يسدل الستار اليوم على معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته ال26 الذي أقيم تحت شعار "إفريقيا تكتب مستقبلها"، واحتضن غزة الجريحة وحمل قضية الشعب الفلسطيني في كل زاوية وركن وفي كل قلب وفكر.. "الشعب" التي شاركت وواكبت أحداث ومحطات المعرض رصدت بعض الجوانب منه التي قدمت هي الأخرى قيمة مضافة لعرس الكتاب السنوي. أصبح صالون الجزائر للكتاب قبلة للقراء والناشرين والأدباء والمؤلفين من كل صوب ومن مختلف الأعمار والأجناس، يقصدونه لاقتناء بعض العناوين أو للقاء كتابهم المفضلين أو لمجرد التنزه وأخد صور للذكرى.. وإن شكلت أجنحة الناشرين وفضاءات الأنشطة الفكرية والمحاضرات النواة الرئيسة للتظاهرة الكبيرة، تبقى الأنشطة الموازية الأخرى تكملة لها. شهد المعرض هذه السنة مشاركة الهلال الأحمر الجزائري وترويجه لكتيبات ومنشورات حول السلامة والصحة والوقاية من الحوادث وأيضا حملته التحسيسية ضد السرطان، كما سجل المعرض حضور "قناة إذاعة إفريقيا" التي أعطى طاقمها المكون من عدة جنسيات دليلا قويا على قدرة الأفارقة على التعاون والشراكة من أجل المصلحة العامة. وقد ميز جناح إذاعة إفريقيا أف أم الديكور الجميل المستوحى من ثقافة كينيا العريقة.. كتب علمية وأدبية بأسعار في متناول الطالب يعتبر الكتاب الجامعي من بين الإصدارات التي يكثر عليها الطلب خلال معرض سيلا، حيث يقصد جناح الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية زوار مميزين يجمع بينهم التعليم العالي والبحث العلمي، وقد كشف بوشريط أمين المدير الجهوي للديوان الوطني للمطبوعات الجامعية وسط أن مشاركة الديوان في الطبعة 26 من الصالون الدولي للكتاب كانت ب1200 عنوان ما يعادل 10 ألاف نسخة، منهم 43 عنوانا جديدا و39 إعادة طبع.. وقدمت هذه الكتب الورقية للبيع وفق بوشريط بأسعار مدروسة في متناول القدرة الشرائية للطالب، ولقد سجلنا خلال هذه الطبعة من سيلا إقبالا كبيرا كالعادة للطلاب والباحثين على الكتاب العلمي والأكاديمي والأدبي والتاريخي.. وأضاف ذات المسؤول قائلا: "نحن نسهر على التواصل المستمر مع الطلبة والباحثين من خلال المنصة الرقمية "اقرا" وأيضا من خلال تواجدنا على مواقع التواصل الاجتماعي، كون معظم الكتاب والأساتذة موجودون هناك، وأشار أيضا إلى "عمليات الترويج لهذه المنصة على مستوى 112 مؤسسة جامعية فيما يتم تسويق مباشرة منتوجاتنا وكتبنا الرقمية ل55 مؤسسة جامعية. وأكد بوشريط أنه يتم تسجيل إقبال كبير على المكتبة الرقمية، خاصه من قبل طلبة الماستر والدكتوراه، مضيفا أن "المكتبة الرقمية تحتوي اليوم على 3855 عنوان من جميع التخصصات الأدبية والعلمية، منها 53 عنوانا جديدا هذه السنة". سيلا في قلب السياحة المحلية والثقافية شكل صالون الجزائر الدولي للكتاب مناسبة قيمة للعديد من المهنيين والحرفيين الذين وجدوا في الطبعة 26 فرصة للالتقاء بجمهور غفير من خلال معرض الصناعات التقليدية والحرف الذي تربع على مساحة هامة. الساحة الكبرى