أيلول، ذاك لم يعد مجرد شهر إعتيادي في أجندة السجن الراكدة إذ هو شهر "النفق" وإنعتاق الجسد وتوحده في مداعبة باطن الأرض التي ولدته من جديد. ستة أجسادٍ كانت أسيرة وغدت حرةً وحرة وحرة رغم سياسات التنكيل والعزل والإحتجاز الداكن في أقبية العزل الإنفرادي. فأيلول هو الزمن المنتزع من هول الزمن الصهيوني الطامح دومًا نحو التراصف والتجانس والتزامن والتقدم على أنقاض وركام زمن الساعين نحو أقدار حريتهم المشتهاة، أولئك الأحرار الستة كانوا ستة والآن باتوا نحن الستة.. نحن الأسرى في سجون نظام الأبارتهايد الكولونيالي أصبحنا ستة أحرار، كلنا زكريا الزبيدي ومحمود عارضة ويعقوب قادري ومناضل انفيعات وأيهم كممجي.. وكلنا من النفق برفقتهم لنعلن إثر عذابات النفق والتباساته ومعاناته. حالة الطوارئ في وجه ما يحاصرنا من خيبات ومصادرات وتخبطات وإنقسامات ومنظومة أمنية متأصلة الفاشية والعنصرية، إنبعثنا من النفق لنعلن عن صرخة تمردنا الموحدة في وجه الطمس والانكسار الزمني والتاريخي بحقنا لنقتحم زمن الانقسام الداخلي الفلسطيني وأزمة مشروعنا الوطني وزمن الكولونيالية الصهيونية، نقتحم الأزمان جميعًا في لحظةٍ انتزعنا فيها حريتنا من داخل النفق لنعلن عن حالة الطوارئ التي شكلت لنا بكلمات المفكر والتر بنجامين فرصةً ثورية للكفاح من أجل الماضي المضطهد وها نحن المضطهدين لم نعد مضطهدين، اذ انعتقنا من لحظة الأسر لنأسر لحظته، مشيدين عليها جسمنا الوطني الموحد المتمثل بلجنة الطوارئ العليا الوطنية العليا للحركة الأسيرة لنتصدى بوحدتنا الحرة للهجمة الشرسة التي شنّتها علينا منظومة القمع الصهيونية في سعيها الاستعماري نحو معاقبتنا على جرئتنا وإشتهائنا المفرط للحرية وولادتنا نحن الستة مرة أخرى من رحم أرضنا الأبية.. حيث صار زكريا الزبيدي ممثلًا لحركة "فتح" في قيادة لجنة الطوارئ ومحمود عارضة ممثل الجهاد الإسلامي ويعقوب قادري ممثل حركة "حماس" ومحمد عارضة ممثل الجبهة الشعبية وأيهم كممجي ممثل الجبهة الديمقراطية ومناضل انفيعات ممثل حزب الشعب. نعم هم من يمثلون الأسرى الآن ويقودون لجنة الطوارئ من أعماق عزلهم الانفرادي، وهم وحدهم من أحيوا فينا تلك الفكرة، تلك الشهية والشقية والشاهقة تلك الحرية التي لم تعد مجرد فكرة بل حالة متمردة على الاحتجاز والاحباط والتهميش والاضطهاد، إذ صرخنا فيها وصرخت بنا في أقبية وزنازين الاستعمار، وبهذا لم يعد الزمن متجانسًا بل صارخًا بأيلول "أيلول حريتنا".