على الرغم من توفر أطنان المساعدات لسكان إقليم الحوز في المغرب، الذي شكل بؤرة الزلزال المدمر الذي هز البلاد فجر السبت الماضي، إلا أن تلك المعونات لم تصل بعد إلى العديد من القرى المنكوبة. فقد أكد المتحدث باسم الهلال الأحمر المغربي أن هناك صعوبة في إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة بسبب وعورة الطرق. لم يستفق بعد سكان إقليم الحوز الجبلي، من هول الدمار الذي ضرب قراهم جراء الزلزال، فالعديد من سكان القرى المعزولة في أعلى جبال الأطلس، أضحوا مشردين يقضون لياليهم في خيم وصلتهم من قبل الحكومة خلال الأيام الماضية. إلا أن الكثيرين اشتكوا من نوعيتها، لاسيما أنها غير مقاومة للمطر، ما شكل مصدر قلق بالغ في منطقة جبلية تكثر فيها الأمطار والثلوج. وقالت نعيمة وازو (60 عاما) من بلدة تلات نيعقوب الصغيرة التي تعرضت لضرر بالغ، بعد أن فقدت ثمانية من أقاربها بسبب الزلزال "سيأتي الشتاء قريبا وسيكون الوضع صعبا للغاية على الناس". وأضافت "أن الحياة كانت صعبة هنا حتى عندما كان الناس يعيشون في منازلهم". كما أكدت أن تلك الخيام لن تحل المشكلة حين تبدأ الثلوج بالتساقط. بدورها، تفقدت الطالبة إيمان سعيد (19 عاما) أنقاض منزلها بعد العودة من مدينة فاس التي تدرس بها. وقالت إنها فقدت عشرة أفراد من عائلتها بينهم شقيقها. كما أضافت "كل ذكرياتي هنا. عائلتي وأصدقائي وجيراني. مات الجميع وفقدوا منازلهم في هذه المنطقة". ناجون ينتظرون المساعدة هذا، وفي حين ظهرت مخيمات منظمة في البلدات الكبيرة بخيام مقدمة من الحكومة ومستشفيات عسكرية ميدانية، لا يزال سكان المناطق الوعرة يعتمدون على التبرعات والهبات التي يتركها المتطوعون على جوانب الطرق. وشاهد مراسلون، أثناء تنقلهم عبر طريق ناء يربط بين قرى أمازيغية، ناجين يخيمون في العراء تحت أغطية بلاستيكية خشية أن تتسبب هزات تابعة للزلزال في تدمير منازلهم المتصدعة. وقال أحد سكان قرية أزرمون النائية يبلغ من العمر 20 عاما "نحن الأمازيغ نشعر بأننا أجانب وغرباء في بلدنا. نشعر بالعزلة. الناس هنا يحتاجون للمساعدة. يشعرون أنهم بمفردهم بلا معين". وردد الشاب بذلك مظالم يرى الأمازيغ أنها قائمة منذ فترة طويلة تتعلق بتهميشهم. بعيدون عن أعين السلطات على قمة تل في قرية أزرمون، تقاسم رجال إمدادات الغذاء والماء ووضعوها على الحمير والبغال لنقلها إلى أوفور التي تبعد نحو 15 كيلومترا في قافلة بطيئة الحركة من الناس والدواب. وقال محمد زيدان (55 عاما) من أوفور "الناس يعانون في هذا الزلزال. ليس لديهم أي شيء. نحن نعيش على الهواء وكفى. نحتاج إلى خيام وبطانيات". وبعد أن أصبحت القافلة جاهزة، ركب زيدان دابة في بداية رحلة العودة الطويلة إلى قريته. ولن تنظم قافلة تالية قبل يومين أو ثلاثة أيام. وفي واد أسفل منحدر شديد التدرج من قرية أنزلفي التي تعرضت لأضرار جسيمة، أقام السكان مخيما مستخدمين بعض الخيام بالإضافة إلى بطانيات وأبسطة وغيرها من المتاع الذي استطاعوا حمله. وقال محمد أوفقير (30 عاما) "ما زلنا ننتظر مساعدة الحكومة لنا. نحن هنا لأننا بلا مأوى". وأضاف "نحن في خطر لأنه إذا هطلت الأمطار قد يفيض الوادي". وقال إن الجو كان شديد البرودة ليلا. وإلى جانب البيوت المهدمة والخيم التي حلت مكانها، يتوقّع أن تشكّل مسألة الوصول إلى المياه النظيفة واحدة من التحديات خلال الأشهر المقبلة من إعادة الإعمار. فبحسب المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في جهة مراكش- أسفي، فإنّ "شبكة توزيع المياه قد تضررت في ثلاث بلديات هي أمزميز ومولاي إبراهيم وتلات نيعقوب، من إقليم الحوز الذي شكل بؤرة الزلزال المدمر. وقال القصر الملكي في بيان يوم الخميس إن 50 ألف منزل تم التأكد حتى الآن من أنها تضررت من الزلزال وإنه سيتم تقديم مأوى و30 ألف درهم لكل أسرة متضررة. كما تعهد البيان بتقديم مساعدة لإعادة الإعمار بقيمة 140 ألف درهم للمنازل المنهارة و80 ألفا للمتصدعة والمتضررة. وتبعد مدينة مراكش نحو 72 كيلومترا عن مركز الزلزال، وتعرضت لبعض الأضرار. وأودى الزلزال، الذي بلغت قوته 7 درجة وضرب جبال الأطلس الكبير قبل أسبوع، بحياة ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص. كما أوقع 5674 مصابا وفقا لأحدث الأرقام الرسمية، ما جعله أسوأ زلزال من حيث عدد القتلى في المغرب منذ عام 1960 والأقوى منذ عام 1900 على الأقل.