الجزائر - تونس مؤشّرات قويّة ترجّح انتعاش التّعاون الثّنائي المجلس الاقتصادي يسعى إلى توسيع نشاطه بشمال إفريقيا تجمع الجزائروتونس محطات ومواقف سجلها التاريخ وحفظتها الذاكرة، علاقات قوية مكّنت الدولتين الشقيقتين اللتين تتقاسمان وجهات النظر والرؤى فيما يخص مستقبلهما الاقتصادي وعلاقتهما بمجمل القضايا التي تطرحها الساحة الدولية، حيث تصب جميعها حول ضرورة تكثيف الجهود وتوحيد الرؤى واستغلال المعطيات الاقتصادية المطروحة بما فيها حتمية التعاون جنوب-جنوب، وتمّ مؤخرا إبرام 26 اتفاقية تعاون وشراكة خلال اللجنة المشتركة الكبرى الجزائريةالتونسية في دورتها 22، تؤسّس جميعها لمقاربة تنمية وخارطة طريق توجّهها بوصلة إفريقية بامتياز، وتعاون بيني يجعل المصلحة القارية، سياسية كانت أواقتصادية، على رأس الأوليات. تحدّث رئيس المجلس التنفيذي للمجلس الاقتصادي الجزائريالتونسي، منير روبعي، في اتصال ل "الشعب"، بتفاؤل كبير عن مستقبل العلاقات الاقتصادية الجزائرية-التونسية، وفرص توسيعها نحو العمق الإفريقي في إطار مقاربة قارية بينية تلتف حولها كل البلدان الإفريقية، مثمّنا مخرجات اجتماع اللجنة المشتركة الكبرى الجزائريةالتونسية في دورتها 22، المنعقدة أوائل الشهر الجاري بالجزائر بحضور رئيس الحكومة التونسي، حيث يرى منير روبعي أنّ توفر مناخ استثماري ملائم، جد محفز في المرحلة الحالية لصياغة شراكات منتجة وإبرام صفقات مربحة بين الجزائروتونس، وإعطاء دفع جديد للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الشقيقتين وبين المتعاملين الاقتصاديين للبلدين، بمباركة ودعم من الحكومتين الجزائريةوالتونسية، خاصة وأن مجمل الإصلاحات التي عرفتها المنظومة التشريعية بالجزائر - يقول المتحدث - بداية من اعتماد قانون استثمار جديد يضمن الاستقرار والأمان التشريعي لمدة لا يقل عن 10 سنوات، ثم تكملته بقانون جديد للصفقات العمومية لخلق تناسق تنظيمي بين مختلف القوانين الجديدة، بهدف تفادي كل ما يمكن أن يعيق تجسيد المشاريع الاستثمارية. وفي هذه النقطة تحديدا، ذكّر روبعي بالقرارات الصارمة التي اتّخذها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والجهود التي بذلتها الدّولة من أجل كبح البيروقراطية بما أنها عائق رئيسي يقف أمام حركية التجارة الخارجية الجزائرية. منجزات وفرص عن فرص التعاون والتكامل الاقتصادي المطروحة على الساحة الاقتصادية، سواء الإقليمية أوالثنائية بين الجزائروتونس، قال روبعي إن جملة الإصلاحات التنظيمية السالفة الذكر، جعلت مناخ الاستثمار ببلادنا يعرف انتعاشا تاريخيا، تدعمه في ذلك مساعي الجزائر للانخراط بكل ثقلها كفاعل إقليمي في المقاربة الإقليمية الإفريقية، من خلال إبرامها لاتفاقية منطقة التجارة الإفريقية الحرة "زليكاف"، التي تتمخّض عنها العديد من المزايا الاقتصادية على غرار تطوير المنشآت القاعدية والبنى التحتية على رأسها الطريق العابر للصحراء، وإنشاء معابر حدودية اقتصادية. من جهة أخرى، اعتبر رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي الجزائري-التونسي، المشاريع المشتركة بين البلدين كاستثمار مباشر، والتي بلغ عددها 42 مشروعا تمّ تجسيد 38 منها، وارتفاع المبادلات التجارية الثنائية إلى 54 % خلال 7 أشهر الأخير - حسب تصريح رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن - مؤشرا قويا لتعزيز الشراكة الثنائية، كما سيساهم إتمام الشطر الأخير من الطريق السيار الذرعان - تونس، في تسهيل حركة المبادلات التجارية بين البلدين، وفتح آفاق واسعة أمام المتعاملين الاقتصاديين الراغبين في الاستثمار، مؤكدا على أهمية البنى التحتية وشبكة الطرقات البرية والبحرية في تسهيل المهمة