مع اقترابها من إكمال شهرها الأول، ما زالت الأزمة السودانية حبيسة الانسداد السياسي والتصعيد الميداني بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط محاولات إقليمية ودولية لحلحلتها. ففيما يستمر الطرفان في مفاوضات جدة التي لم تحرز تقدمًا كبيرًا - حتى الآن - كان التصعيد الميداني وسيلتهما لانتزاع السيطرة على منطقة هنا أو هناك. تصعيد ميداني في بعض مناطق العاصمة السودانية الخرطوم، تزامن مع اتهامات من الطرفين لبعضهما، بالمسؤولية عن استهداف منشآت طبية، وارتكاب أعمال "نهب وسرقة" وسط الأحياء السكنية. وضع أثار المزيد من المخاوف بشأن مستقبل الأزمة، خاصة بعد اشتراط القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، إخراج قوات الدعم السريع من المناطق السكنية، لتطبيق أي وقف لإطلاق النار في السودان على "أسس صحيحة". الوضع الميداني ميدانيا، قالت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، إن الموقف العملياتي مستقر في جميع ولايات البلاد، عدا بعض الاشتباكات مع مجموعات من قوات الدعم السريع في بعض أجزاء العاصمة. واتّهم الجيش، قوات الدعم السريع بالاستمرار في أعمال "نهب البنوك والمحلات التجارية، وسرقة ممتلكات المواطنين في أماكن تمركزاتها وسط الأحياء السكنية بالعاصمة". وفيما قال إنّ القوات المسلحة ترصد تحركات لعناصر من الدعم السريع، طالب المواطنين بالابتعاد عن مناطق الاشتباكات وتجنب الاقتراب من أي أجسام معدنية غير معروفة لحين وصول الأطقم الفنية للتعامل معها. على الجانب الصحي والإنساني، أعربت وزارة الصحة ولاية الخرطوم، في بيان صادر عنها، عن أسفها لخروج مستشفى أحمد قاسم ببحري عن الخدمة، بسبب انقطاع تام للتيار الكهربائي وانقطاع للمياه منذ قيام "الحرب حتى الآن". ودقت وزارة الصحة ولاية الخرطوم ناقوس الخطر بعد خروج مستشفى أحمد قاسم من الخدمة، مطالبة بالتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. مفاوضات جدّة في الأثناء، لم تحرز مفاوضات وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين في السودان والمنعقدة في جدة "تقدّما كبيرا"، بحسب دبلوماسي سعودي. ما أشار إليه الدبلوماسي السعودي، تحدث عنه قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائلا إن المفاوضات الجارية في السعودية مع قوات الدعم السريع لن تجدي نفعا بدون وقف إطلاق النار. وفي محاولة إفريقية لإنقاذ مفاوضات جدة، دخل الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، رئيس جزر القمر غزالي عثماني، على خط الأزمة، باتصال هاتفي مع البرهان، بحثا خلاله مسار تلك المباحثات. فيما أكّد رئيس الاتحاد الإفريقي دعمه لمفاوضات جدة، تعهدًا بإرسال مبعوث خاص من الاتحاد الأفريقي للمشاركة فيها، إضافة إلى تعيين مبعوث خاص له إلى السودان. أكثر من 700 ألف نازح أدّى القتال العنيف الدائر في السودان منذ منتصف أفريل الماضي إلى نزوح 700 ألف شخص داخل السودان، بحسب ما اعلنت الأممالمتحدة أمس. وقال المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بول ديلون "هناك الآن أكثر من 700 ألف شخص نزحوا داخليا من القتال"، مؤكدا "الثلاثاء الماضي، وصل العدد إلى 340 ألف" نازح. وبحسب ديلون فإنّه حتى قبل بدء القتال، كان هناك قرابة 3,7 مليون شخص مسجلين كنازحين داخليا في السودان. وأضاف "العديد من النازحين يحتمون عند أقاربهم، بينما يتجمع آخرون في المدارس والمساجد والمباني العامة".