تأتي القمة الإفريقية - الروسية في دورتها الثانية بعد أربع سنوات من القمة الأولى التي كللت بتوقيع 100 اتفاقية، في ظروف دولية وجيو-سياسية خاصة، وتحولات اقتصادية كبرى، مع بروز أهمية التكتلات الاقتصادية والسياسية الجديدة، مثل "بريكس" و«شنغهاي" كمنظمات دولية واعدة يمكن أن تساهم في إعادة تأهيل بنية العلاقات الدولية والاقتصادية، بحيث تعد إفريقيا، بتعدادها السكاني المعتبر البالغ 1.4 مليار إنسان، وبحجم تبادل تجاري بلغ 3.400 مليار دولار أمريكي، قارة واعدة، فضلا عن غناها بالطاقة والمعادن ومختلف المواد الأولية الإستراتيجية، منها اليورانيوم والأتربة النادرة، وهو ما يجعل التنافس الدولي محتدما على تعزيز العلاقات الاستراتيجية معها. تكتسي الجزائر أهمية كبرى في العلاقات العالمية والإفريقية، كونها البوابة الشمالية لإفريقيا، ومركزها الجامع، حيث تصل حدودها المباشرة جميع هاته الدول لمحورها، فضلا عن بعدها المتوسطي المشرف والمطل على جنوب أوروبا، وإطلالة جنوبها الواسع والكبير على أهم دول الساحل (النيجر - مالي وموريتانيا)، مما يجعلها بوابة لمنطقة الساحل الغنية باليورانيوم والمعادن والطاقة وغيرها. وتأتي الأهمية الإستراتيجية للجزائر كونها تعد أكبر دول القارة ب8 بالمائة من أصل 30 مليون كلم من مساحة القارة، وقدراتها الاقتصادية والأمنية الكبرى واستقرارها السياسي، فضلا عن علاقاتها السياسية والاقتصادية المميزة جدا مع روسيا، خاصة بعد زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، شهر جوان الفارط إلى موسكو، وما تلا الزيارة من اتفاقيات نوعية لتعزيز التعاون الاستراتيجي الشامل مع الجزائر. وحول القمة الروسية - الإفريقية، قال الخبير الاقتصادي جلول سلامة، إنه كقراءة على السريع لأهداف قمة روسيا-إفريقيا 2023 التي تأتي بعد قمة 2019، وسمحت بتوقيع المؤسسات الإفريقية والروسية على 92 عقدا ومذكرة تفاهم وشراكة غطت قطاعات اقتصادية وخدماتية مختلفة بقيمة مالية إجمالية فاقت تريليون روبل آنذاك، ويصل التبادل التجاري العيني إلى ما يقارب 20 مليار دولار في أواخر سنة 2023، بنسب متزايدة ومتسارعة خاصة في السداسي الأخير بأكثر من 30 % وفق "روسكونغرس" الهيئة المنظمة للقمة والمنتدى الاقتصادي "روسيا – إفريقيا". بالمقابل، أفاد المتحدث بأن أهداف القمة تتمثل في تحقيق شعار المنتدى الاقتصادي والإنساني "التكنولوجيا والأمن من أجل تنمية سيادية مفيدة للشعب"، بحيث يرتكز على أربعة محاور كبرى تخص الاقتصاد العالمي الجديد، والأمن والتنمية السيادية المدمجة، وكذا التعاون في العلوم والتكنولوجيا، علاوة على العمل المشترك في المجالين الإنساني والاجتماعي.