حمل اجتماع مجلس الوزراء الأخير، تعليمات وتوصيات لمواجهة حرائق الغابات والوقاية منها، تُشير إلى ضرورة عصرنة الوسائل والأدوات باستعمال أحدث التقنيات التكنولوجية، قصد مراقبة الغطاء الغابي وتفادي سيناريو حرائق أتت على الأخضر واليابس في السنوات الماضية. في تعليمات توّجت آخر اجتماع لمجلس الوزراء، شدّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على أن التمكن من مواجهة حرائق الغابات بنجاح، يقتضي نظام يقظة فعّال، يطلق الإنذار مع تحديد دقيق لنقاط التدخل، للسيطرة على النيران قبل توسع نطاقها. ووجّه الرئيس تعليمات بإطلاق مناقصة لشراء ستّ طائرات متوسطة الحجم، مختصة في إطفاء الحرائق، دعما لأسطول الطائرات والمروحيات التي تملكها الجزائر، إلى جانب توجيه الحكومة لاستعمال أحدث التكنولوجيات المصنعة محليا، خلال موسم الصيف لحراسة المساحات الغابية. وبشأن تعزيز حظيرة المعدات والوسائل، أمر رئيس الجمهورية بإطلاق مناقصة لفائدة المؤسسات الناشئة من أجل عصرنة وسائل وتجهيزات مراقبة الغطاء الغابي عن طريق طائرات مسيّرة، والتنسيق مع قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي لتسهيل هذه العمليات الحيوية والسيطرة على هذه الظاهرة. في هذا الجانب، يقول رئيس مكتب الوقاية ومكافحة الحرائق بالمديرية العامة للغابات، رشيد بن عبد الله، في تصريح ل»الشعب»، إن اجتماع مجلس الوزراء الأخير تضمن تعليمات وتوجيهات هامة، تندرج في إطار رفع مستويات مجابهة الحرائق وحماية الغطاء الغابي في الجزائر. وبخصوص اعتماد نظام اليقظة، يبرز بن عبد الله أن السيطرة على الحريق في أولى الدقائق يسمح بتفادي توسع رقعته، ويقتضي ذلك - بحسب المتحدث - « الاستثمار في المورد البشري والتكنولوجيات الجديدة والرقمنة، واستعمال نظام الخرائط، وتوزيع المعلومة في وقتها لتكون لدى مختلف الفاعلين». الرقمنة.. وعن نظام الإنذار، يقول بن عبد الله: «تعاملنا سابقا بهذه الآلية، لكن اليوم، هناك تنسيقا أكبر مع فاعلين كثر، مثل مصالح الدرك الوطني ووحدات الحماية المدنية، وهي مصالح لديها وسائل ومعدات متطورة، ما يسمح بتنسيق وتكثيف الجهود في مجابهة الحرائق وباستعمال تقنيات جديدة». وبالنظر إلى خصائص الغطاء الغابي في الجزائر (80 بالمائة في مناطق جبلية وتضاريس وعرة يصعب الوصول إليها في حال نشوب حريق وتوسع رقعتها) يوضح المتحدث أن توجيهات رئيس الجمهورية بإطلاق مناقصة لشراء 06 طائرات متوسطة الحجم، مختصة في إطفاء الحرائق، من شأنه تعزيز وسائل المجابهة وربح الوقت وتسهيل عمليات الإخماد. ويُشير المصدر إلى أن رقمنة وسائل وأساليب مراقبة الغابات يعني التوجه نحو سياسة مكافحة ناجعة «استعمال طائرات مسيّرة مثلا، في مسح الغابات يكون له دور كبير في عملية الحراسة والمراقبة والتدخل السريع»، وأضاف: «لا ننسى أن للجزائر أزيد من 4 ملايير هكتار مساحة غابية، أغلبها في مناطق وتضاريس صعبة، ولهذا، فإن تحديث الأساليب والأدوات يكون أكثر من ضروري، خاصة أن 70 بالمائة من الغطاء الغابي إبريات السريعة الالتهاب». في المقابل، يُلفت بن عبد الله إلى أن السلطات العمومية تولي أهمية بالغة للغطاء الغابي، بدليل تخصيص إمكانات كبيرة في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تكاثف للجهود في حماية الغابات، وهناك شركات عمومية مثل سونلغاز واتصالات الجزائر والشركة الوطنية للسكك الحديدية، استبقت في التنسيق مع المديرية العامة لمحافظة الغابات وطلبت تهيئة مناطق تملك فيها معدات داخل الغابة في إطار مخطط وقائي، وبالتالي كل المصالح مجندة». جاهزون.. وعن تحضير الحملة السنوية للوقاية ومكافحة حرائق الغابات، يوضح المتحدث أن التحضيرات انطلقت السنة الماضية بالتنسيق مع شركاء وفاعلين، حيث ضُبطت النقائص وحُددت نقاط الضعف، إلى جانب اللجنة الوطنية لحماية الغابات يترأسها وزيرا الفلاحة والداخلية، وممثلون عن 13 وزارة. وتعمل المديرية العامة لمحافظة الغابات، بالتنسيق مع مختلف اللجان الولائية والمحلية. وفي هذه النقطة، أضاف المتحدث: «جاهزون لمختلف السيناريوهات.. حظيرة الوسائل تدعمت ب80 مركبة رباعية الدفع، تساعدنا في عمليات التدخل، وبذلك وصلنا إلى 324 مركبة، بعدما كان لدينا نقصا كبيرا في السنوات الأخيرة في هذا الجانب، ومع ذلك نطمح في كل مرة إلى تعزيز المعدات والوسائل والموارد البشرية». وأعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إبراهيم مراد، لدى إشرافه رفقة وزير الفلاحة والتنمية الريفية، الأسبوع الماضي، تنصيب اللجنة الوطنية لحماية الغابات لسنة 2023، مع إجراءات استباقية وقائية لمواجهة حرائق الغابات وفق معايير ومقاييس دولية مضبوطة. ومن هذه التدابير، التحضير المبكر للحملة الوطنية للوقاية ومحاربة حرائق الغابات، من خلال شروع الولاة في إعداد وتفعيل المخطط الولائي للوقاية ومكافحة حرائق الغابات، وإنشاء أحواض مائية تستغل لإخماد الحرائق، إلى جانب تطوير طائرات مسيّرة جزائرية الصنع، من خلال المبادرة التي أطلقتها المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى، وتوظيف عمال موسميين لتعزيز اليقظة والتدخل الأولي بالتنسيق مع مصالح الغابات.