينما يستخدم أهل الشمال وسائد توضع للاستناد أو الاتكاء عليها وتُعرف بالمتكي. وتستمر هذه الجلسات حتى العصر، وقد يبقى البعض حتى اقتراب صلاة المغرب، والبعض يصطحب إفطاره إلى المسجد ليفطر به ويشاركه مع الآخرين. وبمجرد الإفطار يندفع الكثيرون إلى مضغ القات، وتنتشر مجالس القات التي تمتد فيها الأحاديث والأسمار من بعد صلاة التراويح وحتى قبيل أذان الفجر. في حضرموت تُعَدُّ الختايم من أهم طقوس رمضان، وتُقام احتفالا بالختم الجماعي لقراءة القرآن، حيث يتجمع أهل الحي في المساجد لقراءة القرآن وختمه بشكل جماعي. تبدأ ليالي الختايم من بعد صلاة العصر، ويتجمع أهل الحي أمام المسجد لأداء رقصات شعبية من أشهرها الشبواني. كما يتجمع الصغار أيضا للاحتفال مرتدين الملابس الجديدة المستوحاة من الأزياء التقليدية، وتخضّب كفوف البنات بالحناء، ويدور الأطفال من شارع إلى آخر مرددين: «هاتوا الختامة الجديدة والا كسرنا الحديدة»، كي يتلقوا الحلوى والعطايا والألعاب، وعقب صلاة التراويح تشهد الساحات فقرات إنشاد وشعر حتى قبيل منتصف الليل. أما المطبخ اليمني فإنه يعتمد بشكل كبير على لحوم الضأن والماعز، ومن الخضراوات على البطاطس والبصل والطماطم. يُعَدُّ طبق الحلبة اليمنية من أكثر الأطباق المميزة في اليمن، ويشتهر اليمن أيضا بتنوع أنواع الخبز، ومن أشهرها خبز التنور والمرقوق والملوح أو الرشوش واللحوح. وعلى المائدة الرمضانية اليمنية تتنوع الأطباق التقليدية المميزة، ومن بينها الزربيان، وهو عبارة عن طبق الأرز مع اللحم أو الدجاج المطهو مع البهارات واللبن الرائب، وأيضا الشفوت، وهو عبارة عن رقائق خبز اللحوح المغطى بالنعناع الأخضر الطازج والكمون والملح. أما الحلويات الرمضانية فأشهرها المهلبية أو المحلبية وبنت الصحن، وهي نوع من الفطائر المحلاة التي تتكون من عدة طبقات من العجين الرقيق، وتُحلَّى بالعسل وتُزيَّن بحبة البركة، وهناك أيضا حلوى الطرمبة، وتتكون من خليط من الدقيق والسكر والبيض، تُشكَّل وتقلى بالزيت، ثم تُحلَّى بالعسل أو الشيرة. أما المشروبات فيُفضِّل البعض تناول قشر القهوة، وهو مشروب محلي يُصنع من قشور القهوة المغلية التي يضاف إليها أحيانا القرفة أو الزنجبيل.