افتتح عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة نيابة عن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وتحت إشراف وزير الشؤون الدينية و الأوقاف غلام الله بو عبد الله، أمس، فعاليات الأسبوع الوطني ال 14 للقرآن الكريم بحضور وزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وغرفتي البرلمان. قال رئيس الجمهورية في رسالة ألقاها بن صالح نيابة عنه بدار الإمام أن موضوع الأسبوع الوطني ال 14 للقرآن الكريم الذي جاء تحت عنوان: «القرآن الكريم دعوة إلى الإبداع والاجتهاد» يحثنا على الأخذ بالتجديد في كل المجالات سواء في البحوث أو الدراسات، لان من شأنه أن يبصرنا أكثر بما ينبغي تحقيقه للمجتمع. واعتبر السيد بوتفليقة التجديد بمثابة اللبنة الأساسية لتأكيد جديد لحقيقة مسلم بها وهي حث القرآن الكريم على الاجتهاد وهي المسألة التي حظيت باهتمام كبير لدى معاشر العلماء على مر الأجيال والعصور والتي لازالت تثمر بحوثا ودراسات، مشيرا إلى أن اليوم هناك العديد من المجالات التي ينبغي فيها التجديد، والتي تستوجب الانطلاق من الواقع ومتطلباته وتناقضاته. وأضاف الرئيس أن مسألة التجديد تحتاج إلى وعي وتبصر لإدراك سلم الأولويات، خاصة وأن منطق الألفية الثالثة يفرض علينا الكثير من الضغوطات بما فيها العولمة، وعليه يجب تعزيز أسس الانتماء وإحكام الصلة بالتراث والحضارة الإسلامية وتعزيز مبدأين أولهما داخلي يتعلق بإصلاح الذات والخارجي يتضمن الأخذ بالأسباب وفقا للمستجدات. وأكد رئيس الجمهورية أن التجديد من المصطلحات الأكثر شيوعا في الفكر الإسلامي المعاصر بعد أن وجد المسلمون أنفسهم منبهرين أمام التطور العلمي والتكنولوجي، وهو ما يستدعي - حسبه- أن يكون التجديد والإبداع في كل العلوم والمعارف التي بدونها لا يمكن الانعتاق من الهيمنة الغربية وذلك في اجتهادات فكرية عن طريق أسلمة المعرفة. واعتبر السيد بوتفليقة التجديد حركة طبيعية ومبلغ تبلغه الأمم حسب فلسفتها ونظرتها للحياة، بحيث يجب أن ننظر له من خلال النسق العام للقرآن الكريم والسنن الماضية، لان القران الكريم يصنع المجتمع باعتبار أن الله فضل الإنسان عن باقي خلقه وحباه بنعمة العقل بعد الهداية وسخر له ما في السموات والأرض، ومن ثم فالتجديد لا يتم إلا بالعقل المستنير لتجاوز التعطيل. وأوضح السيد عبد العزيز بوتفليقة في هذا السياق، أنه ليس هناك أخطر من ربط واقع الناس ومشكلاتهم بحصيلة اجتهاد الاسلاف وأنماط معيشتهم وسلوكاتهم ومن ثم لا بد أن تكون عملية التجديد مستمرة وتنصب على المتغيرات والتطورات في كل المجالات بدء بالاجتهاد الفقهي إلى العلوم الإنسانية، التعليم والتربية، الإفتاء والخطاب الديني خاصة المسجدي والتعامل مع خصائص التعاليم الإسلامية. وشدد الرئيس في رسالته قائلا : «أنه وإيمانا منا بضرورة التجديد بتشاركنا فيه مع غيرنا لكن بما يميز نظرتنا أن يكون وفقا لمرجعيتنا الدينية والثقافية بالاستلهام من أسلافنا الذين أدركوا طبيعة العقل وحددوا مجال تحكيمه ما صنع مبدأ نسبية المعرفة، وهو السبيل الذي يحقق التكامل والتفتح ويحارب التعصب. وأشار رئيس الدولة أن التجديد لا بد أن يشمل التوجيه الديني باعتباره الرصيد الواعد في ظل تضخم فقه العبادات وتقهقر فقه المعاملات أمام نقص الأخلاق، بالإضافة إلى التجديد في مناهج الدعوة والتركيز على تهذيب السلوك الفردي والجماعي، وتهذيب قراءتنا لتراثنا الإسلامي والروحي وتجديده وتحديثه لمواجهة الأفكار الوافدة. وخلص السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى أن الحلول الجاهزة ليست مستعصية لان الإبداع والابتكار كفيل بإيجاد الحلول بالفهم الدقيق والعميق لمقاصد الشريعة الإسلامية وكذا للمتغيرات من خلال إدراك مركبات المشكل للتخلص من المواقف الطارئة وإيجاد حلول للأزمات وفقا لفقه الأولويات الذي سبقنا إليها الرسول عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية.