تعزّز قطاع التكوين المهني والتمهين في الجزائر، بالموسم الجديد أكتوبر 2023، بتخصصات تقنية ومهنية نوعية، أدرجت لأول مرّة بالمنظومة البيداغوجية التكوينية، تماشياً مع برامج الإنعاش التنموي والإقتصادي الوطني، وخطط تطوير الميادين الإنتاجية والخدميّة الداخلية. انطلق الدخول التكويني للدورة الخريفية الحالية، مفعماً بالإيجابية، وبنسق أكثر اندماجا في بنية الاقتصاد الوطني، إثر اتخاذ إجراءات بيداغوجية هامة، هادفة إلى مرافقة القطاعات الوطنية الداخلية عبر إعداد كوادر تقنية ومهنية شبانية بفضاء المؤسسة التكوينية، سيعوّل عليها مستقبلا في تسيير المنشآت القاعدية التي يجري تنفيذها وإنجازها بولايات الوطن. وعلى غرار ما تحتويه مدونة قطاع التكوين المهني التي تناهز 500 تخصص، برمجت الوزارة الوصية خلال هذا الموسم، عدّة تخصصات جديدة منسجمة مع متطلبات التجديد الإقتصادي ساري المفعول، مثل تحلية مياه البحر وكهرباء السكك الحديدية وميكانيك القطارات وغيرها من التخصصات المتصلة بالمهن المستحدثة والمطلوبة في سوق الشغل. مكاسب هيكلية وبيداغوجية وقال رئيس المركز الجزائري للدراسات الإقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، ياسين عبيدات، أن الدولة بذلت جهودا معتبرة، ووفرت إمكانيات كبيرة لتطوير قطاع التكوين والتعليم المهنيين سواء من حيث الهياكل بإنجاز منشآت ومرافق أو بيداغوجيا بإتاحة أكثر من 500 ألف مقعد يتلقون تكوينا في مئات التخصصات المهنية. وكشف عبيدات في تصريح خصّ به "الشعب"، أن منظومة التكوين في الجزائر تتمتع بإطار قانوني يتضمن آليات لمرافقة الطلبة المتربصين قبل وأثناء وبعد عملية التكوين، بالإضافة إلى هيئات عمومية مخصصة للتمويل والدعم. وفي ظلّ هذه المعطيات، أشار محدثنا إلى أهمية العمل على تغيير النظرة الدونية للقطاع، ومواجهة ظاهرة عزوف المترشحين عن التكوين، وفتح المنظومة لجميع شرائح المجتمع بغض النظر عن السن، وتطبيق فكرة البكالوريا المهنية، تعزيز استقلالية مؤسسات القطاع لتمكينها من موارد ذاتية متأتية من التكوين المستمر، ناهيك عن فرض الشراكة بين المراكز التكوينية والمؤسسات والشركات الإقتصادية. مسايرة التحولات الإقتصادية أوضح ياسين عبيدات، أنّ التحديات الإقتصادية والتنموية في حاضرنا، تتطلّب اعتماد مقاربات تكوينية جديدة، وتطوير مستوى الكفاءات، بغية مسايرة التحولات المستجدة والاستجابة لاحتياجات سوق الشغل، ومواكبة تجسيد المشاريع الإستراتيجية الكبرى للسلطات العمومية التي تراهن عليها من أجل تحقيق إقلاع اقتصادي وإنتاج وطني داخلي مدر للثروة، بعيدا عن مشكل الارتباط بالريع البترولي. ولفت ياسين، إلى أنّ متطلبات سوق العمل تفرض مواصلة دراسة وضعيته الراهنة، وتحديد تخصّصات تكوينية جديدة متوائمة معه، بهدف توفير يد عاملة مؤهلة حسب خصوصية كل منطقة وإقليم وقطاع. وأعطى المختص، ذاته أمثلة عن القطاعات الواعدة التي تتطلّب يد عاملة مؤهلة وفقا لاحتياجات سوق العمل حاليا ومستقبليا، على غرار تحلية مياه البحر الذي أدرج كتخصص بمنظومة التكوين بداية من هذا الموسم، الطاقات المتجدّدة كالهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، مجالات الأمن الغذائي كالزراعات الإستراتيجية الواسعة وتربية المائيات، إنشاء المشاتل وتحويل المنتجات الغذائية، المناجم والمحاجر، فضلاً عن متطلبات القطاع الصناعي ومنها صناعة السيارات والسفن والحرف والصناعات التقليدية والإنتاج الصيدلاني والسكك الحديدية وغيرها من القطاعات الحيوية المنتجة والمحركة للإقتصاد الوطني بصفة عامة. انفتاح على العالم الخارجي واقترح رئيس المركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، ياسين عبيدات، اتخاذ خطوات من شأنها تسهيل انفتاح القطاع على العالم الخارجي قصد تعزيز مكانته، وترقية أفاق التعاون والشراكة مع الأجانب للإستفادة من التجارب الدولية الناجحة خاصة مع الدول الصديقة، مثل إبرام اتفاقيات للقيام بتربصات تطبيقية للمكونين والمتكونين في مجال تحلية مياه البحر مع المملكة العربية السعودية وفي صناعة السيارات مع إيطاليا. وعلاوة على ذلك، نوّه عبيدات بضرورة فتح المجال أمام المساهمة في تكوين المتمدرسين والمتكونين من الدول الإفريقية والعربية، والعمل على عقد اتفاقيات دولية لتصدير العمالة الوطنية المتخرجة من مراكز ومعاهد التكوين المهني، وكذا تشجيع المستثمرين الجزائريين على استحداث وإنشاء مؤسسات تكوين مهني في قارة إفريقيا.