الفجر: يرى معظم الكتاب والمؤلفين أن الكتابة للطفل تعتبر أمرا صعبا ما رأيك؟ اسماعيل عبد الفتاح: طبعا الكتابة للأطفال صعبة جدا، ولكن بالقراءة والإبداع وبالمثابرة تكون الكتابة للأطفال سهلة، المهم أن نترجم للأطفال الأفكار التي نحس بها، ونحولها إلى مادة صالحة لتثقيفهم، فالكتابة للأطفال معادلة صعبة ونحن نقول دائما إن الكتابة للأطفال قليل من الإبداع كثير من الصنعة، والصنعة تعني مراعاة الاعتبارات والمعايير التربوية الاجتماعية واللغوية والعمرية للأطفال• كيف خضت هذه التجربة وتخصصت في الكتابة للطفل رغم صعوبتها؟ خضت التجربة بعد أن شجعني أحد كبار الكتاب وهو الأستاذ أحمد نجيب الحاصل على جائزة الملك فيصل في أدب الأطفال، وقد لاحظ أسلوبي في العمل الحكومي وفي تقديم الكتب والمذكرات، وراجعها ونصحني بالاتجاه للأطفال، فقمت بتحويل دراستي إلى التنشئة السياسية للطفل العربي، واستمتعت حين كتبت "يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحيكم كتبسيط أعمال كتاب الأدباء، ومن بعده عملت سلسلات واستمتعت بالكتابة للأطفال• ماذا تقصد بالتبسيط؟ التبسيط هو عملية إبداع تجمع بين مراعاة أسلوب الكاتب وخصائصه النفسية مع الاعتبارات التربوية للطفل، هو تلخيص واستمرار الكاتب في الأسلوب، وهو عمل مشوق للأطفال، فالجهد المبذول فيه أضعاف الأفكار الأخرى الإبداعية، فهو إبداع مؤسس على خبرة وأسلوب الآخرين لذلك عندما صدر لي سنة 1985 كتاب "يوميات نائب في الأرياف" أشاد به توفيق الحكيم وكذلك بقية كتاب السلسلة: نجيب محفوظ، طه حسين، عباس محمود العقاد، يحيى حقي، محمود فريد، يوسف السباعي وغيرهم، فقد بسطت أعمال نحو 35 أديبا وكاتبا وكلهم أشادوا بما قدمته، كما بسطت كتاب أنيس منصور: "200 يوم حول العالم" وأشاد به وطبع سبع مرات، وقال أنيس منصور إن الكتاب الذي بسطته أحسن من الكتاب الأصلي• صدرت لك العديد من الكتب الفكرية: تربوية وأدبية وسياسية•• ونجد في أعمالك كتابا مميزا "ذوي الاحتياجات الخاصة عن المعاقين والثقافة" ما الرسالة التي أردت أن توصلها للناس من خلال هذا الكتاب؟ هو عمل إبداعي متكامل أحدد فيه كل أصول فن التعامل مع المعاقين في عالمنا العربي بالاستفادة من الخبرات التاريخية والعلمية والدولية، وهو عن أدب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وصدر في القاهرة عن الدار الثقافية للنشر، ويؤكد أن الفئات المستهدفة من هذا الكتاب هم أساسا: فئة المعاقين بصريا، وفئة الصم والبكم وفئة المتخلفين عقليا بمحتلف درجات هذا التخلف، وهذه الفئة تحديدا هي هم هذا الكتاب لأنهم لا يستطيعون الاستفادة بمفردهم من وسائل، إنهم يحتاجون إلى مساعدة مركزة ووسائل مساعدة متطورة وأدب أطفال من نوع خاص وموجه إليهم حسب حاجاتهم الخاصة، لأن بقية المعاقين جسديا وبقية ذوي الاحتياجات الخاصة من النابغين والمتفوقين لا يحتاجون إلا إلى مساعدات بسيطة ليتواصلوا مع العلم والثقافة، فهذا الكتاب دليل شامل للأسرة والمجتمع في فن التعامل مع المعاقين وفن تقديم التنمية الفكرية والثقافية وأدب الأطفال لهم، فهو أدب موجه لفئة خاصة من هؤلاء الأطفال الذين هم في حاجة لرعاية خاصة• بالنسبة لتجربتك في مجال الكتابة للطفل، هل تأثر أبناؤك بذلك؟ نعم لقد تأثروا بذلك، فياسمين أكبر أبنائي تكتب للأطفال خيالا علميا لا أستطيع فعل ذلك، وهي تكتب من عشر سنوات ولها 13 كتابا، ونشرت لها كبرى دور النشر، وتخصصت في الآثار المصرية وآخر أعمالها "موسوعة الآثار المصرية" في 200 صفحة والتي ستصدر خلال أسبوع عن وزارة الإعلام، أما إيناس فهي تكتب أعمالا إبداعية متميزة وهي تعرف لغات من الثقافة العامة، ولها اهتمامات ثقافية، أما "هبة الله" فتخصصت في اللغة الإسبانية وتترجم أدب الأطفال من الإسبانية إلى العربية• ما رأيك في أدب الطفل العربي حاليا؟ أدب الطفل العربي قام من سبات عميق، ولكنه الآن يحاول الوقوف على قدميه أي أنه مازال يحبو، وفي الحقيقة فإن أدب الطفل يحتاج إلى مالا يقل عن عشرة آلاف كاتب جديد وألف ناشر جاد وعشرات الملايين من الجنيهات سنويا لكي يتواصل هذا الأدب العربي للطفل ويقف على قدميه، فهل نستطيع ذلك؟ أقول على ضوء تجربتي: لا نستطيع حتى أن نبدأ، الآن الناشرون والكتاب للطفل لا يزيدون عن عشرين فقط ولأنه ليست هناك مؤسسة واحدة تؤهل للكتابة للأطفال، ولأن الجهد الرسمي للسيدة سوزان مبارك يضيع في الهواء بالنسبة لأدب الأطفال، وهناك مثال آخر: لماذا لا نبدأ حملة في جميع كليات التربية والتربية النوعية بإعداد شهادة لأدب الأطفال حتى نخلق أجيالا متعمقة في فنون هذا الأدب المستقبلي، لأن أدب الأطفال أدب بناء العقول للمستقبل، لا بد أن تبدأ المسيرة من هنا وهناك استعدادات من جانب الطلبة ولكن التعليم العالي لم يستعد بعد! ما هي النصيحة التي يمكن أن تقدمها للناشئين من كتاب أدب الطفل؟ يجب أن يقرؤوا ويقرؤوا كثيرا وأن يفكروا، وهي أول شيء في كل ما حولهم ويجب أن يأخذوا الاعتبارات التربوية والاجتماعية واللغوية في حسبانهم لأنه بدونهما لا يوجد أدب الأطفال، ويجب أن يثابروا ويقوموا بإنتاج عمل جيد للأطفال من خلال إتقان الصنعة، فأدب الأطفال قليل من الإبداع وكثير من الصنعة (المهارة)، ويجب أن يتخصصوا في أدب واحد حتى يبدعوا أكثر، ويجب أن يتعاونوا فيما بعضهم البعض في تقديم إبداعات جيدة ومهاراة كبيرة وألا يستعجلوا النجاح لأنه آتٍ إذا تم العمل على أكمل وجه• ألا تعتقد أن رهان كتاب طفل مقدم في طبعة أنيقة، ذي مضمون جيد، هو رهان يجب أن تقوم برفعه به دور النشر العربية؟ التكاليف صعبة وهي كبيرة واسترجاعها من الناشر عملية شويلة الأمد، لكن نراهن على أن التكاليف والتعاون بين الجهات الحكومية مثل وزارة التربية والشباب والثقافة وبين الناشرين سيؤدي إلى تفعيل هذا الكتاب الجيد وهذه الطبعة الأنيقة والمضمون المتميز، لأن التعاون بين هذه الجهات والناشر يستحق زيادة في عدد المطبوع وبالتالي تقليل التكاليف، ووصول رسالة إعلامية إلى قارئها وهو الطفل وبالتالي لا بد من التعاون ولا نحمل الناشر وحده ما لا يطيق• هل تشارك في الطبعة القادمة للصالون الدولي للكتاب في الجزائر والذي ستجري فعاليته في شهر أكتوبر؟ طبعا تسعدني المشاركة وأن أرى التقدم الحاصل في هذا التجمع الكبير لثقافة الطفل العربي لأن الجزائر مقصد سعدت به كثيرا، وأسعد أكثر لو تمت دعوتي للمشاركة في الصالون القادم، وحقيقة فإني مندهش من هذا التقدم الكبير وهذه الروعة في الإعداد والفعاليات الثقافية داخل المكتبة الوطنية الجزائرية والتي يوجد على رأسها رجل مثقف قادر على تنمية الإبداع والثقافة، وما يحدث داخل المكتبة من فعاليات ثقافية يذكرني بالمجمع الثقافي بأبو ظبي فهو شعلة نشاط دائم وهذا الصالون شعلة حية في جسد الثقافة العربية الموجهة للطفل• ما آخر أعمالك التي ستصدر لك قريبا؟ سيصدر لي قريبا كتاب "الذكاء والتنمية عند أطفالنا"، "الموهبة وأدب الأطفال، المنظوم والمنشور"، وأيضا كتاب "كتاب الطفل تأليفه وصناعته وإخراجه"، و"اختبارات ومقاييس الإبداع والموهبة" وهي كتب ستصدر عن دور نشر مصرية كمركز الاسكندرية للكتاب• خضتم في مصر تجربة ورشات الأطفال حدثنا عنها؟ ورشات الأطفال تتعدد من حيث التخصص فهناك ورشة للقصة، للشعر والنقد الفني والرسم، فكل ورشة لها خصائصها، ويتعلم الأطفال والكبار فن الكتابة مع التطبيق العملي، فكل طفل نصحح له إبداعاته لينطلق إلى عالم الإبداع، لكن الناتج مازال ضعيفا جدا• هل الورشات تنظم طوال الوقت؟ نخصصها في مهرجان القراءة للجميع وفي أعياد الطفولة، ويوم الكاتب العربي• أشرفت منذ يومين في الصالون الدولي لكتاب الطفل والناشئة في الجزائر، على ورشة عمل مع مجموعة من الكتاب والمهتمين الجزائريين بالكتابة للطفل، ماذا يمكن أن تقول عن التجربة الجزائرية؟ أدب الطفل في الجزائر مشرف من حيث المستوى، ألاحظ أن هناك إبداعا حقيقيا وأن هناك مهتمين حقيقيين، واستعدادا متميزا للدخول إلى عالم الكتابة للطفل من حيث المؤلف، الرسام، والناشر، والجزائر لها خصوصيتها، فهي مليئة بالنماذج الجيدة من البطولة والفداء، وهي ساحة للإبداع الفني والأدبي، وأقول لهم نحن في حاجة ماسة إليكم لتقدموا التجربة الوطنية الجزائرية للعالم العربي خاصة وللأطفال عامة• الكاتب إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي له إسهامات كثيرة في مجال الفكر والأدب، وخصوصا أدب الأطفال• حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية بمرتبة الشرف الأولى عن التنشئة السياسية للطفل العربي وحاصل على الأساتذية في أدب الأطفال والإعلام التربوي، ويدرس بجامعة "بنها" منذ عام 2001 وحتى الآن• ألف نحو 70 كتابا ثقافيا وعلميا منشورا في مختلف المجالات السياسية والأدبية، خصوصا للطفل• له مؤلفات عديدة منها: "سلسلة دراسات استراتيجية" التي يصدرها مركز الإمارات للدارسات والبحوث الاستراتيجية، وموسوعة الطفل الحديثة التي أصدرها المجمع الثقافي بأبو ظبي، ومشكلات الطفولة، وأدب الطفل في العام المعاصر، وأدب الطفل وقضايا العصر•• ومفاهيم ومصطلحات عصر العولمة• كما أنه أعد العشرات من الدراسات ومئات المقالات التي نشرت في المجلات العربية، وله أيضا ما يزيد عن 400 كتاب للطفل العربي منشورة في مختلف الدول العربية، كما أن الدكتور إسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي وكيل لوزارة الإعلام بالهيئة العامة للاستعلماات المصرية كرئيس إدارة مركزية للتحرير والترجمة والنشر ومشرف عام على إصدارات الطفولة والشباب ورئيس تحرير مجلة "مجلتنا" للأطفال والشباب، وهو عضو باتحاد كتاب مصر، وعضو اللجنة العليا للمعارض الخارجية بالمجلس الأعلى للآثار، وحاصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم لعام 2006، والعديدمن الجوائز الأخرى من السعودية وقطر والإمارات ومصر•