الاقتصادية التي تقوم بها مختلف الهيئات والمنظمات الاقتصادية، في محاولة منها لمرافقة وتجسيد الاستراتيجية الاقتصادية التي رسم معالمها رئيس الجمهورية، والتفت حولها كل المنظمات الاقتصادية بروح وطنية تضع المصلحة العليا للبلاد على رأس الأولويات، بعيدا عن ثقافة الريع وفوضى الأسواق الاقتصادية القائمة على المنفعة الشخصية. التّوسّع إلى دول شمال إفريقيا بالحديث عن المنظمات والهيئات الاقتصادية التي تعوّل عليها السلطات العمومية في مرافقة الاقتصاد الوطني، تحدّث منير روبعي، من خلال لمحة عن الأرضية التي تمّ التحضير لها منذ 2020، حيث توّجت بالإعلان عن ميلاد المجلس الاقتصادي الجزائري - التونسي، بعد سلسلة من الاجتماعات والمحادثات، خلصت مخرجاتها إلى إنشاء مجلس اقتصادي مشترك بين البلدين، مهمته الأساسية خلق مناخ عمل ملائم للمؤسسات الاقتصادية الخاصة من كلا البلدين، وآفاقه المستقبلية توسيع نشاطه لدول شمال إفريقيا. وفي هذا الإطار - تابع المتحدث - أنشئت لجنة من الجانبين لوضع الأطر القانونية المسيرة له، وتم إمضاء الاتفاقية المشتركة والقانون الأساسي للمجلس في العاصمة التونسية، في أوت 2022، ومما جاء ضمن بنود هذا الأخير، تسيير المجلس الاقتصادي الجزائريالتونسي من طرف المكتب التنفيذي ومقره الجزائر العاصمة برئاسة الجانب الجزائري. بالمقابل، يتم تقاسم المناصب مناصفة مع الجانب التونسي، في حين أسندت رئاسة المجلس الاقتصادي إلى الجانب التونسي، ومقره بتونس، على أن يتم تقاسم عدد الأعضاء مناصفة مع الجانب الجزائري، وأضاف روبعي أن الاجتماعات التحضيرية السالفة الذكر، عرفت آنذاك مشاركة وفد هام من المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية يترأّسه المتحدث إلى جانب وفد من رجال الأعمال وخبراء جزائريين. مجلس اقتصادي يعكس مستوى العلاقات بين البلدين اعتبر منير روبعي ما تمّ تجسيده من خلال الإعلان عن مجلس اقتصادي جزائري - تونسي، ترجمة وتتويجا للمستوى الممتاز الذي بلغته العلاقات السياسية بين البلدين بحرص موصول من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون وأخيه الرئيس التونسي السيد قيس سعيد، وما يبذلانه من جهد لتطوير العلاقات وتحقيق ما يهدف إليه الشعبان الشقيقان، حيث يمثل المجلس فرصة لتقييم التعاون الثنائي ورسم الآفاق المستقبلية، بالنظر إلى ما يربط البلدين والشعبين من علاقات تاريخية، تجسدت من خلال العديد من المحطات النضالية المشتركة التي خاضتها الجزائروتونس في معركة التحرير الوطني، وبعد استقلال البلدين، وبالنظر لما تعرفه المنطقة وما يعرفه العالم من تحولات جيوسياسية واقتصادية، تفرض الثبات على المواقف السياسية المشتركة، والإسراع في وضع أسس اندماج اقتصادي حقيقي بين البلدين. وكانت الاجتماعات المنعقدة شهر أوت المنصرم، بمشاركة وفد كبير من رجال الأعمال من البلدين، آخر منعرج، انتهى إلى تنصيب المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي الجزائريالتونسي في العاصمة التونسية تحت إشراف وزير الصناعة والتخطيط التونسي، وبحضور إطارات سامية من كل القطاعات الوزارية التونسية ورؤساء عدة هيئات اقتصادية وبنوك تونسية وأعضاء السلك الدبلوماسي بالجزائر في تونس، أين تم انتخاب منير روبعي، رئيسا للمجلس الاقتصادي الجزائريالتونسي. وأكّد محدّثنا على العمل من خلال المجلس الاقتصادي بالتنسيق مع شركائنا في تونس، على بذل كل الجهود من أجل تجسيد اندماج اقتصادي جزائري تونسي خاصة ما تعلق بالولايات الحدودية، ومواصلة الدفاع عن مصالح البلدين على مستوى كل التظاهرات الاقتصادية في العالم. ومن بين أهداف المجلس، إنشاء منتدى اقتصادي مشترك ينعقد مرة كل سنة وبالتداول بين البلدين، يكون