تمر، اليوم، سنة كاملة عن وفاة عشرات المهاجرين الذين فروا إلى جيبي سبتة ومليلية، هربا من ظلم وقمع المخزن، وتطلعا لظروف عيش مزدهرة، لكن هراوات الشرطة المغربية ونظيرتها الإسبانية انهالت على آمالهم لترديهم قتلى، دون أن ينصف القضاء الضحايا وأهاليهم الذين يعيشون ذكرى المأساة. انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عدم إنصاف ضحايا الأحداث المأساوية التي وقعت قبل عام على السياج الحدودي الفاصل بين مدينة الناظور المغربية وجيب مليلية الإسباني، مطالبة المغرب وإسبانيا بإجراء تحقيق مستقل ونزيه وشامل من أجل تقديم المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى العدالة وضمان عدم تكرارها. تحقيقات مضلّلة وقالت المنظمة التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، إنّه "لم يجر تحقيق ذو مصداقية أو إنصاف لضحايا العنف المروّع ووفيات طالبي اللجوء والمهاجرين على الحدود بين المغرب وجيب مليلية الإسباني قبل عام". وأضافت أنه ينبغي على إسبانيا والمغرب الموافقة على إجراء تحقيق مستقل ونزيه وشامل في تلك الأحداث لتقديم المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى العدالة وضمان عدم تكرارها، مشيرة إلى أنّ الانتهاكات تشمل "استخدام القوة المفرطة والطرد الجماعي والتصدي العنيف". وقالت باحثة أوروبا وآسيا الوسطى في "هيومن رايتس ووتش"، أليس أوتن: "برأ كل من إسبانيا والمغرب قواتهما الأمنية بعد تحقيقات معيبة أو غير كافية في العنف المرتكب على حدود جيب مليلية. ما حدث لعشرات الأشخاص الذين حاولوا العبور في ذلك اليوم لا يزال مجهولا". وقالت أليس أوتن : "لم يعد بإمكان إسبانيا والمغرب والاتحاد الأوروبي تجاهل المعاناة التي تسببها سياسات الهجرة المؤذية. يتعين على إسبانيا أن تأخذ زمام المبادرة في دعم نهج يحترم الحقوق ويتضمن مسارات آمنة وقانونية، والمساءلة عن انتهاكات الحدود، ويشترط بقوة احترام حقوق الإنسان للتعاون مع البلدان الأخرى". وكانت وسائل الإعلام ومنظمات غير حكومية قد وثقت استخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة وحرس الحدود الإسبان والمغاربة، بما في ذلك إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والرشق بالحجارة، حيث ترك مئات الجرحى لساعات دون مساعدة طبية على جانبي السياج. وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّها راسلت الحكومة المغربية، في 15 جوان، للاستفسار عن المساعي (إن وجدت) لضمان تحقيق مستقل وفعال في الأحداث، والمساءلة عن الانتهاكات، وفهم نوع الدعم الذي قدمته للعائلات التي تبحث عن أقاربها، لكنها لم تتلق أيّ رد. وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات على جانبي الحدود، التعاون لمساعدة العائلات في العثور على أقاربها المفقودين وتزويدها بالمعلومات حول مستجدات التحقيق دون تأخير. ودعت السلطات المغربية إلى العمل بجد لجمع وتحليل عينات الحمض النووي من الأقارب، وتحديد هوية الموتى، وإبلاغ العائلات، وتنظيم نقل رفات الموتى إلى ذويهم لدفنهم وفقا لرغباتهم. وفي هذا السياق، قال الأشخاص الذين يبحثون عن أقاربهم للمنظمة أنّ عدم الحصول على معلومات رسمية له أثر مدمر على العائلات. وطالبت المنظمة من السلطات المغربية تسهيل دخول الأشخاص الذين يبحثون عن أقاربهم إلى البلاد، حيث قال ثلاثة رجال يعيشون في السودان وأوروبا إنّهم واجهوا إجراءات إدارية مطولة ومعقدة لطلب التأشيرات. وفي حالتين، رفضت السفارة المغربية في السودان الطلب ببساطة. وكانت خمس منظمات غير حكومية إسبانية قدمت، مؤخرا، دعوى قضائية جديدة للقضاء الإسباني، للمطالبة بفتح تحقيق جديد في الأحداث المأساوية التي وقعت على السياج الحدودي الفاصل بين مدينة الناظور المغربية وجيب مليلية الإسباني والتي راح ضحيتها 37 مهاجرا إفريقيا على الأقل يوم 24 جوان 2022. للتذكير، قتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا إفريقيا يوم 24 جوان، إثر استعمال الشرطة وحرس الحدود الإسبان والمغاربة القوة المفرطة عند محاولة حوالي 2000 مهاجر اجتياز السياج الحدودي بين مدينة الناظور المغربية وجيب مليلية الإسباني. وقد أثارت هذه المأساة موجة كبيرة من التنديدات على الصعيد الدولي وسط دعوات إلى إجراء تحقيق "فوري" و«مستقل" في هذه المجزرة الشنيعة.