بينما تواصل فرق الانقاذ استعمال الدواب (حمير) من أجل إيصال الخيام والمساعدات إلى متضرري الزلزال في قرى ومداشر المغرب مع موجة البرد التي بدأت تحاصر المنطقة، تتعالى الأصوات من أكثر من جهة للمطالبة بالتعاطي الجاد وغير الظرفي مع آثار الكارثة الطبيعية التي ضربت المملكة الأسبوع الماضي. أكّد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد أن التعاطي مع ما أسفر عنه الزلزال لا ينبغي أن يكون فقط ظرفيا. وقال الحزب في بيان له، إن إنجاز المهام المطلوبة يستلزم النفس الطويل مع وضع استراتيجية محكمة، وتحديد الأولويات لتوفير كافة الحاجيات والمتطلبات التي يمكن أن تساعد على مواجهة الأوضاع القادمة، وعلى رأسها إنقاذ اليتامى من الضياع والإسراع بإعادة التمدرس. كما دعا الحزب إلى الحفاظ على التراث المعماري لمدينة مراكش والدواوير المنتشرة في مختلف الأقاليم والمناطق المتضررة من الزلزال، وإعادة الإعمار عبر إشراك مهندسي المملكة لكي يضعوا تصاميم عصرية للدواوير. وشدّد على ضرورة الحفاظ على جمالية المساكن العتيقة والعمل على تحصينها وتحديث بنائها مع توفير الخدمات العمومية والبنيات التحتية وشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير، ومختلف المصالح والمرافق الأساسية وفكّ العزلة على المناطق النائية. وأكّد الحزب على ضرورة وضع مخطط متكامل للنهوض بالعالم القروي والجبلي وبكلّ الجهات والمناطق المهمشة من المغرب، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمناطقية مع تأمين التعليم والصحة والسكن اللائق ومتطلبات العيش الكريم. ويبدو أنّ بيان الحزب الاشتراكي الموحّد وضع أصبعه على الجرح، من خلال إشارته إلى التهميش الذي يعانيه قسم كبير من الشعب المغربي الذي أزال الزلزال الستار عن واقعه المعيشي المأساوي، وأظهر حجم الغبن الذي تغرق فيه قرى ومداشر جبال الأطلس. أذرع الفساد تترقّب أموال المنكوبين وبما أنّ الفساد أصبح ظاهرة متفشية في كلّ مفاصل المملكة المغربية، فقد توالت التخوفات من أن تطال يد الفساد الأموال الموجهة للمنكوبين، خاصة المساهمات المقدمة للصندوق رقم 126 الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال العديد من الأصوات ذكّرت بما جرى للمساهمات التي تم جمعها لإعادة إعمار مدينة الحسيمة في أعقاب زلزال 2004، آملة في ألا يتم تكرار التساؤلات بعد سنوات حول مآل الأموال المرصودة لمنكوبي زلزال الحوز. في السياق، حذّر محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام من حصول تلاعبات وفساد في إحصاء المنكوبين ومنازلهم المتضررة، حيث إن التجارب توضح كيف أن أياد ولوبي يشتغل ليل نهار ويوظف مواقع القرار والسلطة من أجل صنع خرائط لمواقع الزلزال وتزييف وتزوير لوائح المتضررين، والنفخ في حجم الضرر وعدد المنازل موضوع التعويض. ونبّه الغلوسي في تدوينة له من ظهور أسماء لأشخاص لا علاقة لهم بالمناطق التي ضربها الزلزال، ولم يحصل لهم أي ضرر، ورغم ذلك يحصلون على التعويض، في حين يتم إقصاء المستحقين لهذا التعويض. وأضاف أن هناك من يتربص بالصفقات التي ستكون موضوع هذا البرنامج (إعادة الإعمار والإيواء، إنجاز طرق وبنيات ومرافق…)، وسيجد حينها اللصوص وتجار الأزمات أكثر من حيلة وطريقة لتحريف مسار هذا البرنامج عن أهدافه والإنقضاض على أمواله الضخمة. وقال الغلوسي إن المطلوب قبل فوات الآوان هو تعزيز الشفافية مع يقظة كل الآليات المؤسساتية المعنية من أجل التصدي لأي إنحراف أوفساد محتمل في هذا المسار الإنساني الوطني، ومواجهة العابثين والمفسدين بكل حزم وصرامة، وتقديم كل المتورطين المحتملين إلى القضاء بلاهوادة. وشدّد على ضرورة ألا تترك الأمور في يد لصوص المال العام، والتباكي بعد حصول النهب والسرقة. وأكّد المتحدث أن الجمعية المغربية لحماية المال العام ستتابع أطوار ومسار هذا البرنامج، وستفضح أي فساد أو تلاعب محتمل يتعلق بهذا البرنامج الموجه للمناطق المتضررة وسكانها، مع تقديم الشكايات إذا اقتضى الأمر ذلك إلى الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها القضاء لمواجهة كل مظاهر الفساد والإغتناء غير المشروع على حساب جراح بسطاء الشعب.