الإطار الأمثل للمناقشة كلما يتعلق بالعمل الاقتصادي المشترك وضبط استراتيجيات العمل في مجال الاستثمار. كما كشف روبعي عن طموح المجلس إلى توسيع نطاق نشاطه لدول شمال إفريقيا من خلال تنمية شراكة بين المؤسسات الجزائريةوالتونسية مع نظيراتها الإفريقية وتسهيل انضمامها لاحقا. وفي سياق متصل، اعتبر روبعي احتضان الجزائر للدورة 22 للجنة الكبرى المشتركة الجزائريةالتونسية، تحت إشراف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، ورئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني، بداية لعهد جديد في العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وبين المتعاملين والمستثمرين الجزائريين وأشقائهم التونسيين، حيث تضمّنت أشغال المنتدى عدة لقاءات ثنائية مع منظمات أرباب العمل التونسية، تم خلالها مناقشة تكثيف العمل المشترك في البلدين من خلال المجلس الاقتصادي الجزائريالتونسي، كما تمّ الاتفاق على إنشاء منصة رقمية للمنتجات الجزائريةوالتونسية وإنشاء فضاء للمستثمرين والشركات لتبادل المعلومات. قويعة: المجلس فرصة لتبادل الخبرات الاقتصادية من جهته، استبشر رئيس المنظمة الوطنية لرواد الأعمال ياسين قويعة، بمخرجات المبادرة المشتركة بين منظمنته والمنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية بالجزائر، التي خلصت إلى الإعلان عن ميلاد المجلس الاقتصادي الجزائري - التونسي في 16 أوت من السنة الجارية، بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط من الجهة التونسية، وممثلين عن السلك الدبلوماسي الجزائري، بالإضافة إلى وفد من رجال الأعمال، حيث أوضح قويعة أن هذه الاتفاقية تندرج في إطار دفع الشراكة بين الفاعلين في مجال تطوير التعاون الاقتصادي بين الجزائروتونس، ومرافقة رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة في البلدين. أهداف من الممكن تجسيدها من خلال تطوير التبادلات التجارية بين الدولتين وتنميتها وتبادل الخبرات الاقتصادية، بالإضافة إلى المرافقة الفنية للمؤسسات الاقتصادية وخصوصا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، كما شدد المتحدث على ضرورة مساعدة رواد الأعمال وأصحاب المهن الصغرى من البلدين، في عملية البحث عن موردين لتصدير منتجاتهم وخدماتهم من خلال تقديم استشارات ودراسات جدوى حسب الميادين لدخول الأسواق الخارجية بصفة دائمة، وتمكينهم من الحصول على شركاء للمشاريع المبرمج إنجازها على مستوى البلدين، والتي حظيت بموافقة المجلس مسبقا. وبالمناسبة، قدّم رئيس المنظمة الوطنية لرواد الأعمال التونسية، لمحة عن نشاط منظمته التي تم إنشاؤها سنة 2020، في سياق صعب بالنسبة لرجال الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في أعقاب أزمة جائحة كورونا، حيث تساهم ذات المنظمة باعتبارها جزءا لا يتجزّأ من المجتمع المدني في دعم ومناصرة القطاع الخاص، بهدف تطوير بيئة ملائمة للنمو الاقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي، من خلال هياكل المنظمة من مكتب تنفيذي ومكاتب جهوية متواجدة في مختلف الولاياتالتونسية، والعديد من اللجان المتخصصة الصعيدين الوطني والدولي. كما تسعى المنظمة الوطنية لروّاد الأعمال إلى تحقيق جملة من الأهداف أهمها، تجميع وتمتين العلاقات بين رواد الأعمال، المساهمة في تطوير الاقتصاد الرقمي والاجتماعي والتضامني، والتشجيع على تكريس مفاهيم حوكمة المؤسسات وممارسة الإدارة الرشيدة، كما تؤدي دورا مهما في تقييم دور مؤسسات الدولة على مستوى قطاع ريادة الأعمال وتقديم مقترحات لتحسين أدائها، إضافة إلى دورها في المساهمة في تنظيم القطاعات الاقتصادية المهمّشة، وجعلها فاعلة في الدورة الاقتصادية.