إنشاء بيئة أعمال حديثة متكيّفة مع المتغيّرات الاقتصادية تحديد القطاعات ذات الأولوية لتطوير التواجد بالسوق القارية أكد رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوشناق خلادي سيدي محمد، أن التصديق على الاتفاقية المتعلقة بانضمام الجزائر إلى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في ماي 2021 يمثل خطوة حاسمة بالنسبة للبلاد، كونه يفتح فرصا جديدة للاقتصاد ويعزز التجارة بين البلدان الإفريقية في إطار تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب. أوضح بوشناق خلال ملتقى حول «التوجهات الإستراتيجية وآفاق تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية» نظم بفندق الماريكير، أن التكامل الإقليمي في إفريقيا يندرج في إطار تنفيذ الالتزام ال 24 لرئيس الجمهورية الذي يهدف إلى وضع سياسة تجارية متماسكة ومضبوطة للانفتاح على الاقتصاد العالمي، من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ما يجعل منه فرصة ثمينة للتفكير في التحديات والفرص التي تمثلها هذه الاتفاقية لبلدنا. وحسب رئيس «الكناس» تعدّ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية اتفاقية تجارية من الجيل الجديد، كونها لا تتجاوز خفض التعريفات الجمركية فقط، بل تتعداه لتشمل أيضا جوانب أخرى مثل المنافسة وتجارة الخدمات والاستثمار وحقوق الملكية الفكرية والتجارة الإلكترونية، ما يعكس طموح إفريقيا في خلق بيئة أعمال حديثة تواكب الواقع الاقتصادي الراهن. وأكد المتحدث على التزام السلطات العامة بتشجيع القطاع الخاص في منهجه للابتكار وخلق فرص عمل مستدامة، سيما وأن الدولة خصصت أموالا هامة لقطاعات استراتيجية من أجل تعزيز القدرة التنافسية للشركات الوطنية ودعمها في اندماجها في اقتصاد السوق. في هذا السياق، قال بوشناق: « إن التصدير أصبح أمرا ضروريا لتدعيم نسيجنا الصناعي، إذ يعتبر إتقان تقنيات الإنتاج ميزة تنافسية رئيسية لغزو السوق الإفريقية بشكل فعال، ما يفرض التفكير بعمق في الآفاق الاجتماعية والاقتصادية للجزائر في إطار تنفيذ هذه الاتفاقية، من أجل فهم أفضل لأدواتها وتأثيرها على تجارتنا الخارجية.» وعليه فتحديد المحاور الإستراتيجية الرئيسية للجزائر في سياق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، يفرض تقييم التهديدات والفرص وعوامل النجاح الرئيسية والمزايا النسبية التي تتمتع بها الجزائر، وتحديد الإجراءات التي يجب اتخاذها على المدى القصير والمتوسط ، مع مراعاة نقاط القوة والضعف في الاقتصاد الوطني. ويرى المتحدث أن تقييم إمكانات تصدير المنتجات الجزائرية إلى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية مهم جدا لفهم الفرص المتاحة أمامنا وتحديد القطاعات ذات الأولوية لتطوير وجودنا في هذه السوق الإفريقية المزدهرة، ناهيك عن استكشاف الإجراءات والتدابير الممكنة لتلبية متطلبات الجودة للسوق الإفريقي. وفي المقابل بات من الضروري ضمان القدرة التنافسية للمنتجات والخدمات الوطنية من خلال مراعاة المعايير والتوقعات المحددة لهذه المنطقة، والاستفادة الكاملة من أدوات السوق الإفريقية المنصوص عليها في الاتفاقية لتحسين الدفاع التجاري، إلى جانب تحليل هذه الأدوات بالتفصيل وتحديد أفضل طريقة لاستخدامها من أجل تعزيز ميزاتنا التنافسية في السوق الإفريقية. من جهة أخرى تحدث بوشناق عن أهمية التخطيط والاقتراح لنهج واضح لتكامل سلاسل القيمة الإقليمية، بناء على الإمكانات الصناعية الوطنية ومساهمتها في التجارة الخارجية، فمن الضروري - حسبه - تحديد فرص التعاون والتعاون الإقليمي التي من شأنها تحفيز اقتصادنا والرفع من قدرته التنافسية في الأسواق الدولية. وأشار رئيس «الكناس» أن هذا الملتقى هو جزء من الأفكار التي قام بها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي منذ بداية العام لتحديد المبادئ التوجيهية التي يجب اتباعها واقتراح خطة عمل لتنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، بهدف توسيع نطاق التشاور مع الخبراء وجميع أصحاب المصلحة، سيما المؤسسات الوطنية وأصحاب العمل، المنظمات المهنية، النقابات، المتعاملين الاقتصاديين. من جهته أكد الوزير الأسبق والخبير سعيد جلاب، أن تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية التي تضم 55 دولة، يهدف إلى عكس المقاربة الجارية التي تقوم على تصدير المواد الأولية للخارج ومستوردة للمواد المصنّعة، من خلال النهوض بالتصنيع والتحويل الصناعي داخل القارة الافريقية. وأشار جلاب أن الجزائر لها دور كبير في هذه المنطقة لاسيما في تطوير التجارة البينية وتكوين سلسلة القيم الصناعية، انطلاقا من إمكانياتها والتي سيتم تعزيزها بخلق مناطق لوجيستية ومناطق صناعية على الحدود، لضمان الفعالية لجلب وتطوير التجارة البينية التي لا تتعدى حاليا 11 بالمائة، لاسيما مع غرب إفريقيا، وتطوير الاستثمارات وضمان استدامتها والرفع بحجم المبادلات التجارية على الأقل إلى 15 بالمائة بما يعادل 20 مليار دولار. بدوره اعتبر رئيس مجلس الأعمال الجزائري الموريتاني يوسف غازي، أن تنفيذ اتفاقية «زليكاف» مهم جدا في رفع المبادلات التجارية التي ما تزال ضعيفة جدا، والبداية ستكون بتحول المستثمرين إلى استيراد المواد الأولية من الدول الإفريقية، مشيرا إلى أن الطموح هو تطوير التبادل التجاري الجزائري - إفريقي إلى 50 بالمائة وذلك لا يكون إلا بتحديد الإستراتيجية وتسطير الأهداف المراد تحقيقها.