غياب الأدب الجزائري من الكتاب المدرسي يؤثر على معنويات المبدعين يرى الكاتب والروائي رابح خدوسي أنه بالرغم مما تتميز به الكتابة للطفل من متعة إلا أنها ليست متاحة للجميع، وفي نفس الوقت هي ضرورة أدبية ولكن تعيبها وسائل التشجيع، وتعرقل مسيرتها حسابات إدارية وتبعات الضرائب والرسوم، داعيا في السياق أصحاب القرار لاسيما المشتغلين في حقل التربية الوطنية، لإدراج أعمال الكُتَّاب الجزائريين في المناهج التربوية قصد تقريب المنتوج الفكري والإبداعي الوطني من جيل المستقبل.. أعرب الروائي رابح خدوسي خلال تصريح ل«الشعب" عن امتنانه على طرح موضوع أدب الطفل وعلاقته بالثقافة، لمدى أهميته وحساسيته، كما جاء على حد قوله "جريدة الشعب عودّتنا على طرح القضايا المهمة لاسيما المسائل المرتبطة بمستقبل الجزائر"، فيما أوضح أن تعريفه لأدب الطفل هو كل تعبير لغوي أو فني موجه للصغار، مظلوما كان أو منصورا، مكتوبا، ورقيا أو رقميا، مسموعا أو مرئيا، تتوفر فيه المعايير الفنية والجمالية، بحيث يشد انتباه الأطفال ويؤثر فيهم وفي وجدانهم، وكذلك يراعي المراحل العمرية للطفل، والخصائص الفنية لكل نوع من أنواعه. أزمة نصوص موجهة للطفل وأكد محدثنا أن الطفولة عالم سحري جميل يتفاعل مع كل بديع، وينهل ما يروق هذه الطفولة من رقة الكلام وعذب الأنغام، عبر روافد ثقافية تساهم في تنمية شخصية الأطفال الصغار وذوقهم الفني والجمالي وتثري معارفهم وقاموسهم اللغوي.. مشيرا إلى تنوّع روافد أدب الأطفال وتعدد أنواعه من حكاية وقصة وشعر ومسرحية وأغنية وطرائف وألغاز وأمثال.. إضافة إلى تعدد الوسائط والقنوات الحاملة لهذه الأنواع من كتب وأشرطة ومجلات ورقية أو رقمية سمعية وبصرية وألعاب وغيرها. واعتبر ذات المتحدث أن طرح إشكالية قلة المتخصصين في الكتابة للطفل، هو في حد ذاته سؤال مهم وجوهري، يصب في عمق الأزمة التي تعانيها النصوص الإبداعية الموجهة للطفل وعزوف الكُتَّاب والناشرين،عن الإصدارات للطفل، وقال "يبدو لي أنه هناك أسباب نفسية وأخرى موضوعية مرتبطة بالكاتب نفسه مثل الموهبة، غياب التشجيع، النظرة الدونية التي ينظرها المجتمع وحتى بعض من النخبة المثقفة إلى الكتابة للطفل، ويستهلها على أساس أنها تعتبر كتابة عادية، بينما هي كتابة راقية وتحتاج إلى مختصين، وبالتالي هي ليست سهلة كما يراها أولئك، ناهيك عن وجود أسباب موضوعية خاصة لدى الناشرين، من حيث قلة الوعي بأهمية القراءة والمطالعة كفعل حضاري للمجتمع وقلة المكتبات والمعارض، وأيضا غلاء تكاليف صناعة الكتاب، والرسوم المفروضة والضرائب بصفة عامة على كتاب الطفل". . وفي ذات الصدد، أشار المتحدث علاوة على ما سبق إلى غياب شبكة لتوزيع الكتاب والمكتبات، إضافة إلى غياب التحفيز مثل الجوائز الموجهة لكُتَّاب الطفل أو التكريمات، والاهتمام عموما بثقافة الطفل، لأن الطفل بصفة عامة علاوة على ما سبق بحسب المتحدث يعاني إهمالا، رغم أن القانون الجزائري يعاقب على إهمال الطفولة عند الأسرة، ولكن الطفولة بصفة عامة لم تحظ لحد الآن بالرعاية المثلى التي تليق بهذه المرحلة العمرية، والحديث نفسه إن كان متعلقا بالكتابة الموجهة لها، والرياضة إلى جانب نشاطات أخرى. أدب الأطفال.. متجدّد كشف خدوسي، بأن النهوض بكِتاب الطفل وثقافة الطفل بمعنى التجديد، يستدعي رسم خطة عمل متكاملة المعالم، وذلك وفق خريطة طريق لا تقبل أي خلل، وقال "يبدو لي أن هذا المجال حساس وخطير في نفس الوقت، لأن ثقافة الطفل هي موضوع استراتيجي نستطيع أن نقول أنه يدخل في الأمن الثقافي، ويستوجب ذلك ضرورة الشروع في خطة شاملة لمشروع ثقافة الطفل، تتضمن أسسه ومعالمه الكبرى، تحدد أهدافه وغاياته بإرادة سياسية واضحة وقوية، تسعى للاستثمار في بناء الإنسان هذا أولا، وثانيا إعطاء الطفولة ثقافتها وأدبها الأولوية في جميع المخططات والمشاريع التنموية وفي برامج الإعلام بأنواعه، وكذلك تأسيس مجلس أعلى لثقافة الطفل يتولى مسار التخطيط والمتابعة والتقويم"، وأضاف "كذلك إنشاء جائزة تقديرية سنوية في أدب الطفل، وتخصيص مجلات وقنوات إذاعية وتلفزية له، وتشجيع الناشرين على الانتاج الأدبي الوطني الموجه للطفل". ودعا الكاتب خدوسي في ختام عرضه، الأسرة والمدرسة وسائر السلك التربوي باعتماد منهجية ثقافية لفائدة الطفل، من أجل ضمان مشهد ثقافي صحي من شأنه أن يكون دعامة لرصد الإبداع وقناة لبلورة المواهب وصقلها، كما جاء على لسانه "كذلك على الأسرة أن تلعب دورها في إنشاء مكتبة في كل بيت للأطفال، وعلى المدرسة أن تقوم بدورها في التفتح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي، بحيث أنها تقتني كتاب الطفل وتشجع الكُتَّاب على الاحتكاك بالطلبة والتلاميذ وتعرّفهم على كُتَّاب الطفل في الجزائر والعالم العربي، كما أن على المدرسة أو وزارة التربية الوطنية أن تدرج نصوصا لأدباء جزائريين في الكتاب المدرسي"، مشيرا أن غياب الأدب الجزائري من النصوص المدرسية أثَّر كثيرا على معنويات الكُتَّاب، وجعلهم يعيشون غُربة واغترابا في وطنهم، وجعل الطفل الجزائري بعيدا عن كُتَّابه ومؤلفيه"، فيما تابع قوله "لي في موضوع ثقافة الطفل كتاب استحسنه الكثير، وهو مخطوط سيرى النور قريبا إن شاء الله، يتضمن مختلف الأجوبة والاقتراحات والتوصيات والتحليل وتشريح مفصل لواقع ثقافة الطفل في الجزائر، وربما يجيب عن الكثير من الأسئلة التي يبحث عنها المهتمون بعالم الطفل في الجزائر".