لقصر المعارض الصنوبر البحري، خيم بيضاء منصوبة هنا وهناك، يعرض أصحابها من حرفيين جزائريين وأفارقة أعمالهم من خزف فني وجلود ونحاس ونسيج وحلي ومستحضرات التجميل التقليدية وغيرها.. وقد برهنت التجربة هذه السنة أنه يمكن لصالون الكتاب أن يجمع بين صناعة الكتاب والعديد من الحرف الأخرى التي قد تشكل إحدى دعائم السياحة التقليدية المحلية والثقافية في الجزائر. على ذكر السياحة الثقافية شكل الصالون الدولي للكتاب هذه السنة وجهة للكثير من وكالات الأسفار والسياحة، وكذا المجموعات المتخصصة في تنظيم الرحلات والجوالات الداخلية، وقد عمدت الكثير منها إلى تنظيم رحلات قصيرة إلى العاصمة عامة وإلى قصر المعارض خاصة، مفتوحة خصيصا للقراء والكتاب والجمعيات الثقافية. وكالعادة شكلت مختلف وسائل التواصل الاجتماعي منصة إشهار لهذه الرحلات الثقافية التي لاقت تجاوبا كبيرا، لاسيما وأنها تزامنت وعطلة الخريف المدرسية. مشروع منصّة رقمية للكتاب العربي عرف صالون الجزائر الدولي للكتاب مشاركة قوية للناشرين العرب، حيث جعل غالبيتهم منه موعدا قارا في أجندتهم السنوية الخاصة بالمعارض خارج أوطانهم، كونها توفر لهم طيلة عشرة أيام من الزمن فرصة من ذهب للقاء جمهور القراء الجزائريين. وفي تصريح ل«الشعب" قال غسان حسين صاحب "دار غيداء للنشر والتوزيع" الأردني أن "مشاركتهم في الصالون أصبحت مشاركة أكبر وأعلى من سنة لأخرى، حيث أن هناك ترابط كبير بين الجزائر والأردن في الثقافة والعلم ولأن الناشرين الأردنيين يعرضون الكتاب الأكاديمي العلمي الموجه للطلاب والأساتذة الجامعيين. وفي إجابته عن التجربة الأردنية في مجال الكتاب الرقمي حديث الساعة تحدث الناشر عن "بعض التجارب في بلده التي تبقى ضعيفة نوعا ما، كون المنصات الإلكترونية معظمها منصات غربية"، وقال غسان حسين "لقد عملنا بمشاركة اتحاد الناشرين العرب والاتحادات المحلية من الجزائر والأردن ودول أخرى، وقدمنا مقترحات لإنشاء منصة خاصة بالكتاب الرقمي بالوطن العربي وهو الأمر الذي نسعى جاهدين إلى تجسيده على أرض الواقع". وفي سياق آخر أشار الناشر الأردني أن طبعة سيلا 2023 كانت فرصة للتعرف والاحتكاك بالمثقفين الأفارقة من كتاب وصحفيين وناشرين، الذين يحملون الكثير من الافكار الجميلة على غرار فكرة ضرورة إعادة كتابة تاريخ إفريقيا وتاريخ العرب"، وهذا المطلب يضيف، "كنا وما نزال نرافع من أجله"، وأشاد الناشر بجمهور القراء الجزائريين الذين يصنعون كل عام التميز من خلال توافدهم بالآلاف يوميا إلى المعرض، وأيضا تعطشهم إلى الكتاب وتواصلهم مع المؤلفين وحضورهم الندوات وتفاعلهم المستمر مع الآخر. وناشد غسان حسين في الأخير الحكومات العربية للإسراع في إزالة كل العوائق الجمركية المفروضة على صناعة وتسويق الكتاب، "إذا ما أردنا تطوير مجال النشر والاصدار وتوسيع رقعة المقروئية في العالم العربي، حتى يتسنى لنا أن نغرس القيم الصحيحة في الأجيال الصاعدة بالتاريخ والثقافة ومن خلال الوحدة بمنهجها الصحيح".